هناء رياض
يعرف العراقيون تماماً المعاناة التي تنتظرهم موسمياً كل ما حل فصل الصيف ، فأرتفاع درجات الحرارة التي تجاوز نصف درجة الانصهار في بعض المحافظات، شيئاً اعتادوا عليه ، ولم يعد مستغرباً لديهم ان تشير اجهزة قياس الحرارة ( الثرمومتر ) خلال ساعات الذروة الى 55 درجة مئوية وربما اكثر ..
فالعراق من الدول الحارة لانه يقع ضمن مناطق المناخ الصحراوي او شبه الصحراوي الحار والجاف ، عوضاً عن احتوائه على مناطق نفطية عديدة تتطلب عملية تكرير واحتراق مايتسبب بأرتفاع درجات حرارة الهواء الملامس لها ، كما ان العراق يتأثر بالرياح الشمالية الغربية التي تنحدر من جبال ايران شرقا والهضبة الغربية غربا مما يتسبب في تناقص رطوبته و اكتساب الهواء النازل للمزيد من حرارة الارض الناتجة عن الاشعاع الشمسي الذي يكون شبه عمودي وتصل زاوية السمت الشمسي الى 84.5 صيفا، وكذلك تتأثر احيانا بموجات من الرطوبة (المرهقة) وكتل مدارية بحرية عند تحول الرياح جنوبية شرقية محملة بالرطوبة من مياة الخليج العربي”.
كل تلك العوامل الطبيعية ناهيك عن تناقص نسبة المياه في نهري دجلة والفرات وروافدهما حد الجفاف والتيبس في بعض تلك الروافد ، وتداعيات تلك الشحة بتناقص المساحات الخضراء ، عوضاً عن الزيادة السكانية المصاحبة لزيادة اعداد السيارات والطرق وزحف المدن والبنايات على القرى والارياف ، كل ذلك ادى لزيادة لاترحم في درجات الحرارة خلال السنوات الاخيرة من فصل الصيف ..
الطاقة الكهربائية تؤثر وتتأثر بدرجات الحرارة ..
وبالرغم من ان وزارة الكهرباء كانت قد اعدت خطة لتحسين واقع الكهرباء خلال موسم الصيف الحالي ، حسب تصريحاتها المتعددة عبر رفع الانتاج الى 24 الف ميغا واط، رغم الحاجة لـ35 الف ميغا واط ، الا ان تلك التصريحات ذهبت ادراج الرياح كسابقاتها بمجرد دخول الصيف شهر تموز وهو احد شهري ذروة الصيف مع شهر آب ..
ففي ايار الماضي وعد المتحدث بأسم الوزارة احمد موسى ان تجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين خلال فصل الصيف الحالي، سيكون جيدا وافضل من الأعوام السابقة بكثير مؤكداً ان التجهيز سيكون على مدار اليوم ولجميع المحافظات ، وفيما لمس المواطنون العراقيون خلال الشهرين الماضيين تجهيزا جيدا للطاقة الكهربائية الامر الذي ادى لتخفيض سعر الامبير في المولدات الى 10 الاف دينار فقط في بغداد للتشغيل الذهبي، الا انه سرعان ماتراجع التجهيز خلال شهر تموز وارتفاع درجات الحرارة العظمى وزيادة الاحمال وضعف مقاومة المحطات والمحولات الكهربائية التي تفقد جزءا من كفائتها مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف ، ناهيك عن انخفاض الغاز المورد من ايران الى أكثر من النصف ما ادى لتوقف وتأثر 12 محطة كهربائية في البلاد بسبب هذا الانخفاض بالغاز المورد، حتى بات التجهيز شبه معدوم في كثير من المناطق والمحافظات ، وهذا مازاد معاناة المواطنين بشكل كبير ..
حرارة الصيف تزيد من استهلاك البنزين
كشفت لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعيَّة في مجلس النواب مؤخراً ، عن أنَّ العراق يحرق ما يقارب ربع مليون برميل يومياً من البنزين في ذروة فصل الصيف.
وقال عضو اللجنة كاظم الطوكي، إنَّ الكمية تتوزع ما بين وقود خام وزيت وقود وزيت غاز .
ولفت إلى أنَّ “دخول السيارات إلى البلاد تعدى النمو الطبيعي وهذا ما أثر في سد الحاجة للاستهلاك اليومي، مشيراً إلى أنَّ العراق “سيحتاج إلى 40 مليون لتر بنزين يومياً بحلول العام 2035، بعد أن بلغ استهلاكه حتى الآن 28 مليون لتر يومياً من البنزين ما يتطلب إنشاء وتطوير العديد من المصافي لسد الحاجة الحالية والمستقبلية”، وفقا للصحيفة الرسمية..
وتشير آخر احصائية رسمية لوزارة التخطيط العراقية الى ان اعداد السيارات في العراق جاوز ال 7 ملايين سيارة ، شكلت ضغطاً على طلب توفير المحروقات وخصوصاً البنزين خصوصاً خلال ارتفاع درجات الحرارة نتيجة لتشغيل مبردات الهواء مايتطلب استهلاكاً اكثر للمحروقات , عوضاً عن الزحامات التي تسببها زيادة اعداد السيارات والتي تؤدي كذلك لزيادة الاستهلاك للمحروقات خلال اوقات الانتظار في الشوارع المزدحمة
فصل الصيف والكارثة المائية
ولأن ارتفاع الحرارة يتطلب توفير واستهلاك كميات اكبر من المياه ، فأن معاناة المواطن العراقي تكون مضاعفة بسبب شحة المياه وقلة التجهيز في بعض المحافظات وخصوصاً الجنوبية .
فأغلب اجهزة التبريد لدى العوائل تتطلب الماء لتشغيلها ، وحرارة الاجواء تتطلب الاستحمام الدائم ، وزيادة الايام المغبرة والمتربة بسبب قلة الغطاء النباتي تتطلب الكثير من المياه لتنظيف اثارها في كل بيت عراقي , وكل تلك المتطلبات والحاجات الضرورية التي تعتمد على المياه تشكل عبئاً على وزارة الموارد المائية لأجل توفير الكميات الكافية من حاجة المواطن للمياه , وهو ما حذى بالمسؤولين ولأكثر من مرة بتوجيه المواطن نحو الترشيد بأستخدام المياه عوضأ عن اتخاذها اجراءات صارمة ضد المخالفين لشروط الاستخدام الصحيح للمياه وغلق الكثير من مزارع واحواض تربية الاسماك غير المرخصة ومعاقبة المتجاوزين على مياه الاراضي الزراعية ..
الصيف وانتشار الامراض
الكثير من الامراض تتعلق بأرتفاع درجات الحرارة وتنتشر في فصل الصيف بشكل كبير , وفي العراق فأن امراض الاجهزة التنفسية مع زيادة وتيرة العواصف الترابية التي تنشط خلال الصيف ، تشكل اكثر الحالات التي تحرج الكوادر الصحية وتستدعيها لفرض حالة الطوارئ في تلك الايام المتربة حيث اعلن المتحدث بأسم الوزارة سيف البدر خلال آخر عاصفة ترابية شهدها العراق ، بأن المستشفيات الحكومية استقبلت أكثر من 500 شخص يعانون الاختناق..
اما مرض الحمى النزفية والذي شكل خلال الشهرين الماضيين وحتى اليوم حالة من القلق بين الاهالي نتيجة انتشاره وتسببه بوفاة العشرات وخصوصاً في محافظات الوسط والجنوب ، فأنه استأثر على اهتمام كبير من قبل كوادر الصحة البيطرية التي دعت المواطنين لأتخاذ التدابير الوقائية في عملية ذبح المواشي وعدم شراء اللحوم من المجازر غير المرخصة , مؤكدين ان ارتفاع درجات الحرارة يتسبب بأنتشار العدوى بين المواشي وبالتالي زيادة فرص انتقالها الى البشر ..
يوميات عراقية في فصل الصيف