الكاتب.. مازن صاحب
يختلف تقييم المنهاج الوزاري للحكومات العراقية عن غيرها من حكومات دول العالم .. محل الاختلاف الجوهري ان هذه الحكومة حاصل قسمة تضارب المصالح الإقليمية والدولية في مركب تحالف برلماني لاحزاب ما زالت تتعامل مع اجندات بالوكالة ..تجسدها احزاب الاسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد فضلا عن نموذج الاحزاب الانفصالية التي لا تعترف بسيادة عراق واحد وطن الجميع.يتطابق هذا التشخيص مع جميع الحكومات ما بعد قرار مجلس الامن الدولي باحتلال العراق فأصبحت مجرد نموذج متجدد لحكومة ( فيشي) الفرنسية بعد الاحتلال النازي.. عليه لا يمكن لفرقاء العملية السياسية المختلفين فكريا ..العاملين بالوكالة عن اجندات إقليمية ودولية الحديث عن معايير حكم رشيد وتنمية سياسية ومجتمعية واقتصادية مستدامة .. وانعكاس كل ذلك على المنهاج الوزاري لحكومة السيد السوداني تجعل من اي حديث عن تقييم وتقويم ما يمكن وضعه في خانة الإنجاز مجرد امال واسعة الآفاق تستثمر ميول دولية واقليمية للاستقرار في الشرق الأوسط الكبير..ولعل( طريق التنمية ) ابرز معالم هذا الإنجاز بالامال المرتقبة.. فيما وقائع الامور ما زالت وستبقى محاولات حثيثة للخروج من الغطاء الثقيل لتضارب نظام المحاصصة وثقافة المكونات..التي تجعل السيد السوداني ومن قبله كل رؤساء ااحكومات السابقة ومن بعده من سيكون في هذا المنصب امام استحقاق الالتزام والامتثال لمواقف الاقوى سياسيا والأكبر في الحصة البرلمانية.. ناهيك عن السلاح المنفلت والمال السياسي المنهوب!!
هكذا تظهر جملة حقائق عن المنهاج الوزاري لحكومة السيد السوداني بانها ما زالت غير قادرة على ضبط سعر ( الدولار الاسود) في السوق مقابل استمرار نزيف ( الدولار الأبيض ) في مزاد العملة!!
ومع كثرة صخب الحديث عن الانجازات فان المواطن العراقي لم يلمس في مفردات المعيشة اليومية اي من هذه الانجازات ..سواء في القطاع الاقتصادي ومنه سلة البطاقه التموينية او استقرار الطاقة الكهربائية التي تحولت بفعل تهالك شبكة التوزيع الى لعنة بدلا من نعمة في أيام الصيف القائظ!!
وايضا لم يلمس المواطن اي تطور في الخدمة الصحية فما زالت المشافي الحكومية غير قادرة على الاتيان بابتكارات نوعية تخفف عن ثقل فاتورة العلاج لاسيما للأمراض المزمنة التي يواجهها المتقاعدين كشريحة اجتماعية محدودة الدخل من كبار السن .في المقابل ..لا تبدو هناك اية اخبار عن التعديل الوزاري الموعود .. كما لا تتوفر غير أسماك صغيرة في شبكة مكافحة الفساد وبات انضمام العراق لاتفاقات جديدة منها مؤسسات الاستخبارات المالية الدولية مجرد محاولات لتلبية مطالب الفيدرالي الأميركي!!
وعلى ذات المنوال ..تبدو الايام تمضي والاتفاقات السياسية التي تضمنها المنهاج الوزاري في غياهب الاختلاف الجوهري بين فرقاء تحالف إدارة الدولة ..فلا صلاة عيد في جرف الصخر .. والاختلافات بين اربيل وبغداد تؤكد وجود دولتين بدلا من دولة واحدة !!
واذا كانت هناك لجنة برلمانية مهمتها مراقبة الأداء الوظيفي للجهاز الحكومي.. فلا شفافية في الكشف عن تقارير تقييم هذا الأداء مثله مثل الفشل في شفافية الكشف عن تقارير تحقيقات هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وكلاهما مكلف دستوريا بالكشف عن الفساد !!
فما زالت مواقع التواصل الاجتماعي تتداول سرقة القرن .. وما زالت الكثير من التساؤلات( الوقحة) تلاحق فقرات في قانون الموازنة الجديد لعل ابرزها إطفاء السلف الحكومية وتعدد محاور الحديث عنها من دون اي توضيح حكومي عن تلك الأرقام المفزعة لقيمة هذه السلف المطلوب اطقاؤها بترليونات الدنانير !!
كل ذلك يجعل شخص السيد السوداني لا يحسد على هذا الإرث الذي وضع على طاولة حكومته.. والتحديات التي يواجهها لادارة حكومة أزمات وليس حكومة بناء دولة مدنية عصرية متجددة.اعتقد بات مطلوبا من مراكز التفكير العراقية والفعاليات السياسية المجتمعية والاقتصادية البحث في ابتكارات نوعية تجبر الفجوات بين الاجندات الحزبية في معادلة صفرية تمكن السيد السوداني او من سيكون بعده في هذا المنصب من إدارة الجهاز الحكومي بأقل تكاليف الأثقال الحزبية .. من دون التوصل الى مصفوفة حلول موضوعية ..سيبقى اي تقييم او تقويم لهذه الحكومة او غيرها مجرد هواء في شبك تلك الاجندات الحزبية المتعارضة .. كما ستبقى مجرد حكومة تحت إدارة الاحتلال الامريكي وشركاه للعراق.. وكلا الحالين تجعل من القرار الحكومي لا ينطلق من سيادة عراق واحد وطن الجميع بل من رغبات إقليمية ودولية..وادوار امراء الطوائف السياسية لغرناطة بغداد …ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!
وفق صحيفة الدستور