شهدت الثروة السمكية في العراق تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة بعد أن كان إنتاجها وفيرا، حتى بلغت نسبة مساهمتها في خزينة الدولة نحو 25% من الناتج المحلي وفقا لبيانات سابقة.
شح المياه وما لحقه من ارتفاع الملوحة وغياب الدعم الحكومي والاصطياد الجائر واستخدام وسائل صيد بدائية أدى إلى تراجع كبير في إنتاج الأسماك حتى باتت مهددة بالتلاشي.
تنتشر في مياه العراق أنواع عدة من الأسماك، أبرزها الكارب والكراف والسلفر والكطان والبني والشبوط وغيرها، وتتراوح أسعارها بين 3.8 دولارات و12.7 دولارا للكيلوغرام الواحد.
وتؤثر الأزمة المائية التي يعاني منها العراق منذ سنوات بشكل مباشر على الثروة السمكية، وهذا ما هدد واقع الكثير من بحيرات الأسماك، ومنها الواقعة على حواف الأنهر، لتوقف على إثرها وزارة الموارد المائية في عام 2021 منح إجازات (تراخيص) البحيرات أو الأحواض العائمة بسبب الشح المائي.
ومازاد الطين بلة والأزمة تعقيدا، هو وجود آلاف من البحيرات الاصطناعية في ضفاف الأنهار، في عدد من محافظات العراق، والغرض منها الحصول على الأسماك، ما يهدد بانقراض هذه الثروة.
ومؤخراً أعلنت الحكومة العراقية عن خطة لغرض هدم البحيرات الاصطناعية بالكامل، للحفاظ على الثروة السمكية وعدم السماح بالتجاوز عليها.
وأعلن مهند علي عبد الله مدير الموارد المائية في ديالى عن هدم أكثر من 100 بحيرة اصطناعية في المحافظة، للحد من التجاوز المستمر على الثروة السمكية.
مؤكداً في حديث له أنه، بسبب البحيرات الاصطناعية في ديالى فقد انحسرت الثروة السمكية بحدود 40%، وأغلب هذه البحيرات تم إنشائها بطريقة غير قانونية.
وتشير المعطيات والإحصائيات الحكومية المختلفة إلى أن إنتاج العام الحالي من الأسماك سيتراجع إلى نحو 400 ألف طن أو أقل بسبب قلة الأمطار والفيروسات التي أصابت الأسماك، وهذا ما يؤيده مدير عام دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الدكتور عباس سالم حسين.
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف إن “كثيراً من بحيرات الأسماك ستتأثر بسبب الشح المائي ،وربما ستتوقف عن عملها وبالخصوص البحيرات على حافات الأنهر”، مشيراً إلى أن “هناك طرقاً بديلة لدى مربي الأسماك لتلافي هذا التأثير”.
وأضاف أن “وزارة الزراعة لا دور لها في إدارة المياه ،وهي مستهكلة للمياه، وبالتالي ما تقوله وزارة الموارد تطبقه الزراعة””.
من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية علي راضي إن “بعض أقفاص تربية الأسماك في حوضي دجلة أو الفرات متجاوز والبعض الآخر لديه إجازات”، مبيناً أن “هناك تجاوزاً على بعض الموافقات والإجازات القديمة الممنوحة”.
وأضاف راضي أن “منح الإجازات والموافقات من صلاحية وزارة الزراعة، وهذه الإجازات مبنية على أسس وضوابط ومحددات يتعلق جزء منها بالموارد المائية والجزء الآخر بوزارة البيئة”، مشيراً الى أن “وزارة الموارد عملت منذ مدة على إيقاف إجازات البحيرات أو الأحواض العائمة بسبب الشح المائي الذي تعاني منه البلاد وعدم الالتزام بالضوابط والمحددات التي تفرضها وزارات الموارد المائية أو البيئة والزراعة”.
وتابع أن “من بين ما تضمنته الحملة التي قامت بها وزارة الموارد المائية، إغلاق ومنع مصادر تغذية هذه البحيرات المتجاوزة التي تسبب هدراً للمياه وإرجاع المياه الملوثة للنهر ،وكذلك ما يتعلق بالأقفاص العائمة”، مؤكداً أن “الحملة اطلقتها وزارة الموارد المائية لمنع التجاوزات بمختلف أنواعها سواءً منح الإجازات لإنشاء البحيرات الطينية والأقفاص العائمة والمستعمرات لتربية الأسماك داخل النهر وما تسببه من تضييق لمقطع النهر وتلوث المياه بالمخلفات”.
ونوه راضي الى أن “هناك تنسيقاً مع وزارتي الزراعة والبيئة لمنع هذه التجاوزات، مع أن ردم البحيرات المتجاوزة من مسؤولية وزارة الزراعة والتنسيق مشترك في قطع مصادر تغذية هذه البحيرات من قبل كوادر وزارة الموارد المائية ودعم من الجهات الأمنية والعسكرية التي ترافق كوادرنا”، مشدداً “على أهمية تنظيم هذا القطاع وفق ضوابط ومحددات للحفاظ على الثروة الغذائية، كما أن هناك ظروف الشح المائي وليس من المعقول أن نسمح بالتجاوز بإنشاء البحيرات وهدر المياه”.
وأكد رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية عماد العصاد أن، هنالك منعاً من قبل وزارة الموارد المائية بإنشاء بحيرات جديدة أو منع إجازات تجديد، لكن يجب أن يكون هناك استعداد لدى وزارة الموارد لإدارة الملف بشكل أوضح”، مشيراً إلى أن “نهر دجلة يصله ما يقارب عشرين متراً مكعباً، والذي من المفترض أن يكون أقل مستوى بالرصد 270 متراً مكعباً إضافة إلى أنه هناك ما يقارب 20 متراً مكعباً هو إنتاج وطني يصل الى سد الموصل ما يقارب 100 أو 110 أمتار مكعبة وهذا لا يسد حاجة نهر دجلة باعتباره النهر الأكثر زراعة وتربية للأسماك”.
ولفت إلى أن “هناك مشاريع استثمارية كبيرة جدا خلال الفترة الماضية في قطاع الأسماك، وسيكون هناك تضرر كبير بسبب شح المياه”، مشيراً إلى أن “هذا التضرر سيؤثر على المستهلك العراقي، ونسمع أصوات مطالبة بفتح الاستيراد، بسبب شح الإنتاج وارتفاع الأسعار”.
نشرت هذه المادة الصحفية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr
ديار الطائي

