المسرى .. متابعات
محمد البغدادي
سنجار مدينة تقع على بعد 80 كيلومترا، غربي الموصل مركز محافظة نينوى، صاحبة المناظر الخلابة والتضاريس الجميلة، والتي تقطن بها مجموعة من مكونات الشعب العراقي، وباغلبية من المكون الديني الايزيدي، جرى عليها ما لم يجري على احد غيرها، بعد ان اجتاحها تنظيم داعش الإرهابي.
بدأ التنظيم الارهابي في 3 آب 2014 بالهجوم على مدينة سنجار لتوسيع نفوذه، وبعد دخوله المدينة بدأ التنظيم بأرتكاب المجازر ضد سكان المدينة والايزيديين ونهبوا وسرقوا وأختطفوا النساء وأخذوهم سبايا لتوزيعهم على مجرميهم .
واعتبر هذا الفعل من قبل وسائل الإعلام العالمية ابشع الصور في التاريخ العراقي، وقتل عناصر داعش حوالي 2,000 من الرجال الأيزيديين وأخذوا النساء الأيزيديات كسبايا، مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان الأيزيديين.
ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة، قتل 5,000 مدني إيزيدي خلال هجوم داعش ، حيث ادانت الأمم المتحدة الجرائم المرتكبة واعتبرت الانتهاكات التي ترتكبها جماعة داعش في العراق تصل إلى درجة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وتتضمن الإبادة الجماعية.
لن يطويها النسيان .. جرائم بشعة
ذكريات أليمة تأبى النسيان في حياة الإيزيديين وهم يستحضرون اليوم مأساة لا تمحوها الأيام من سجل الذاكرة المؤرشفة. إنه الثالث من أغسطس/آب 2014، في ذلك الصيف اللّهاب، حين اقتحمت عناصر داعش الإرهابي، سنجار ، وارتكبوا أبشع المجازر بحق رجاله ونسائه وأطفاله، حيث مارسوا القتل والخطف والاستعباد .
“إبادةٌ” دخلت الذاكرة الجماعية للشعوب من أوسع أبوابها، قبل أن تقرها المحاكم والأنظمة، لتشهد على إرهاب تنظيم حوّل حاضنات الحياة في بلدان عدة إلى طين معجون بدماء وآهات أهلها، ومأساة الإيزيديين ليست استثناء.
قصص وروايات لأهالي مخيم شاريا التابع لمدينة دهوك، وهو من بين 15 مخيما للنازحين من سنجار موجودة جميعها ضمن حدود المحافظة.
ويسكن شاريا وحده 2471 عائلة نازحة، بواقع 12889 نازحا، فيما تضم جميع المخيمات 26870 عائلة، بواقع 135646 نازحا يتحسسون الجرح الغائر كل صباح، على أمل أن تتحقق العدالة.
فقدان العائلة والأقارب
كَوري قاسم حجي، إيزيدية فقدت عشرة من عائلتها وعائلة زوجها أثناء هجوم “داعش”، على سنجار، بينهم طفلها صلاح (ست سنوات)، بعد أن اختطفه التنظيم رفقة والده حسن خضر مراد وثمانية آخرين. عاد خمسة من المختطفين حتى الآن، وبقي طفلها وزوجها وثلاثة آخرون، ولا يعرف أحد عن مصيرهم شيئا، لتعيش هذه الأم سنوات صعبة بين ألم الفقد وحيرة المصير.
وتقول لوسائل اعلامية تابعها المسرى “زوجي وابني بين المختطفين والبقية هم والد زوجي وزوجته وأخوه, عاد خمسة منهم وما زال خمسة مختطفين حتى اليوم”
وتابعت “طلبنا الوحيد استعادة مختطفينا لا نريد أي شيئ آخر.. فقط نريد أن نعرف شيئا عنهم.. لا قدر الله هل توفوا أم أحياء؟”.
الأحياء الأموات
باجو خلف حسين من مجمع تل عزيز جنوبي سنجار, يعيش في مخيم شاريا ولا يمكنه العودة لسنجار، فمنزله هناك مدمر، وجثث أقربائه لم تدفن حتى اليوم، والذكرى الأليمة تشعل قلبه.
في حديثه لوسائل الاعلام ، يتساءل حسين “كيف ننسى وحتى الآن هناك عشرة أشلاء لأبناء عمومتي في البرية لم يذهب أحد هناك ليدفنها.. كيف ننسى وعشرة جثث لأقاربي هناك؟”.
“نحن هنا حاليا والعودة صعبة لا يمكننا العودة؛ سنجار غير آمن والوضع فيه صعب ولا يوجد مكان نعود إليه كل منازلنا مدمرة لا يمكننا العودة”.
ويصف أحوال الإيزيديين “أحوالنا سيئة نحن أحياء ولكننا كمن في القبور هذه الخيم البيضاء تشبه أكفاننا”.
وخلال الحملة الدموية، عمد داعش إلى استرقاق أكثر من 6،500 من النساء والأطفال، وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350،000 في مخيمات النزوح .
وحتى اليوم، لا يزال أكثر من 120،000 ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما يعيش معظمهم بدون خدمات حيوية منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سبل العيش.
وأمس الأربعاء، اعتبرت بريطانيا، الإيزيديين، ضحايا “ممارسات إبادة” على يد تنظيم داعش.