فؤاد عثمان/ كاتب وصحفي
تمر عليَ شعبنا الذكرى السنوية 54 على مجزرة كهف دكان قل نظيرها في تاريخ البشرية، والتي تعد اول جريمة اقترفها النظام البعثي ضد شعبنا بعد مجئ هذا النظام الى الحكم في العراق، ففي 19اب /1969 وفي مخطط همجي لابادة شعبنا الكردي، اقترف النظام المباد جريمة قل نظريها في التاريخ حيث قتل ازلام النظام قبل 54 سنة، 67 مواطنا مدنيا حرقا في كهف دكان الواقع ضمن قضاء شيخان شمال محافظة الموصل، 29 منهم نساء 6 منهن حوامل و 37 طفلا من كلا الجنسين و عدد من الرجال و الشيوخ، ومن بين الضحايا رضيع لا يتجاوز عمره شهر و شيخا يتجاوز عمره 80 عاما، كما افاد شهود زاروا الكهف بعد الجريمة.
وذكر شهود عيان في المنطقة ان اهالي عدد من القرى القريبة والتابعة لقضاء شيخان لجأوا الى الكهف الذي حدثت فيه المجزرة لايجاد موطأ قدم آمن لهم في المنطقة خوفا من ازلام النظام الدموي الذي بدأ سياسة القمع والابادة ضد شعبنا بعد مجيئه الى الحكم في العراق و خوفا على ارواحهم ، الا ان ازلام النظام اضرموا النار في الكهف و قتلوا مافيه و عددهم 67 مواطنا حرقا في جريمة قل مثيلها .
ان ملف ابادة كهف دكان من بين الملفات وعددها 14 ملفا التي قدمت الى المحكمة الجنائية العراقية العليا لكن ومع الاسف لم يتم البت فيها بعد تقلص مهام هذه المحكمة ، عليه لابد من تحريك هذا الملف و الملفات التي تتوفر فيها كافة عناصر الابادة الجماعية المدونة في اللوائح الدولية المختصة منها ابادة اهالي (قرية صوريا و قرية برجيني و قرية جلمورد ) و ملفات مدرجة تحت جريمة الانفال سيئة الصيت و قصف قرى باليسان و شيخ وسانان و عسكر و كوبتبة و سيوسينان و جافايةتي وغيرها من المدن الكردستانية التي تعرضت للابادة الجماعية بغية تعريف هذه الجرائم كابادة جماعية اسوة بجرائم الانفال والقصف الكيمياوي وابادة البارزانيين والكورد الفيليين.
في الوقت الذي نحيي ذكرى شهداء كهف دكان لابد ان نؤكد على ضرورة توثيق هذه الجريمة والجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا و تدويلها و تعريفها دوليا، ومن اجل تحقيق ذلك لابد لحكومة اقليم كردستان دعوة ممثلي الدول والقنصليات و المنظمات الدولية لزيارة هذا الكهف بهدف مشاهدة اثار الجريمة من الجماجم والعظام و الهياكل العظمية للضحايا ، كما و على الحكومة الاتحادية كوريث لحكومة النظام السابق تعويض ذوي الضحايا ماديا و معنويا
و على حكومة اقليم كردستان ايضا، العمل من اجل اعادة رفات ضحايا كهف دكان ودفنهم بشكل لائق بعد اخذ نماذج من الحمض النووي DNA .
وعلى القنوات الاعلامية تسليط الضوء بشكل اوسع على هذه المجزرة عن طريق مقابلات و انتاج افلام وثائقية كي تظهر للعالم بشاعة هذه الجريمة والاستفادة من الادلة التي توثقها كجريمة ابادة دوليا و معاقبة المجرمين، كجزء من ملف التعريف و على وزارة الثقافة انتاج افلام وثائقية تظهر جرائم الابادة الجماعية لشعبنا.
من المشاهد المسأوية لجريمة كهف دكان ،ذكر الكاتب ريبوار رمضان البارزاني في احد مؤلفاته تحت عنوان ( ابادة البارزانيين في القرن العشرين) مشاهد مأساوية لجريمة كهف دكان التي تقشعر لها الابدان،حيث يرى جماجم الاطفال تحت الاحجار و عظام الام مختلطة بعظم جنينها ، وامرأة وضع جسدها على مهدي طفلها كي تحمها من الحرق، احترقا معا وبقى جثمانهما لمدة اربعين يوما بهذا المنظر المأساوي التراجيدي.
امرأة اخرى حامل رفعت المصحف الشريف و خرجت في الكهف ورفعت المصحف امام ازلام و جحوش النظام قائلة لهم ( نحن نساء و اطفال لا ذنب لنا ولا حول لنا ولا قوة لا تقتلوننا ، لكن المجرمين و قبل ان تكمل كلامها قتلوها بدم بارد ورموها بالذخيرة الحية وقتلوها قبل حرقها.
قال شهود من اهالي القرى القريبة، بعد احراق جميع مافيها من المواطنين في الكهف من قبل اجهزة النظام الدموية: حاولنا قدر الامكان دفن الضحايا تحت الاحجار امام مدخل المغارة بغية حفظ الرفات من الحيوانات المفترسة و ابقاء الادلة.
يروي الكاتب ريبوار رمضان البارزاني ايضا: 3 من النسوة حرقت اجسادهن لكن يظهر بان بقت فيهن الانفاس حاولن الخروج سعيا منهن للحصول على قليل من الماء ليروين عطشهن في اقرب نبع قرب فوهة الكهف، لكن توفوا اثر الجروح و الجوع ولانهم بقوا لمدة 14 يوما والدماء تسيل من اجسادهن و اصبحت جثثهن طعاما للحيوانات لم تبقى في اجسادهن الا قليلا ، ويضيف ريبوار رمضان قائلا :وشيخ فاق عمره 80 عاما، توفي قبل وصوله للكهف عطشا و جوعا و من شدة حر الصيف على بعد 500 مترا من مدخل الكهف..
ومن بين القصص المأساوية عن مجزرة كهف دكان والتي يرويها الكاتب ريبوار رمضان، حديث الشاب الذي رافقه خلال زيارته للكهف وهو من ذوي 9 ضحايا من ضحايا الكهف يقول ريبوار: كان يرافقني خلال الزيارة الى الكهف ووضع يده على كتفي مشيرا باصابعه الى بقعة من الارض تحت حجر كبير، هذا بقايا عظام اهلي و الضحايا الذين قتلوا غدرا في الكهف، اتمنى ان يتمكن المختصون و اصحاب الشأن والمسؤولون من زيارة هذا الكهف بغية تسجيل القصص المأساوية للجريمة و مداوات جراحات فقداننا لاعز اهالينا، لكني ارجوا منكم ان لا تضعوا ارجلكم على الارض بل اقفزوا من حجر الى حجر لان كل شبر من امام الكهف تحوي جثامين 67 شهيدا قتلوا ظلما و غدرا.
وتتضمن مشاهد جريمة كهف دكان على العديد من المشاهد والقصص التراجيدية و المأساوية التي تقشعر لها الابدان عند سماعها.
تحية اجلال و اكرام لشهداء كهف دكان الذين قتلوا غدرا و شهداء جرائم الابادة الجماعية لشعبنا.


