تقرير أعده / رزكار شواني
مما لاشك فيه ان الاعلام يؤدي دوراً فعالا في نبذ التطرف والعنف بشتى أشكاله ويعتبر الاعلام الفعال السلاح الناجح الذي من شأنه بث روح التعايش السلمي والتآخي بين مكونات وأطياف المجتمع وذلك من خلال نشر المقالات واقامة البرامج والندوات التوعوية المستمرة بغية الخلاص من التعصب والتطرف والعمل من أجل دفع المجتمع الى العيش المشترك وترسيخ مبدا التعايش والسلام والوئام ..
ولكركوك تأريخ عريق بثقافتها ونسيجها الاجتماعي ، بثقافتها حين برزت اسماء لامعة من مختلف القوميات من بينهم (جماعة كركوك الأدبية) الذين تركوا بصماتهم الواضحة ، أمثال جليل القيسي وسركون بولص وجان دمو وزهدي الداودي ويوسف الحيدري وفاضل العزاوي وانور الغساني وآخرين من الاجيال التي بعدهم .. هؤلاء كانوا لهم القاسم المشترك تحت مظلة أدبية واحدة وهو روحهم التجديدية وعطاءهم الثر في إبراز الوجه الثقافي في هذه المدينة العريقة ، حاملين روح التعايش فيما بينهم. وان هذا التعايش كان له الاثر الواضح في نفوس هؤلاء المثقفين والذي اينعت ثماره في تعزيز المشهد الثقافي الكركوكي والاستمرار في زرع باقة الورد التي تمثل جميع مكونات كركوك بكردها وعربها وتركمانها وآشورييها .
كركوك بنسيجها الاجتماعي المميز كانت ولاتزال محط أنظار العالم بأسره ، من خلال التعايش الموجود في هذه المدينة العريقة . وما جری في كركوك خلال الأيام الماضية من أحداث مؤسفة كانت ورائها أياد خبيثة حاولت قطع نسيج التعايش الموجود بين مكوناتها الا انه وبهمة الخيرين من ابناء المدينة بجميع قومياتهم وأطيافهم تم قطع دابر الفتنة التي كادت ان تفتك بنسيج المكونات فيها ..
وفي هذا التقرير الذي اعددناه تحدث عدد من الصحفيين و الكتاب والأدباء في مدينة كركوك عن التعايش الموجود بين مكونات المدينة و إصرارهم في استثمار زرع المحبة و التآخي فيما بينهم ونبذ جميع اشكال الفتنة والتطرف.
يقول الدكتور علي مال الله : أن ثقافة العيش وتقبل الآخرين هي الأساس والمرتكز الحقيقي للعيش بين مكونات كركوك ولغة العنف مهما كانت عناوينه هي مرفوضة لان كركوك عرفت عبر التاريخ بانها مدينة التعايش السلمي بين القوميات والأديان “. لافتاً الى أن” كركوك هي مثال للتعايش منذ القدم وما جرى في المدينة خلال الايام الماضية أدمى قلوب جميع المكونات وراح ضحية العنف ابرياء شهداء . وعلى جميع الأطراف أن يكونوا على قدر المسؤولية للعمل على حل القضايا الخلافية بصورة الحوار والمناقشات والابتعاد عن المساس بالسلم المجتمعي .
أما الأديب الدكتور عبدالكريم خليفة فقد قال : من المؤكد ان مفهوم التعايش وقبول الآخر هو القاعدة الأساسية لاستقرار المحافظة . واكيد عن الثقافة بدرجاتها المختلفة تخلق وعيا صحيحا في طريقة اثبات الهوية والتي من المؤكد انصهارها ببودقة الهوية الاكبر الجامعة للكل ، واكيد درجة الوعي نتيجة الثقافة تلعب دورا اساسيا في خلق هوية انسانية جامعة وهذا مالوحظ للاشخاص المتطرفين والشوفينيين والعنصريين انهم لايمتلكون وعيا او ثقافة او درجات الثقافة عندهم متدنية واكيد الانسان المثقف يفرق بين حب قوميته وبين التعصب والغاء الآخر .
فيما قال الأديب والصحفي ايوب بامبوغجي : ان ابناء كركوك متحابين ومتآخين منذ الأزل ويحبون بعضهم البعض وقلوبهم موحدة ومتعايشين بسلام وأخوة ، فالكردي والتركماني والمسيحي والعربي يعيشون بسلام ووئام في كركوك منذ الأزل . نحن أبناء هذه المدينة الحبيبة المتٱخية رغم أنوف المتٱمرين الذين يريدون التفرقة ، سنبقی شعبا واحدا وقلبا واحدا كـ “شدة ورد) رائعة ومعطرة .. اللهم أحفظ كركوك بكافة أطيافها.
وقال الأديب متين عبدالله ، ان المتابع لأحداث العالم و من ضمنها الشرق الأوسط طبعا و التغيرات التي حدثت بفعل الأحداث المتسارعة يرى أن كركوك – رغم صغر حجمها قياسا للأماكن التي شهدت تلكم الأحداث وبالنتيجة التغيرات يرى أن كركوك أمتازت بأهلها في الحفاظ على نسيجها الأجتماعي ، فقد اثبت الوعي الكركوكي أنه أكبر من يخدر بجرعة سياسات خارجية وارادات أجنبية ، هذا يعود بالطبع الى خبرة أهالي كركوك في التكاتف عند المحن التي عصفت بالمدينة حتى دهور قبل الميلاد . من جهة أخرى قلما تجد أو لا تجد بالكاد أي عائلة كركوكية لم تتداخل مصاهرة وقرابة ، وقلما تجد من لا يتكلم اللغات الثلاث العربية و الكردية و التركمانية وأضف اليها السريانية أيضا . لا يمكن لأهالي مدينة ان لا يتكاتفوا وهم الذين بنوا في ما مضى القلعة واحتضنوا فيها الأنبياء وبنوا المساجد بجوار الكنائس واشتدت سواعدهم حتى أيام الجوع والقحط ، كيف لا يتكاتف أهالي مدينة أنجبت كل هذا الكم من الشعراء والأدباء و الفقهاء وبالنتيجة ان كان العالم يرى في أهلها عراقا مصغرا فنحن بكل أطيافنا نراها العالم المصغر . كركوك بأهاليها الكرام ستكون نموذجا يحتذى بها و قدوة يقتدى بأهلها . فلا يمكن لأضلاع هذا المربع وأقصد هنا العرب و الكرد والتركمان والكلدو أشور أن لا تقوم لها قائمة . فنحن بتكاتفنا نرى المحن مسرحيات هابطة وبروفات ضعيفة لا يمكن أن تؤثر على النص الأصلي وأقصد هنا تعايش أهالي كركوك .
عمار الأرض ، المحبون للحياة
الذين يألفون و يٌؤلَفون .
فالماضي البعيد و الأمس القريب ، خير شاهد على ذلك .
