حيدر خليل سوره ميري
طغت على العلاقات الكردية العربية هواجس وتباعد كثيرة على الرغم من القرب الجغرافي بينهما. وسادت تلك التوجس وذلك التباعد بين الطرفين سياسياً وثقافيا نتاج فرض إنموذج الدولة المستبدة الديكتاتورية الرافضة للتعددية والإقرار بالوجود التاريخي والجغرافي للكرد، لاسيما أن العراق وسوريا حكمتها أنظمة عسكرية شوفينية تلغي الآخر.
ومارست الأنظمة السياسية الشمولية في كلِّ من سوريا والعراق سياسات محو وتشويه بحق الشعب الكردي من خلال حظر لغته وثقافته ومثقفيه.
بعد التغيير الذي حصل في العراق وإسقاط النظام الديكتاتوري ومشاركة الكرد سياسيًا وبقوة في إدارة الدولة، إذ نجحت إلى حد ما في إدارة الدولة. إلا أن الجانب الثقافي لازال يفتقر للكثير، فلا يوجد تعريف عن تاريخ الكرد ولا عن القضية الكردية ولا عن الثقافة والفكر والفن والفلسفة في تاريخنا الكردي . ولا إقامة معارض للكتاب أو ندوات في كردستان لتأتي بنتائج ملموسة، بل من خلال التواصل مع الآخر نستطيع أن نوصل ما نريد أن يعرفه عنا الآخر، باقامة معارض للكتاب في بغداد والمناطق العربية للتعريف بالكرد والثقافة والفن وتاريخ الفكر الكردي، وهذا ما نفتقده على الأقل في بغداد، رغم الأزمات السياسية بين حكومتي الاقليم وبغداد إلا أن هناك متسع كبير للحرية الفكرية والثقافية، وبامكان دور النشر الكردية والمؤسسات الثقافية والفكرية الكردية من إقامة نشاطاتها الثقافية في بغداد .
اليوم في شارع المتنبي في بغداد وهذا الشارع يعد رئة بغداد الثقافية، لا توجد مكتبات خاصة بالتاريخ الكردي، بل لا يوجد أي إقبال على الكتاب الكردي طبعا أن وجد، بل حتى معارض الكتاب التي تقام سنويًا في بغداد والنجف والبصرة لا نجد دور النشر الكردية . وهذا ليس عيبًا بالمثقف العربي بعدم اقباله على الكتاب الكردي، بل لأن المثقف الكردي ليس له دور في نشر وإيصال فكره وثقافته إلى الآخر . أما حركة الترجمة من الكردية الى العربية و بالعكس ضعيفة، نعم موجودة لكنها ليست بالمستوى المطلوب .
هي دعوة لدور النشر وللمؤسسات الثقافية الكردية بإقامة معرض للكتاب في المناسبات الثقافية للتعريف بالفكر والثقافة والتاريخ الكردي .
شارع المتنبي كما أسلفنا يعد رئة بغداد الثقافية، يرتاده كل اسبوع أغلب المثقفين العراقيين من جميع المحافظات العراقية لاقتناء الكتب، وحضور الندوات التي تقام في المركز الثقافي البغدادي، أو الجلسات الثقافية في القشلة .
هي فرصة كبيرة ودعوة لاقتناص هذه الفرصة، طالما هناك فسحة ومساحة واسعة في هذا المجال، خصوصا هناك تقبل واضح في الشارع العراقي للاطلاع على تجربة اقليم كردستان، في الكثير من المجالات . كما يقام في بغداد سنويًا مهرجان ثقافي ( أنا عراقي أنا أقرأ) يتم التبرع للمهرجان بالكتب ويتم توزيعها على مئات من القراء في بغداد وحتى من المحافظات الأخرى القريبة تحضر لهذا المهرجان، وهي أيضا فرصة سانحة لدور النشر والمؤسسات الثقافية الكردية بتوزيع الكتب والكتيبات والمجلات التي تتحدث عن الكرد .
الكورد في العراق مكون اساسي وهناك مئات المثقفين والفنانين والمفكرين والسياسيين الكرد، كما أن للكرد تاريخ نضالي مشرف على مرِّ التاريخ منذ الغزو المغولي وحتى إسقاط النظام الديكتاتوري وبناء عراق ديمقراطي اتحادي .