اختتم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ، مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين.
وأكد السوداني، الجمعة، أن إرادة الاتفاق والتفاهم تغلبت في العراق الجديد، فيما بين أن الحكومة برنامجاً إصلاحياً شاملاً وطموحاً لتصحيح المسار وإعادة الثقة بالنظام السياسي.
وقال السوداني في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة تابعها / المسرى /، ” إن “العراق كان ومازال يؤمنُ بالمبادئ العامة التي أُسست عليها منظمة الامم المتحدة، ويسهمُ في جميع برامجها”.
وأضاف ، أودُّ أن أنقلُ لكم اليومَ تحياتِ العراقِ وشعبهِ الذي كانَ من بين الدولِ الخمسين التي أسست هذه المنظمةَ العتيدةَ قبلَ ثمانيةٍ وسبعين عاماً وكان، ومازال، حتى اليومِ يؤمنُ بالمبادئِ العامةِ التي أُسست عليها، ويسهمُ في جميعِ برامجها، إيماناً منه بأنَّهُ لا سبيلَ أمامنا سوى التآخي والتعاضدِ الإنساني من أجلِ الوجودِ الآمنِ المستمرِّ للعالمِ اجمع.
وتابع ، إن إرادةَ الاتفاقِ والتفاهمِ تغلبت في العراقِ الجديد، ونجحنا بتجاوزِ أيّامٍ صعبة، لتولدَ حكومتُنا الحاليةُ التي يقفُ خلفها ائتلافٌ سياسيٌ واسعٌ يضمُّ كلَّ الأطيافِ والمكوناتِ العراقية. تبنت هذه الحكومةُ برنامجاً إصلاحياً شاملاً وطموحاً، لتصحيحِ المسارِ وإعادةِ الثقةِ بالنظامِ السياسي وتوفيرِ العيشِ الكريمِ للمواطنِ وتأمينِ مستقبلهِ وبناءِ عراقٍ قويٍ مقتدر، وعلى هذا المسار، وضعنا برنامجاً يحملُ أولوياتٍ حاسمة، تمثلُ ملفاتٍ لا يمكنُ التهاونُ في تنفيذِها، تقعُ في صُلبِ احتياجاتِ شعبِنا.
وأوضح ، تركزت هذه الأولويات، على توفيرِ فرصِ العمل، وتحقيقِ نهضةٍ واسعةٍ في الخدمات، ومحاربةِ الفقرِ ورفعِ المستوى المعاشي، ومكافحةِ الفساد، وتجذيرِ الإصلاحاتِ الشاملةِ في الجوانبِ الاقتصاديةِ والإدارية، وفي القطّاعِ المالي والمصرفي؛ لتجاوزِ الموروثِ الواهنِ للنظمِ الإداريةِ السابقة، التي لم تكنْ قادرةً على تلبيةِ التحولاتِ واللحاقِ بالتطوّرِ العالمي.
وإستدرك ، لقد قطعنا شوطاً مهماً في هذا المسارِ خلالَ مدةٍ زمنيةٍ قياسية، وتطورتِ البيئةُ الاستثماريةُ في العراقِ لتنفتحَ على الاقتصادِ العالمي وعلى الشراكاتِ المُثمرة، وجرى توقيعُ العديدِ من الاتفاقياتِ في قطاعاتٍ مختلفة، وصارَ العراقُ بيئةً آمنةً تجذبُ المستثمرين إلى فرصٍ واعدةٍ كبيرة.
ومازال العراقُ بلداً نفطيّاً مهماً، ودولةً محوريةً في سوقِ الطاقةِ العالمي، ويتوافرُ على فرصٍ ومشاريعَ وأعمالٍ عاليةِ الأهميةِ في هذا المجال، وأطلقنا مشروعَ طريقِ التنمية، المشروعَ الرائدَ والأحدثَ في المنطقة، وهو القناةُ البرّيةُ الحيويةُ الرابطةُ بينَ أجزاءٍ اقتصاديةٍ أساسيةٍ في منطقتنا النامية، والطريقُ الأنسبُ والأفضلُ للتجارةِ والتبادلِ الاقتصادي في المنطقة، وفي فضاءِ النقلِ والاقتصاد، باتَ يمثّلُ رؤيةً عراقيةً إستراتيجية، للترابطِ والتواصلِ مع العالم، والتفاعلِ الاقتصادي الإيجابي.
لفت الى أن العديد من المؤسساتِ الدوليةِ أوردت تقاريرَ تتحدثُ عن تفشي الفسادِ في العراق، ونحنُ شخّصنا هذه الآفةَ وأطلقنا عليها مصطلحَ “جائحة الفساد”، وجعلنا مُحاربتها أولى أولوياتِنا. وشرعنا بملاحقةِ المطلوبين أينما وجدوا، ومهما كانت مناصبُهم وانتماءاتُهم، وتسليمُهم للقضاء، لغرضِ القضاءِ على هذه الآفة، ومن هنا نطلبُ من الدولِ الصديقةِ والشريكةِ أنْ تمُدَّ لنا يدَ العونِ في مكافحةِ الفساد، بجميعِ مراحله، وتسهيلِ عمليةِ متابعتهِ والقائمين عليه، إذ يجبُ علينا جميعاً أنْ نتكاتفَ ونتعاونَ في محاربةِ الفساد، ونستردَّ الأموالَ المنهوبةَ منهم، لأننا نؤمنُ بالترابطِ بين الفسادِ والإرهاب، فأحدُهما يسندُ الآخر، وهذا ما نحاربُهُ جميعاً.
وبين ، لقد حرصنا على بناءِ سياسةٍ خارجيةٍ مستقلةٍ ومتوازنةٍ تستهدفُ التعاون، وترتكزُ على تقريبِ وجهاتِ النظرِ والمشتركات، وأن يكونَ العراقُ مصدرَ استقرارِ في محيطهِ الإقليمي والدولي، وجزءًا من الحلِّ في أيةِ مشكلةٍ إقليميةٍ أو دولية، ورافعاً لممكناتِ التفاهمِ والتعاونِ المتبادل، مثلما نتحرّى السبلَ نحوَ شراكاتٍ بناءة تقوم على مبادئِ الاحترامِ المتبادلِ وتحفيزِ الأطرافِ المشاركة، والمساعدةِ في رسمِ السياساتِ التي تحققُ التنميةَ المستدامةَ لشعوبِنا المُحبّةِ للسلام.
وتؤكدُ حكومةُ جمهوريةِ العراقِ التزامَها بمبادئِ القانونِ الدولي، واحترامَ جميعِ القراراتِ الأممية، وتصميمَها على إقامةِ أفضلِ العلاقاتِ مع الجميع، ولاسيما دولُ الجوار، ونرفضُ التدخلَ بشؤونِ بلدِنا الداخليةِ وتحتَ أيةِ ذريعةٍ كانت، وفي الوقتِ الذي يُلزمُ فيهِ دستورُنا ألّا يكونَ العراقُ منطلقاً للاعتداءِ على الدولِ الأخرى، نطالبُ الجميعَ باحترامِ سيادةِ العراقِ وسلامةِ أراضيه، ونحتفظُ بحقِّنا باتخاذِ الإجراءاتِ المناسبة، على وفق ما أقرتهُ القوانينُ والمواثيقُ الدوليةُ لردعِ أيِّ انتهاكٍ تتعرضُ له بلادُنا.
وجدد السوداني ، التأكيدَ على مدَّ اليد لجميعِ دولِ الجوارِ من أجلِ حفظِ أمنِ واستقرارِ منطقتِنا وتقدمِها وازدهارِها الاقتصادي، بما يحققُ رفاهيةَ شعوبِها.
وعلى ذاتِ المنهج، نستهدفُ تحقيقَ التكاملِ الإقليمي، وإزالةَ ما يعرقلُ التجارةَ الحرّةَ في المنطقة، وتسهيلَ انتقالِ الأشخاصِ والبضائعِ ورؤوسِ الأموالِ عبر الحدودِ السياسية، وربطَ البُنى التحتيةِ ببعضِها، وهي فواعلُ تقللُ من احتمالِ نشوبِ نزاعٍ مسلّحٍ مستقبلاً، وتحدُّ من تفاقمِ الصراعاتِ إلى حدٍّ كبير.
وقال ، نرى أمكانيةَ تحقيقِ التكاملِ الاقتصادي، عبرَ توحيدِ ومقاربةِ السياساتِ الاقتصادية، والتعريفاتِ الكمركيةِ والقوانين، وربطِ البُنى التحتيةِ الاقتصاديةِ ببعضِها، عبرَ الاستثمارِ المشتركِ وعرضِ الفرص، وكبادرةٍ لدفعِ هذه الجهودِ نحوَ التقدم؛ نعملُ على تنظيمِ مؤتمرِ (بغداد ألفينِ وثلاثةٍ وعشرين)، للتكاملِ الاقتصادي والاستقرارِ الإقليمي، ولن نتخذَ من سياسةِ المحاورِ مساراً في علاقاتنا، بل نتعاملُ مع الجميعِ وفقَ مصلحتِنا الوطنية، ونحن ماضونَ في تعزيزِ مكانةِ العراقِ الطبيعيةِ في ساحةِ التعاونِ الدولي، وفعلِ كلِّ ما يعززُ الاستقرار.
ونحثُّ الخطى بثباتٍ نحو إقامةِ الانتخاباتِ المحلّيةِ للمحافظاتِ نهايةَ العامِ الحالي، بعد توقفِها لعشرِ سنوات، وهي ركنٌ من أركان اللامركزيةِ في العراقِ وجزءٌ أساسٌ من رَصانةِ النّظامِ ومؤسساتِ الدولة. وتُديرُ الحكومةُ الاتحادية، من خلالِ برامجِها الشاملةِ والمتعددة، أفضلَ العلاقاتِ مع إقليمِ كوردستان، وجميعِ محافظاتِ العراق، على نحوَ متساوٍ وهي في حوارٍ مستمرٍّ مع ممثلي الإقليم، والحكوماتِ المحليةِ في عمومِ محافظاتِ العراقِ لتحويلِ الفرصِ إلى مشاريعَ تعززُ تنميةَ المواردِ والاقتصادِ العراقي.
وعلى الصعيدِ الوطني، نوه السوداني بتقديم حكومته الخطواتِ اللازمةِ لتقليلِ الانبعاثاتِ وإيقافِ حرقِ الغازِ المصاحبِ وتلويثِ البيئة، كما بادرت إلى إطلاقِ عدةِ مشاريعَ في مجالِ تدويرِ النفاياتِ وتشجيعِ الاتجاهِ نحو الطاقةِ النظيفة، كذلك صادقت حكومتُنا على إستراتيجية وطنيةٍ لمواجهةِ التلوّثِ والحدِّ من تداعياتهِ للسنواتِ ألفينِ وثلاثةٍ وعشرين – ألفين وثلاثين، ويرى العراقُ أنَّ مواجهةَ التحدّياتِ تتطلبُ بناءَ مؤسساتٍ قادرةٍ على التعاملِ مع التحدياتِ الاقتصادية، والأهمُّ التحدياتُ المناخية.
والتقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بمقرّ المنظمة في نيويورك، وذلك على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثامنة والسبعين.
وجرى، خلال اللقاء، استعراض علاقات العراق مع منظمة الأمم المتحدة، ومؤسساتها، في مختلف المجالات، وتعزيز جهودها إزاء العديد من القضايا والملفات ذات الأولوية، وآليات التنسيق المتواصل مع المؤسسات الأممية في تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية والإنسانية في عدد من مدن العراق.
وأشاد رئيس مجلس الوزراء بدور المنظمة الأممية ومؤسساتها في دعم العراق، وجهودها في تعزيز الاستقرار والسلم المجتمعي، مشيراً للزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة إلى بغداد في آذار الماضي، والتي شكلت انعطافة نحو الارتقاء بمستوى التعاون، ومناسبة لتحفيز العمل الأممي في العراق.
كما أكد السوداني، التعاون البنّاء مع المنظمة لتنفيذ أولويات البرنامج الحكومي، في ما يتعلق ببرامج محاربة الفقر، وإيجاد المعالجات لمواجهة الجفاف والتصحّر والتخفيف من آثارهما.
من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة دعمه جهود الحكومة العراقية في تنفيذ برامجها وخططها التنموية، مشيراً إلى دور العراق المحوري، وتبنّيه سياسة الحوار وتقريب وجهات النظر المختلفة، بوصفه جسراً للتواصل والتقارب بين دول المنطقة.
كما أعرب عن دعم الأمم المتحدة ومشاطرتها دعوة العراق من أجل لتعاون الدولي لمواجهة التحديات البيئية الخطيرة وآثار الجفاف والتغيّرات المناخية التي تشهدها المنطقة والعالم.
كما التقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في نيويورك، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية يون سوك يول، وذلك على هامش مشاركته في الدورة الـ 78 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وشهد اللقاء التباحث في مختلف مجالات التعاون الثنائي، وتعزيز الشراكة، وتبادل الدعوة الرسمية لزيارة البلدين الصديقين.
وأعرب السوداني، خلال اللقاء، عن تقديره لمواقف كوريا الجنوبية الإيجابية تجاه العراق، وما قدمته من إسناد خلال الحرب على الإرهاب، مؤكداً تطلع العراق إلى تعزيز العلاقات والشراكة مع كوريا، لاسيما أن أكبر المشاريع العراقية بالبنى التحتية القائمة حالياً تنفذها الشركات الكورية الرصينة.
وأشار إلى مشروع طريق التنمية الحيوي والستراتيجي، الذي يمثل ممراً يربط بين الخليج وأوروبا مروراً بتركيا، ويتوفر على فرص استثمارية كبيرة وواعدة، ومدن صناعية ستنشأ على طول مساره، داعياً الشركات الكورية للإسهام الفاعل في هذه الفرص.
من جانبه، جدد الرئيس الكوري تأكيد بلاده سعيها إلى استدامة أفضل علاقات التبادل والتعاون الثنائي، ورغبة الشركات الكورية في المساهمة بجهود الإعمار في العراق، مؤكداً أن وفداً اقتصادياً كورياً سيزور العراق قريباً من أجل بحث المزيد من أسس التعاون الاقتصادي.