الكاتب ..صدام العبيدي
لا يختلف اثنان في العراق على تعاظم حجم الفساد الإداري في هذا البلد بشكل مهول ومخيف، حتى بات من أكبر الآفات التي تنهش في الهيكل الإداري للدولة، وأصبح مشكلة لا يُستهان بها، تلقي بإفرازاتها وانعكاساتها الخطيرة على واقع الحياة العملية بشكل عام وفي مختلف القطاعات، فبالرشوة والمحسوبية والواسطة واستغلال السلطة والنفوذ تستطيع أن تعمل المعجزات، وأن تفتح الأبواب المغلقة، وأن تحصل على ما تريد وإن كان في ذلك مخالفة للقوانين والأنظمة والضوابط والتعليمات، فباتت اقامة المشروعات والحصول على إذن بافتتاح مرفق أو محل أو مشروع تجاري أو ترفيهي أو صناعي أو زراعي وغيره من الجهات والدوائر المختصة – وإن لم تستوف تلك المشروعات المعايير المطلوبة لافتتاحها- من أبسط الأمور في ظل تفشي الرشوة والمحسوبية واستغلال السلطة والنفوذ، ووجود موظفين عديمي الأمانة والمسؤولية همهم كسب المال وإن كان ذلك على حساب حياة الناس وأمنهم وسلامتهم وصحتهم، لذا تكررت الحوادث في العراق ففي آذار من عام 2019 وقعت حادثة العبارة التي غرقت في نهر دجلة بمدينة الموصل وراح ضحيتها العشرات من الرجال والنساء والأطفال، وفي تموز من عام 2021 حدث حريق في مستشفى الحسين التعليمي في ذي قار وراح ضحيته أيضاً العشرات من القتلى والجرحى، وفي يوم الثلاثاء الماضي الموافق 26 من شهر أيلول وقعت فاجعة الحمدانية حيث اندلع حريق في أحد قاعات الأفراح أثناء إقامة حفل زواج فيها، فتحولت هذه المناسبة إلى مأتم، فمات العشرات حرقاً ناهيك عن أعداد الجرحى والمصابين، فهذه الحادثة وسابقاتها ما هي إلا نتيجة طبيعية للفساد الإداري المستشري في البلد والذي نتج عنه المزيد من الضحايا من القتلى والجرحى، فإقامة المشروعات وفتح المرافق والمحلات من غير الحصول على الرخص من الجهات أو الدوائر ذات العلاقة، أو الحصول على تلك الرخص من غير استيفاء تلك المشروعات والمرافق والمحلات لمعايير وشروط السلامة والأمان يعكس مدى الاستهانة والاستهتار بأرواح العراقيين، كما أن الجشع والطمع الذي وصل إليه عديمي الذمة والضمير الذين همهم جمع المال بأي طريقة وأي وسيلة وإن كان على حساب أرواح الأبرياء ساهم في هذه الفاجعة ومثيلاتها، فالمسؤولية في حادثة قاعة الحمدانية مسؤولية تضامنية تتحملها الجهات والدوائر المختصة بمنح الرخص لهكذا مشروعات ومرافق لم تتوافر فيها شروط السلامة والأمان، كما يتحمل المسؤولية أصحاب تلك المشروعات والمرافق والقائمون عليها، وهنا نسأل إلى متى يبقى هذا الاستهتار، وتبقى هذه الاستهانة بأرواح الناس وحياتهم وصحتهم وأمنهم في هذا البلد؟!
نقلا عن صحيفة الدستور