جلال طالباني
لقد شرحت للاخوة أعضاء مجلس الحكم خلال مرافعتي في 9 شباط 2004 بأنه عند تأسيس الدولة العراقية، كانت كردستان ضمن ولاية تسمى ولاية الموصل التي لم تكن جزءاً من هذه الدولة التي تأسست عام (1920) وعند التأسيس جاء الانكليز وعرضوا استفتاءً على (الملك فيصل) واستثنوا كردستان من هذا الاستقتاء وهو مذكور في كتاب (تأريخ الوزرات العراقية) ايضاً كالآتي:”يشترط أن تكون المناطق الكردية مخيرة في الاشتراك في الانتخابات او عدمه والا يؤثر ذلك على قرارهم النهائي تجاه حكومة العراق ومنزلتهم لديها”.
وكانت معاهدة سيفر نافذة آنذاك والتي سمحت لكردستان العراق بالانضمام لكردستان المركزية التي كان لها حكم ذاتي، وانه حسب البنود (62، 63، 64) من معاهدة سيفر فإن:”الدول الحليفة الرئيسة لن تضع اية عراقيل بوجه الانضمام الاختياري للكرد القاطنين في ذلك الجزء من كردستان الذي مازال حتى الآن ضمن ولاية الموصل، الى هذه الدولة المستقلة”.
لذلك شرحت لهم باسهاب بأنه في عام (1922) اتفقت الحكومتان العراقية والانكليزية على تشكيل حكومة في كردستان وصدر البيان في (25) ديسمبر (1922) حيث كان رائجاً في ذلك الوقت بأن هذا البيان بمثابة هدية عيد الميلاد (كريسمس) للكرد واصدر العراق والانكليز بيانا أعلنوا فيه اعترافهم بحق الكرد في دولتهم وطلبوا منهم ارسال ممثلين الى بغداد لترسيم الحدود والاتفاقات الجمركية. وقد ذكر ذالك في كتاب (تاريخ الوزارات العراقية) (ج 1- ص274) كمايأتي:تعترف حكومة صاحبة الجلالة البريطانية والحكومة العراقية معاً بحقوق الكرد القاطنين ضمن حدود العراق في تأسيس حكومة كردية ضمن هذه الحدود وتأملان أن الكرد على اختلاف عناصرهم سيتفقون في أسرع ما يمكن على الشكل الذي يودون ان تتخذه تلك الحكومة وعلى الحدود التي يرغبون ان تمتد اليها وسيرسلون مندوبيهم المسؤولين الى بغداد لبحث علاقاتهم الاقتصادية والسياسية في حكومتي انكلترا والعراق”.
ان هذه الحقائق مخفية ولكنها موثقة في هذا الكتاب بكل وضوح وكذلك في العديد من الكتب الاخرى عن تاريخ العراق لذلك قلت لزملائي الكرام في مجلس الحكم بانه قبل (82) عاما تم اعطاؤنا الحق من قبل العراق والانتداب البريطاني بتشكيل دولتنا وتأتون بعد هذه الاعوام وتناقشوننا على الفيدرالية؟ بينما المفروض ان تقدروا مطالبتنا الفيدرالية بعد (82) سنة من حق الاستقلال.
هذا الامر كان واضحا وجلياً في جميع مراسلات الملك فيصل مع المندوب السامي ، ففي إحدى الرسائل يسأل الملك فيصل المندوب السامي عن حدود مملكته في ذلك الوقت، فرد عليه تشرشل الذي كان وزيرا للمستعمرات قائلا: “قل لجلالة الملك وعدناه بدولة عربية وليس امبراطورية وأن حدود دولته جبل حمرين، من حمرين الى الشمال توجد بلاد اسمها (كردستان) بالرغم من وجود اقليات تركمانية في كفري وكركوك و أربيل وآلتون كوبري ولكن هذا البلد هو كردستان”.
هناك قرار آخر لعصبة الامم الذي صدر في (1924-1925) تقول اللجنة: بحثنا جميع كتب الجغرافيا وكتب الرحالة القديمة وكذلك كتب الجغرافيا التي كانت تدرس في مصر وتبين لنا بأن العراق لم يتجاوز الانبار وتكريت او جبل حمرين في اي وقت مضى. احيانا كانت سامراء جزءاً في الانبار وفي بعض الاوقات كانت جزءاَ من تكريت والباقي لم يكن عراقاً، اما المملكة الواقعة شمال هذه الحدود فتسمى كردستان وأن ولاية الموصل لم تكن ابداً جزءاً من العراق وان هذه المناطق ليست جزءاً من تركيا لأنه توجد بينهما كردستان المركزية وسوريا واذا استمعنا للغة سكانها علينا ان نؤسس دولة كردية ولكن ذلك غيرممكن ويسردون بعض الحجم في هذا الصدد”.
اضافة الى ذلك عرضت على الاخوة الحقائق عن وجود شعب باسم شعب كردستان منقسم على اربع دول وهي تركيا والعراق وايران وسوريا وقد تم الحاق الشعب الكردستاني بالدولة العراقية عام 1925 بقرار من عصبة الامم وقال ادمونز ممثل بريطانيا في لجنة عصبة الامم للنظر في مصير مستقبل ولاية الموصل الشمالية آنذاك “تم الحاق كردستان الجنوبية بالعراق بعدة شروط منها: ان يكون الاداريون في هذه المنطقة الكردستانية من الكرد وان يكون اللغة الكردية لغة رسمية وابقاء وضع كردستان على ما هو عليه “.
ان التعهدات التي اعطيت للشعب الكردي لم تنفذ وانما تم انتهاكها من قبل الحكومة العراقية وبريطانيا ووصل الامر الى التطهير العرقي وترحيل الكرد والتركمان من لواء كركوك وتوطين العرب مكانهم في زمن صدام حسين ومن حق التركمان والكرد المهجرين من كركوك العودة اليها وقد اشرت الى كتاب قاموس الأعلام وقرات لهم الفقرة التي تقول: ان ثلاثة ارباع كركوك من الكرد، ووضعت خارطة تاريخية كبيرة للسلطات العثمانية على طاولة مجلس الحكم والتي تم تحديد موقع كركوك ضمن حدود كردستان في هذه الخارطة.
عندما قررت عصبة الامم ان تلحق ولاية الموصل بالعراق وضعت بعض الشروط للعراق لإرضاء الكرد بأن يكونوا جزءاً منه حيث ذكر نصا: “يجب مراعاة رغبات الكرد فيما يخص تعيين موظفين كرد لإدارة مملكتهم وترتيب الأمور العدلية والتعليم في المدارس وأن تكون اللغة الكرية لغة رسمية في هذه الامور”.
وقد اصدر ممثل الانكليز في لجنة عصبة الامم قراراً يقضى بأن احد الشروط هو عدم المساس بهوية كركوك الكردستانية، ويقول بأنه لو تم المساس بهوية كركوك الكردستانية سينتهي الاتفاق الذي ألحقت بموجبه ولاية الموصل بالعراق.
لقد شرحت ذلك لزملائي في مجلس الحكم وقلت: اذا اردتم أن تفككوا وحدة العراق فهذا هو كلام المبعوث البريطاني ونحن ندعو الى إعادة الكرد والتركمان الذين رحلهم نظام صدام حسين من مدينة كركوك واجراء استفتاء لتحديد هويتها رغم اثباتنا كردستانيتها عبر الوثائق والخرائط لكننا مع ذلك لم نطالب بضمها الى الاقليم الا بشكل يحفظ التآخي بين مكوناتها وينصف التاريخ وحقوق الكرد المشروعة.