المسرى … خاص
تمر علينا في 14 من تشرين الثاني من كل عام ذكرى تأسيس مدينة السليمانية، مدينة التضحية والفداء وعاصمة الثقافة والفن ومهد الأحرار والثورات .
عاصمة الإمارة
قبل 239 عاما وتحديدا في 14 من تشرين الثاني عام 1784 قام الأمير الكردي إبراهيم باشا بابان ببناء مدينة السليمانية، حيث سمى المدينة بالسليمانية تيمنا باسم والده سليمان باشا أحد أمراء سلالة بابان التي كانت لها إمارة خلال تلك الفترة في منطقة قلاجوالان بالسليمانية، لتصبح لاحقا السليمانية عاصمة إمارة بابان ومركزا للثقافة والتجارة في المنطقة.
مبنى السراي
وبعد اكتمال بناء المدينة شيد أمراء بابان مبنى خاصا لإدارة أمور الإمارة من النواحي السياسية والاقتصادية والتجارية وسموها ( السراي) وتقع في مركز المدينة، وتتالف من طابقين و43 غرفة، وتعد حاليا من المعالم والشواخص الحية التي تدل على تلك الحقبة الزمنية، فبعد العديد من عمليات الترميم والبناء تمكن المعنيون من إعادة المبنى من الداخل والخارج إلى طابعه المعماري القديم، لتكون اليوم متحفا تاريخيا وسياسيا وقوميا تٌحفظ فيه تاريخ نضال أهالي مدينة السليمانية .
انتقال السكان
وفي عام 1785 انتهى بناء الأسواق وقصر الحاكم، فبدأ سكان القرى المجاورة بالانتقال إلى المدينة الجديدة وظلت مدينة السليمانية عاصمة الأمارة البابانية حتى عام 1851م .
إعلان الدولة
في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلادي كانت مدينة السليمانية مركزا للثقافة القومية والحركات السياسية الكردية ومنها اعلن محمود الحفيد ثورته ضد الاحتلال البريطاني في 22 آيار 1919 وقام بإلقاء القبض على المسؤولين البريطانيين في المدينة واعلن دولة مستقلة وان السليمانية هي عاصمتها، واعلن الاحتلال البريطاني لاحقا اعترافه بهذه الدولة واعلان محمود الحفيد ملكاً عليها لاسكات سكان السليمانية وايقاف ثورتهم.
سقوط الإمارة
وبعد سقوط إمارة بابان عام 1851 وإنهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ألحقت السليمانية بالدولة العراقية الحديثة التكوين، التي كانت تتالف من ثلاث ولايات ( بغداد – البصرة – الموصل) ومن 14 لواء، السليمانية من ضمنها.
مركز الثورات والانتفاضات
السليمانية لم تكن فقط مركزا وملاذا للمثقفين والسياسيين والمجاهدين، وإنما كانت أيضا نقطة انطلاق العديد من الثورات والانتفاضات، كونها تمتلك مكانة جيوساسية خاصة جدا، كانت دوما وإلى اليوم مركزا للنضال السياسي والمنظماتي والثقافي، أبنائه كانوا دائما من المناضلين الداعين إلى الحرية و الديمقراطية والحكم الرشيد، وانتفاضة ربيع 1991 التي كانت شرارتها الأولى في السليمانية للتخلص من النظام البائد خير دليل على ذلك، حيث أصبحت أول محافظة كردية تتحر من براثن النظان البائد، وتضع على رأسها تاج الحرية .
عاصمة الثقافة
وفي عصرنا الحاضر تعتبر مدينة المدن ” السليمانية ” عاصمة الثقافة في الإقليم، وتصدح بصوت عالٍ لتخبر أعدائها ومحبيها بأنها تستذكر اليوم ذكرى تأسيسها الـ 239 عاما، وأنها مستمرة بسواعد أبنائها في التطور والتوسع والإزدهار والإعمار والإبداع .
أراضٍ خصبة
السليمانية مدينة ذات أراض خصبة ففيها سهلي شهرزور وبيتوين واللذان يعدان من أخصب السهول في الشرق الاوسط ككل، لذلك تعتبر مدينة زراعية من الطراز الأول، لتتحول لاحقا في طفرة اقتصادية هائلة وتعتمد إلى جانب الزراعة على السياحة وبعض الصناعات
وجهة سياحية
سياحيا أصبحت المدينة مركزاً يقصده السياح من أنحاء العراق كافة، لوجود شلالات ( أحمد آوا) وبحيرتان ( دوكان ودربندخان ) وطبيعته الخلابة وجبالها الشاهقة ( أزمر وبيرمكرون) ما جعلها وجهة سياحية يقصدها السياح في فصل الصيف والشتاء، إلى جانب متحفه الأثري الذي يعد ثاني أكبر متحف في العراق بعد المتحف العراقي في بغداد، اذ يحتوي على الكثير من التحف الكردية والفارسية القديمة التي يعود تاريخها إلى 1792 ـ 1750 قبل الميلاد.
مهد الشعراء والكتاب
ثقافيا أنجبت السليمانية العديد من الكتاب والروائيين أمثال نالي ومولوي ومحوي وكردي و بيرميرد وكوران وفائق بيكس وشيركو بيكس وغيرهم .
أهمية المدينة
وبحسب المؤرخين أن سبب بناء السليمانية وجعلها العاصمة الجديدة لأمارة بابان ونقل مركز حكم الإمارة إليها من قلاجوالان يعود إلى ضرورة وجود مركز جديد للتجارة ومحاولات لخلق قطاع صناعي، وبعدها عن هجمات الترك والفرس والتحول من حياة الريف الى المدينة حيث مستلزمات الحياة اكثر تطورا لتصبح قدوة في مجال العلم والأدب .