عندما نقرأ كتاب المنور الكردي العلامة ملا عبدالكريم المدرس “علماؤنا في خدمة العلم والدين” تتجسد الفکرة القائلة إن أساتذة الكرد وعلماءهم أبدعوا في الکتابة والتألیف باللغة العربية وأدبها وتفوقوا بشکل ملحوظ على أقرانهم من العرب بحیث باتت كتبهم مصادر قیمة وتوثيقية وفي أغلب الأحيان ينظر إليها کأمهات الكتب والمصادر المهمة في اللغة والمسائل الدينیة والأدب العربي.
واستمرارا لهذه الحقیقة التأریخیة وسیرا علی درب علماء الکرد الأقدمین، قدم الأستاذ الدکتور طه صالح أمین آغا أستاذ النحو في الدراسات العليا بكلية اللغات جامعة السليمانية، کتاب “التوجيه اللغوي للقراءات القرآنية عند الفراء في معاني القرآن ” والذي هو من منشورات دار المعرفة بيروت- لبنان-2007 ویمکن عدّه کتابا نادرا و رصینا و مصدرا مهما في هذا المجال.
يقول الكاتب في مقدمة الكتاب “كانت لكتاب (معاني القرآن) مكانة خاصة في نفسي وشعوري حقا، فأحببت أن تكون دراستي في موضوع من مواضيعه اللغوية. وقد اطلعت على دراسة د. أحمد مكي الأنصاري: (أبو زكريا ومذهبه في النحو واللغة) التي أنجزها عام 1996، فوجدتها قد قامت بتغطية واسعة لحياته وآثاره بصورة مفصلة استغرقت ثلاثة اخماس ونصف من الكتاب، وعني في بقية الدراسة بالمدارس النحوية ثم بكوفية الفراء”.
ويشير أ.د.طه صالح أمين آغا إلی أن موضوع بحثه ومشروعه في هذا الكتاب لم يدرسه أحد، والذي درس عنه في الدوريات شيء قليل عن موقف الفراء من القراءات القرآنية، ولم أجد شيئا آخر في الفهارست الخاصة بالرسائل والكتب في مجال اللغة والقراءات القرآنية. فعزمت وتوكلت علی اللە، وتفاءلت بالخير فوجدته، فكان نعم الموضوع فيما بدا لي، إذ هيأ لي أن أعيش في رحاب تنزيل العزيز الحکیم زمنا، والحمد الله”.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول يتقدمها تمهيد و ینتهي بخاتمة. فالتمهيد جاء لبيان معنى (التوجيه) لغة واصطلاحا. وفي الفصل الأول تم التطرق الی التوجيه الصوتي للقراءات في أربعة مباحث . فالمبحث الأول تم تخصیصه لظواهر التماثل الصوتي في القراءات، وفي المبحث الثاني تم البحث في ظاهرة التخالف في الخفة والثقل. أما المبحث الثالث فقد بحث في مراعاة الفاصلة والتوافق الإيقاعي في الجملة القرآنية عند الفراء. في حین جاء المبحث الرابع لبیان توجيه مسائل الوقف والوصل.
والفصل الثاني الذي هو بعنوان التوجيه الصرفي للقراءات، یتضمن ستة مباحث، المبحث الأول منها مخصص لتوجيه تآخي الصيغ الفعلية في المعنى الواحد أو المتقارب. والمبحث الثاني یتناول اختلاف المبنى لزيادة في المعنى. اما المبحث الثالث فهو عن وجوه التحول بزيادة المبنى لزيادة في المعنى. والمبحث الرابع یدرس التحويل في اللواصق التصريفية في القراءات والمبني للمفعول. وخصص المبحث الخامس للمستوى النحوي الذي هو قمة الدراسات اللغوية ومجمع المستويات الأخرى.
وقد وضع في الفصل الأخير في قمة الهرم: في ثمانية مباحث، يمكن للقارئ الكريم ان يرجع الى الكتاب.
اما خاتمة الکتاب فأترکها للقراء والباحثین الذين أحثهم علی قراءة هذا الكتاب القيم و النوعي.
و ختاما لايسعنى إلا ان أهنئ أستاذي العزيز لهذا الإنجاز العلمي القيم و المصدر الرصین للساعین في خوض غمار البحث والدراسات العلیا. و من اللە التوفیق.