انتخابات العراق في زمن الديمقراطي
حيدر خليل
بعد عشرين عاما من التغيير، والخلاص من الديكتاتورية والحاكم الواحد والحزب الواحد، بعد عشرين عاما من (التجربة الدنماركية )، عفوا التجربة الديمقراطية في العراق، إلا أننا ما زلنا نجهل أسس الديمقراطية، وهذا لا يتحمله الشعب العراقي بصورة عامة، بل منظمات المجتمع المدني والحكومات المتعاقبة والجهات والوزارات المعنية، ما زلنا نجهل حقوق الإنسان والحريات العامة .
كل انسان حسب المعتقدات السماوية والقوانين الارضية له الحق والحرية أن يؤمن بأي اتجاهٍ فكري معين يقول الله تعالى : ( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، والمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الانسان ( لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته) .
لذا لا يحق لك أن تتهم الآخر الذي يختلف معك فقط لأنه لا يؤمن بما تؤمن به ولانه لا ينتمي لدينك أو مذهبك أو اتجاهك السياسي والفكري، كلٌ له الحق في ابداء رأيه بكل حرية .
والانتخابات إحدى أهم الركائز للديمقراطية، وهي الأخرى للأسف نجهلها ونجهل غايتها، ولماذا نشارك أساسا في الانتخابات ؟ .
لأننا وبكل بساطة معبئين بمجموعة من الافكار الدينية والمذهبية والقومية، والتي تسيطر على جميع مفاصل حياتنا بما فيها الانتخابات، لذلك نعاني من ازمات عديدة أهمها الخدمات وفوز أشخاص بعيدين جداً عن إدارة الحكم وعن السياسة والاقتصاد وغيرها من مقومات الدولة، لهذا نشاهد تراجعا وتخلفا مخيفا عن العالم، بل عندما نقارن بيينا وبين العالم وكأننا في العصور المتأخرة! .
ان لم نخرج من قوقعة الدين والقومية والمذهب وانها في خطر ستبقى حياتنا في خطر ونُسحق يومياً من الفاسدين المتسلطين على رقابنا .
انتهت الانتخابات وأُعلنت نتائج اولية وخرج الفائزين الى الشوارع فرحين بما اتاهم المفوضية من فضلها ومستبشرين، ولازلنا ننتظر النتائج النهائية منذ عشرة أيام، تخيل نسبة ضئيلة جداً من الشعب العراقي شارك في الانتخابات ولازالت المفوضية تحصي وتعد وتحسب النتائج!، في مصر وتركيا أُعلنت النتائج النهائية خلال 24 ساعة فقط وهي انتخابات رئاسية والعدد المشارك يفوق عدد سكان العراق، لا فقط المشاركين! .
لا أعرف هل ينتظرون توازن سياسي وديني وقومي ومذهبي أو حتى اقليمي ممكن!؟ أو ينتظرون توافق سياسي وهذا لا يمكن أن يحصل دون تدخل اقليمي .
عموما انتهت الانتخابات وحسب النتائج الأولية أعلن البعض فوزهم الساحق حسب تعبيرهم وكأنهم انتصروا في معركة أحد! .
رسالتنا للفائزين نِلتُم دعم الشعب، بغض النظر عن دعاياتكم خلال حملاتكم الاعلانية، وقد حمّلكم الشعب أمانة كبيرة وهي أن تعملوا لاجلهم، لا أن تعبئوا ادمغتهم بالمبادئ والقيم الدينية والمذهبية والقومية بل بالعمل لاجل تقديم الخدمات، ودعم الشباب قدر الامكان وفتح ابواب للعاطلين عن العمل، ورفع اعداد المستفيدين من الرعاية الاجتماعية، وغيرها التي تمس واقع المواطن الفقير .
لأنها ليست الأخيرة وستعودون اليهم يوماً تطلبون منهم الدعم والاصوات .