المسرى
شهد العراق عام 2023 أحداثا عديدة، تنوعت ما بين السياسية والاقتصادية والأمنية والرياضية وحتى الثقافية، وفي هذا التقرير نحبذ أن نسلط الضوء على أبرز ما مر بالبلد من أحداث سياسية خلال هاذا العام، كونه يعد استثنائيا مقارنة بغيره من الاعوام وتحديدا قبل 2003، من ناحية الانفتاح الدبلوماسي والاستقرار الأمني والسياسي والتحضير لانتخابات مجالس المحافظات .
شهدت بغداد بداية السنة الحالية زيارات وفود دبلوماسية خليجية عديدة بعد قطيعة وسوء علاقات استمرت لسنوات طويلة، ولكن يبدو أن الحال قد تغيرت في ظل سعي عراقي رسمي لترميم علاقاته مع مختلف الدول بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية، وليس هذا فقط، وإنما إصرار العراق على تطوير علاقاته الدبلوماسية وعودته إلى محيطه العربي والدولي ، حدا برئيس الوزراء أن يقوم بزيارات رسمية إلى كل من ألمانيا وفرنسا ودبي لبحث العديد من الملفات والقضايا التي تهم الجانب العراقي مع هذه الدول.
وكذلك وبعد 47 عاما من الانتظار، أقدمت الحكومة في خطوة إيجابية على حسم ملف تمليك الأراضي للايزيديين في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، ممن لم تتملك أراضيهم السكنية منذ عام 1975، بسبب السياسات التمييزية التي اتبعها النظام السابق .
وفي شهر شباط 2023 أعلنت الحكومة عن تمكن الجهات المختصة من استرداد مبلغ أكثر من 80 مليون دولار من الأموال المسروقة وإعادة إدخالها في خزينة الدولة، وتقديم الكتلة البرلمانية الأكبر في البرلمان لمشروع قانون تعديل قانون الانتخابات رغم معارضة البعض لها، فضلا عن استضافة بغداد للمؤتمر الرابع والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي على مدى 3 أيام .
أما شهر آذار من العام الحالي فشهد في اسبوعها الاول زيارة مفاجئة لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى بغداد، والتي وصفت في حينها أنها تاتي لإثبات وجود وبقاء الأميركيين في البلد، إضافة إلى افتتاح مؤتمر العراق للمناخ الذي عقد في البصرة، من أجل الإعداد لرؤية للعمل المناخي لغاية العام 2030 ، إلى جانب إعلان هيئة النزاهة استعادة 400 مليار دينار عراقي من الأموال المسروقة بقضية الأمانات الضريبية، والتي تعرف باسم “سرقة القرن “، وكذلك تصويت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة لصالح الدفع قدما بتشريع لإلغاء تفويضين يعودان لعقود مضت، لشن حربين في العراق .
وبحلول شهر نيسان 2023 أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية المغادرة والآتية من السليمانية في كردستان العراق، تحت حجج واهية مستمرة لغاية اليوم ، وكذلك إيقاف محطات الضخ في تركيا عملية تصدير نفط الإقليم بناء على قرار هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس ، مما حدا لاحقا بتوقيع اتفاق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان ينص على أن تجري مبيعات نفط كردستان عبر شركة تسويق النفط العراقية “سومو”.
وأبرز حدث شهده شهر أيار من العام 2023 هو قرار المحكمة الاتحادية الذي قضى بعدم دستورية القرار الصادر في عام 2022 بتمديد عمل برلمان كردستان لمدة عام، حيث أشارت إلى أنه يقوض الديمقراطية في البلاد، وأن جميع القرارات الصادرة عن برلمان الإقليم اعتبارا من تاريخ تمديد ولايته في أكتوبر/تشرين الأول 2022 تعتبر ملغاة وباطلة .
وبدخول البلد منتصف سنة 2023، وبعد سنتين من غياب قانون الموازنة ، صوت مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023 – 2024 – 2025 ، فضلا عن نشر اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقريرا بعنوان “بالصور لا الأرقام : ماذا فعل التغير المناخي في العراق؟” تضمن مجموعة من الصور الصادمة التي توثق فداحة التدهور البيئي الذي تعيشه بلاد الرافدين.
وفي شهر تموز 2023 أكدت الداخلية العراقية القبض على 10 آلاف متهم بتجارة وتهريب المخدرات خلال 8 أشهر فقط، وكذلك إعلان مفوضية الانتخابات عدم إمكانية تنظيم انتخابات برلمان كردستان خلال العام الجاري، أو مع انتخابات المجالس المحلية في 18 من كانون الأول، إضافة إلى محاولة مئات المتظاهرين من اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد للوصول إلى السفارتين السويدية والدنماركية على خلفية إحراق نسخ من القرآن الكريم في ستوكهولم وكوبنهاكن ، فضلا عن تأكيد العراق والكويت على التزامهما بإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وفي شهر آب من العام الحالي نضجت خارطة التحالفات السياسية لانتخابات مجالس المحافظات حيث أعلن عن تسجيل 296 حزباً سياسيا و50 تحالفًا ، وأيضا حظرت وزارة الاتصالات منصة الـ ” تيليغرام ” في البلد بحجة تسريب بيانات لمؤسسات الدولة، لتتراجع لاحقا عن قرارها وترفع الحظر بحجة امتثال الشركة لمتطلبات الجهات الأمنية في البلد.
وبالانتقال إلى شهر أيلول من العام 2023، وبعد الاحداث السياسية والامنية المؤسفة في مدينة كركوك أصدرت رئاسة الجمهورية دعوة لجميع الأطراف في المحافظة إلى الامتناع عن أي تهديد أو استخدام للقوة والركون إلى الحوار البنّاء تغليبا لمصلحة الشعب واستقرار البلاد، وأيضا أصدرت المحكمة الاتحادية حكما بإنهاء عمل مجالس محافظات إقليم كردستان لانتهاء دورتها الانتخابية، وكذلك شهد شهر أيلول 2023 فاجعة قاعة أعراس الحمدانية في نينوى التي أودت بحياة اكثر من 100 شخص وإصابة ما يزيد عن 150 آخرين.
وفي تشرين الأول 2023 اعلنت الأمم المتحدة في العراق، ومن خلال إحاطة ممثلتها في مجلس الامن الدولي جنين بلاسخارت أن العراق اتخذ خطوات مهمة في إصلاح القطاع المالي والمصرفي وأصبح ملتزما بعلاقاته الإيجابية مع جيرانه، بالإضافة إلى دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة والبرلمان بالتحرك لإغلاق السفارة الأميركية في بغداد احتجاجا على الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل في حربها على غزة مع الالتزام بحماية أفراده السفارة وعدم التعرض من قبل المسلحين.
وفي تشرين الثاني قررت المحكمة الاتحادية إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من البرلمان على خلفية اتهامه بتزوير وثيقة رسمية، فضلا عن رفض رئيس الوزراء استقالات تقدم بها 3 وزراء احتجاجا على إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من منصبه بقرار قضائي .
وفي كانون الأول 2023، شهد البلد تحذيرات حكومية لواشنطن من الاعتداءات المتكررة لها على الأراضي العراقية من خلال استهداف فصائل مسلحة ردا على الهجمات التي تشنها المجموعات المسلحة عليها، بالإضافة إلى تصريحات رئيس الجمهورية في مؤتمر المناخ بدبي الذي أكد على أهمية إبقاء الأمن في العراق، وتحسين بنيته التحتية لأنه أصبح صاحب برنامج مكثف لتلبية احتياجات السكان، وكذلك بعد سجال طويل وخلافات سياسية عميقة استمرت 10 سنوات، أجريت الانتخابات المحلية في 15 محافظة عدا محافظات إقليم كردستان لاختيار ممثلين لمجالس المحافظات.
ويأمل العراقيون بأن يكون العام الجديد 2024 عام المزيد من الاستقرار السياسي والامني وتقديم الخدمات وتشكيل الحكومات المحلية التي ينتظر منها أن تتفاعل مع الخطط الحكومية في التنمية والإعمار وممارسة دورها القانوني والدستوري .