بدل رفو ، وإسمه الكامل بدل محمد طاهر يونس علي المزوري من ابناء محافظة نينوى . ولد في قضاء الشيخان قرية الشيخ حسن سنة 1960 ، وعاش طفولته وصباه وشبابه في الموصل كما ودرس في مدارسها . ويؤكد لي دوما انه من ابناء محلة حضيرة السادة في الموصل وله فيها ذكريات وذكريات.
وكمجايليه سافر الى بغداد والتحق بقسم اللغة الروسية – كلية الاداب سنة 1985. وابتدأ يكتب في جريدة (الحدباء ) نهاية السبعينات من القرن الماضي.
كما واكب النشر في صحف ومجلات العاصمة بغداد وباللغتين العربية والكردية ومنها (الأقلام، الطليعة الأدبية، بيان، هاوكاري، روشه نبيري نوى، الثقافة، العراق، باشكوى عيراق،الأديب الكوردي ) .
عمل مراسلا صحفيا من مدينة الموصل لصحيفة بزاف وهاوكاري ومجلة ره نكين منتصف الثمانينيات من القرن الماضي .
الان وانا اتحدث عنه يعيش في النمسا منذ سنة 1991 ، ويكتب في مجالات الشعر والترجمة والصحافة وفي ادب الرحلات . وهو عضو في نقابة صحفيي النمسا.وعضو اتحاد ادباء النمسا. وعضو جمعية المترجمين العراقيين، المركز العام- بغداد
لااعرف عاشقا للموصل مثله وهو عندما يهاتفني يذكرني بالكثير من الاحداث التي مرت بالموصل ويشير الى عدد من رموز الموصل وخاصة ممن تركوا بعض الصور عنها . ومن هؤلاء السيد عبد البرجس الذي سبق ان خصصت حلقة عنه في برنامجي هذا (موصليات) وفيه استعنت بصورة لبدل رفو معه .
ولم يكن يوما بعيدا عن الموصل والعراق ؛ فقد شارك ومن خلال مسيرته الثقافية في كثير من المهرجانات السينمائية العالمية والمهرجانات الشعرية والامسيات الثقافية ليس في العراق وانما في كثير من بلدان العالم وساعده في ذلك اتقانه لعدد من اللغات منها الروسية والالمانية والانكليزية . فضلا عن اللغتين العربية والكردية.كما زار الموصل سنة 2003 والتقى عددا من اصدقاءه وخاصة في محلة المشاهدة كما يظهر في الصورة المرفقة مما يؤكد حنينه الدائم الى الموصل وفي كل فترة يتصل بي ويعرب عن امله في ان يأتي الى الموصل فهو يحن اليها كما يقول الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد حنين النوق . .
كتب عنه وعن تجربته في عالم الشعر والرحلات كثير من الكتاب والنقاد والادباء منهم الاستاذ حسب الله يحيى والاستاذ عبد الحق رحمون والدكتور عبد الاله الصائغ والدكتور جليل كمال الدين .
نشر نتاجه في الصحافة العراقية والعربية والاجنبية . ونشرت قصائده في أنطولوجيات عربية وألمانية.
ومما اود الاشارة اليه ان كثيرا من قصائده ترجمت الى لغات عديدة منها الانكليزية والالمانية والفرنسية والايطالية والروسية والتركية.
حاز على شهادات تقديرية في كثير من الدول على دوره في نشر الادب العربي والكوردي والنمساوي في العالم فلقد كرم في مدينة شفشاون المغربية ومنح عضوية المواطنة الشرفية فيها هذا فضلا عن تكريمه في دهوك وفي النمسا وفي جامعة كازخستان وغير ذلك .
يعتبر الاستاذ بدل رفو واحدا من ابرز الرحالة العراقيين المعاصرين ويشكل مع الاخ والصديق الرحالة باسم فرات ثنائي رائع ترك الكثير من الاخبار والمعلومات عن المناطق التي رحلا اليها وعرفا العالم على اخبار وواقع وتاريخ العراق القديم والحديث والى جانب ذلك فللاستاذ بدل رفو انتاج ادبي وشعري غزير ليس من الممكن الاحاطة به ومن ذلك على سبيل المثال كتابه الموسوم عن ( الشعر الكوردي المعاصر) وقد صدر سنة 1989 عن وزارة الثقافة والإعلام في العراق
وله كتاب عن الكاتب الداغستاني رسول حمزاتوف بمشاركة الأستاذ خيري هزار مزوري نشر سنة 2001 وله ( الشهد والثلج ) صدر ببغداد سنة 2013 وله (رحلة الى بلاد دوقات النمسا) و(جوهرة جبال الريف المغربي شفشان معشوقة المصور الفوتوغرافي عبدالغني مفتاح) .
كتب عنه صديقنا الاستاذ الدكتور ضياء نافع رئيس قسم اللغة الروسية الاسبق في جامعة بغداد مقالة في جريدة (الزمان) عدد 19 ايلول 2015 فقال : “تعرفت الى الشاعر المبدع بدل رفو قبل اكثر من ثلاثين سنة, عندما كان طالبا في قسم اللغة الروسية بكلية الاداب في جامعة بغداد في ثمانينات القرن العشرين. لقد لاحظته بين طلبتي الاخرين, اذ كان يساهم بشكل متميز اثناء تدريسي لمادتي الترجمة والشعر الروسي آنذاك, وبدأت اتحدث معه وعرفت منه انه يكتب بعض القصائد, فشجعته على الاستمرار بذلك, وكنت مقتنعا ان هذه البدايات ستؤدي به الى السير الحثيث في طريق الابداع الشاق والرائع بآن, وبالذات في مجالي الشعر والترجمة, وكم كنت سعيدا عندما بدأت اتابع مسيرته فيما بعد . فرقتنا ظروف العراق المعقدة والرهيبة,وعلمت انه استقر في النمسا,هذا البلد الذي يليق بالمبدع ويتناغم معه , وقلت في نفسي انه سيجد مكانته اللائقة به.وسارت الاعوام, وفجأة , في سنة 2004, دخل بدل رفو عليٌ في مكتب عملي, وكنت آنذاك العميد المنتخب لكلية اللغات في جامعة بغداد. عرفته رأسا, رغم ان الاعوام الطويلة قد بدت واضحة على معالمه, وقمت واستقبلته بالاحضان, ولاحظت الدموع تنساب من عينيه, وبالكاد حبست انا دموعي . كان اللقاء رائعا.وبعد ان ترك المكتب, سألوني الزملاء الذين كانوا حولي – ( من هذا الذي بكى وكاد يبكيك ويبكينا معه؟) , فقلت لهم , انه واحد من طلبتي النجباء, الذي احتفظ طوال حياته بذكرى احد اساتذته, الذين درسٌوه الشعر الروسي والترجمة, والذي تنبأ له بمستقبل وضٌاء في عالم الادب الرائع الجميل. وهكذا عادت العلاقات الطبيعية بيننا, من مراسلات ومتابعات لكل النشاطات الفكرية, وقد سألني بدل قبل ايام, هل يمكن لي ان اكتب مقدمة لهذه المجموعة الشعرية, فاجبته بعد دقيقة من استلامي طلبه قائلا – نعم وبكل سرور, وان هذا شرف كبير لي, فاجابني بدل رأسا قائلا – هذا أسرع جواب لطلب تقدمت به طوال حياتي .. كان بدل ولا يزال يجسٌد روح وطنه, واصبح بعد ان استقر في النمسا جسرا ثقافيا وحضاريا شامخا, ينقل ثقافة وحضارة العراق الى النمسا وثقافة وحضارة النمسا الى العراق, ويا له من دور حضاري وثقافي متميز” .
بدل رفو ، وهو يرحل الى بلدان كثيرة ، كان يحمل فوق كاهله سنينا طويلة من أرث بلده ، وهويجول في بلدان ومدن عديدة لم ينس بغداد ولم ينس الموصل ولم ينس دهوك ولم ينس عين سفني .. بدل رفو وهو يكتب عن كوفلاخ ، ولاندل ، وكهف كارستي ، واهرام مصر ومدينة شفشاون المغربية ، وبلاد الثائر جيفارا .. في الهند وفي اقليم راجستان..وامام سيكاندرا ..مرقد ضريح القائد اكبر . . لم ينس العراق بلد الحضارة والتاريخ . وعندما رحل وكتب عن كلوستر نوي بورغ ، وبلدة القديس انطوان ، والنمسا ، وكازخستان وفورشاخ ، واودينا في ايطاليا ، وبلاد زاباتا ، وايفا الارجنتينية كان العراق في قلبه وكانت مدينة الموصل وكردستان العراق حاضرة في فكره ، وهكذا هو بدل رفو الرحالة ..عدد لي أماكن في الموصل وذكر خانات وقيصريات وازقة واكلات موصلية وقال من لايعرف هذا كله فهو ليس بموصلي ، وانا اعرف كل هذا فأنا موصلي . هكذا قال لي وكتب .
بدل رفو عراقي كردي من الشيخان –عين سفني وهو موصلي التربية والنشأة والهوى .. اتلمس موصليته في كثير من رسائله وحنينه لمقاهي الموصل .. لرموز الموصل لمجانين الموصل .. ولمجذوبيها لاصدقاءه من الشباب ومنهم من فقده .. لاسواق الموصل واكلاتها ومراسيم الزواج فيها .. لطبيعة الموصليين واخلاقياتهم .
نعم ، كما قال الصديق والاخ الاستاذ الدكتور ضياء نافع فالشاعر والرحالة والانسان بدل رفو نقل ذكريات بلده العراق ومحافظته نينوى الى النمسا ، وصار هو جسرا ثقافيا نقل اليهم الشعر العربي ، والادب الكردي والروح العراقية الوثابة ومن هنا جاء احتفائي واحتفالي به مواطنا انسانيا قبل ان يكون مواطنا عراقيا مهاجرا وسائحا بل رحالة شد الرحال الى مناطق العالم او لنقل الى معظم مناطق العالم ينقل اليهم تجربة وطن يمتلك من العراقة ما يجعله يحتل مكانته بين قلوب الناس جميعا . ولم يأت هذا اعتباطا بل ثمة جذور .. وثمة عروق تمتد من العراق مُعًلم العالم الزراعة ، والنار ، والمكتبة ، والعجلة .. عراق حمورابي وكلكامش ، والكندي وابن حوقل وزرياب ، وابو تمام ، واحمدي خاني والسياب وكاوة الحداد وشعلان ابو الجون والوردي ومصطفى جواد والجواهري .
نعم عن ماذا يحدث العالم الرحالة والشاعر بدل رفو ؟ من المؤكد انه يحدثهم عن الشعر العراقي .. عن الشعراء العرب والكورد والتركمان والسريان .. عن الثقافة العراقية الاصيلة .. عن وطن إسمه العراق ، وعن مدينة إسمها الموصل يحدثهم عن الشعر ، والحب.. يتكلم معهم بالعربية والكوردية ويكفي ان نقول انه بدل رفو سفير الثقافة العراقية الدائم في العالم .