تغطية: أنس الباشي – نينوى
إعداد: كديانو عليكو
تعتبر مهنة الصفارة من المهن المعروفة في العراق، حيث كانت شعوب المنطقة تستخدم النحاس في فترة من الزمن كمادة أساسية في صناعة الأدوات المنزلية وخصوصا أواني الطبخ.
ومدينة الموصل واحدة من المدن التي اشتهرت بصناعة النحاس، الذي يسمى شعبيا في العراق بـ (الصفر) نسبة للونه الأصفر الذهبي البراق.
يقول عباس الصفار الذي توارث مهنة الصفارة من اجداده بعد ٣٠٠ عام من امتهانها للمسرى: انه “يمتهن العمل في مهنة الصفارة من النحاس وغيرها من المعادن لاحياء هذا التراث الجميل، مضيفا انهم يعملون في هذه المهنة النحاسية ابا عن جد منذ ما يقارب الـ 300 عام”.
واوضح الصفار، انه “منذ ان كان طفلا كان يذهب مع والده في العام 1982 الى مكان العمل وكان يتردد الى المحل سياح اجانب وقتها ويقتنون العديد من الاواني النحاسية المنقوشة عليها يدويا، مشيرا الى انهم كانوا (اي السياح) يعشقون الاعمال اليدوية”.
واضاف، انهم “يكافحون من اجل احياء هذه المهنة التراثية الاصيلة، مشيرا الى ان غلاء المواد المستخدمة ومشكلة الايجار وغياب الدعم الحكومي للابقاء على هذه المهنة تشكل عائقا امامهم للابقاء على التراث الاصيل، مبينا ان مردود العمل في هذه المهنة بالكاد يكفي لتامين لقمة العيش”.
واكد الصفار، ان “اناس من ديالى ومن البصرة ومن الحلة ياتون ببضائعهم الى محلنا من اجل اصلاحها او بيعها للمحل، خاصة من الموصل، لان الموصل مولعة بهذا المجال وكانت بؤرة ومنبعا للصناعات النحاسية وهي من علمت الدول والمناطق المجاورة هذه المهنة، مشيرا الى ان (شجاع الموصلي) قبل اكثر من 700 عام كان من الحرفين المبدعين بهذه المهنة، وخير شاهد على ذلك هو (الابريق الموصلي) الذي لا يزال في المتحف البريطاني بلندن وتمثاله ايضا خير شاهد ولا يزال مقابل الجسر العتيق في مدينة الموصل”.
واشتهرت مد
ينة الموصل قديماً بمنتجاتها المعدنية من النحاس، وكان من بين المنتجات المصنوعة في المدينة الإبريق الشهيرالذي يتم عرضه الآن في المتحف البريطاني بلندن، إذ كانت المنتجات النحاسية تملأ زوايا سوق الصفّارين في الموصل. لكن الآن ومع منافسة الواردات الأرخص سعراً للمنتجات المصنوعة يدوياً، وارتفاع سعر النحاس، يخشى كثيرون من أن تتلاشى تدريجياً حرفة صناعة المنتجات النحاسية.
ورغم التحديات وأضرار الحروب، ما زالت سوق الصفارين في مدينة الموصل القديمة تصارع الظروف وتواصل صناعة الاواني والمواد المنزلية من مادة النحاس، وسط مطالبات بالحفاظ على الاماكن التراثية في نينوى.