كتب / رزكارشواني
ان عيد نوروز عيد قومي عريق زاخر بمعاني الثورة والتحرر والعنفوان نحتفل به مع مقدم كل ربيع حتى في تلك الحقب الزمنية التي عاش آلامها شعبنا الكردي يواجه بصلابة اعداء الشعب الذين تمثلوا على الاخص في النظام البائد الذي حاول المستحيل من اجل اطفاء جذوة نيران نوروز وبهجة احتفالاته والقضاء على هيبة المناسبة. و مازالت صور تلك الاحتفالات البهية راسخة في الذاكرة.. فعازفو (الزرنا) والطبول يتوسطون حلقات المحتفلين ليقدموا الموسيقى الشجية التي تثير مشاعر الحضور وتدعوهم الى الرقص في غمرة نسائم آذار، ثم تتسع حلقات كبيرة يتم فيها الرقص وتشابك الايدي وتضرب الاقدام على ايقاع مشوق وممتع يثير الفرح. وفي آخر المساء يهم الجميع بالعودة الى منازلهم بعد يوم جميل استمتعوا فيه على ارض خضرا. عيد نوروز لايختلف عن الاعياد الدينية الاخرى الا انه يحمل قاسما مشتركا في الاحتفال لجميع مكونات شعبنا العراقي ولذا فهو يعد مناسبة سعيدة يجتمع تحت مناخاتها المفرحة اغلب العراقيين وقد ملأت قلوبهم محبة هذا الوطن العظيم ودعاؤهم ان يعم الاستقرار والوحدة بعيدا عن الطائفية او العرقية او القومية. في الحادي والعشرين من آذار اذ تلبس الارض ثوبا مطرزا بالالوان والعطور المتنوعة، يخرج الناس من المدن رجالا ونساء، شيوخا وأطفالا ينشدون قضاء نهار خارج الروتين اليومي لحياتهم الاعتيادية وفي الاجواء الطليقة. ونحن نتحدث عن نوروز فمن الواجب ان نذكر مبدعي الامة الذين اولوا المناسبة في العصر الحديث عظيم اهتمامهم وسعوا باخلاص من اجل تواصلها وديمومتها وازدهارها، فقدموا مبادرات واسهامات عظيمة منهم الشاعر والمفكر والصحفي الخالد (بيره ميرد) الذي اعطى المناسبة بعدا وطنيا واجتماعيا كبيرا عبر مبادرته الشجاعة والكريمة التي تمثلت بإحياء عيد نوروز سنويا عند رابية (مامه ياره) المطلة على السليمانية، حيث كان يقوم كل عام بشراء اكوام كبيرة من حطب البلوط اليابس وجمعها فوق الرابية المذكورة تمهيدا لاضرام النار فيها مساء وسط حشود ضخمة، وكان بيره ميرد سباقا في اليوم التالي الى انفاق ماله الخاص، رغم امكانياته المحدودة في سبيل اعداد المأكولات وتوزيعها بين الحضور اثناء الاحتفالات الحاشدة المقامة هناك .