إعداد: كديانو عليكو
يصادف يوم 31 آذار من كل عام الذكرى الثالثة والثلاثين للهجرة المليونية لمواطني كردستان، خوفا من بطش النظام العراقي الدكتاتوري البائد.
يعتبر هذا الحدث اهم صفحة من صفحات نضال شعب كردستان، حيث قاربت اعداد المهجرين مليوني مهاجر، وبدأت يوم 31/ آذار عام 1991 والنزوح الجماعي للعوائل الكردية نحو الحدود العراقية التركية الإيرانية نحو المجهول، تاركة أرضها وبدأوا سيراً على الأقدام قاطعين مئات الكيلومترات في أرض حلبجة وهم يعانون البرد والجوع والخوف من الموت الذي يلاحقهم والمصير المجهول .
توسيع الانتفاضة لتشمل كافة المدن والقرى الكردية
انتفض شعب كردستان في 5/ آذار /1991 وامتدت الانتفاضة لتشمل جميع المدن والقرى وبعد فشل النظام البعثي باحتلال الكويت والبقاء فيها وهزيمته منها، كانت الانتفاضة اشبه بكسر أبواب سجن كبير والخروج منه، فرحة عارمة غمرت الناس انها السعادة التي يشعر بها الانسان عندما يرى سقوط الظالم وفرصة الانعتاق من عبوديته المتبقية، فمن سعادتهم وطيبتهم لم يفكروا حتى بالانتقام من القطعات العسكرية الموجودة هناك بعد ان تفرقت.
التحاق بالانتفاضة
تمكن بعض المواطنون الكرد في عدد من المدن التي بقيت تحت سيطرة قيادة النظام البعثي كالموصل، من الخروج منها والالتحاق بالانتفاضة المباركة، وقيام النظام باعتقال أعداد كبيرة من الرجال والشباب الكرد وحجزهم في معسكرات وقواطع الجيش، والقيام بتبليغ المواطنين الكرد بواسطة مكبرات الصوت طالبين منهم بالخروج الفوري من المدينة وخلال 24 ساعة، وإلا سيكون مصيرهم الموت، ولم يستثنى من هذا الأمر أحداً حتى عوائل الأسرى، خرج اغلبهم وهربوا الى المدن الكردية لينضموا بعدها الى الهجرة الجماعية المليونية، بعد ان تقدمت قوات النظام، وبدأت بقصف المدن الرئيسية وما حولها بالمدفعية، ولم يبقى إلا كبار السن والعجزة والمئات من النساء والشيوخ تركوا منازلهم ومساكنهم.
البيشمركة تجابه قوات النظام
في الأثناء قامت قوات من البيشمرگة التي تجمعت خلال ايّام الانتفاضة بمجابهة قوات النظام في عدة محاور، وتمكنت من التقدم نحو الجموع البشرية النازحة عبر الجبال شهرين من الزمن قضتها هذه الإعداد الكبيرة من الناس منذ بداية هجرتهم وعودتهم بالسير في الطرق الجبلية .
مساعدات إنسانية من دول ومنظمات
حين وصول النازحين الى الحدود الإيرانية والتركية، اتجهوا في اتجاهين، مجموعات اتجهت الى حدود إيران وكانت اكبر هذه التجمعات في منطقتي (زيوه) و(نغده) ومجموعات توجهت الى الحدود التركية وكانت اكبر التجمعات في منطقة (جلي) قدمت لهم بعض الدول والمنظمات مساعدات إنسانية وسقط الكثير من هؤلاء نتيجة الظروف القاسية التي مروا بها .
منطقة آمنة
في منتصف الشهر من نفس العام صدر قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (688) بإنشاء منطقة آمنة للكرد في كردستان. وهكذا بدأت هذه الملايين البشرية بالعودة الى منازلهم والتي اغلبها سُرقت ونُهبت، ففي مثل هذه الأيام سطر شعب كوردستان اروع صفحة من نضال مشرف صوب تحقيق حقوقه المشروعة. واستطاع الشعب الكردي كسب عطف العالم وتأييده بالقرار الدولي 688 الصادر عن مجلس الأمن في الخامس من ابريل /1991 ، وشكل القرار “688 “ نواة لعدة قرارات لاحقة.
تعبير عفوي من الشعب ردا على الدكتاتورية
كانت الانتفاضة الكردية نتيجة تداعيات حرب تحرير الكويت وبنوع من التخطيط من قبل القيادة الكردية، وكانت الهجرة المليونية تعبيراً عفوياً صادقاً رداً على الدكتاتورية باختيار الموت في الجبال وسط الثلوج والبرد على الاستسلام، وأوضحت الهجرة المليونية بأن الشعوب قادرة على تقرير مصيرها بعيداً عن السياسة والسياسات التي كبلت الطموحات الكردية منذُ تدشينه النضال. ونتيجة الأوضاع المزرية للنازحين بادرت ايران وتركيا الى فتح معابر لإمداد المساعدات الإنسانية لهم. وهذا يحمل الذاكرة الكردية الكثير من دروس وعبر تلك الملحمة البطولية .