الكاتب.. مهدي قاسم
في البلدان المتمدنة والمتحضرة ـــ حيث تعتبر قيمة حياة الإنسان فوق أية قيمة أو اعتبار آخر ــ صاغ المشرعون مواد وبنود قوانين يتضمنها كتاب قانون العقوبات الجزائية ، تركّز مشددة على مسؤولية الأهل عن سلامة حياة أطفالهم حينما تتعرض سلامة حياتهم ، بالأحرى عندما تكون مهددة بالخطر والموت المحتمل نتيجة حادثة ما ، و ذلك بسبب إهمال الأهل أو لا مبالاتهم وعدم اكتراثهم بمصير أطفالهم ، فعندها تحرك الشرطة الجنائية تحقيقا في حيثيات الحادثة لتوضيح وتبيين مسؤولية الأهل وتقصيرهم الذي قد يكون له دوره المتسبب ، على نحو ما ، في وقوع الحادثة التي أدت أو ستؤدي إلى إصابة الطفل أو حتى في حالة وفاته ..
وإذا استطاعت الشرطة الجنائية من خلال تحقيقاتها الدقيقة والصارمة إثبات مسؤولية ذوي طفل على صعيد تقصيرهم المتسبب في ظروف وملابسات إصابة أو موت طفلهم ، فعليهم عند ذاك المثول أمام المحكمة وتحمل العواقب القانونية ــ قد تكون عقوبة حبس مع التنفيذ أيضا ــ في حالة إدانتهم على أساس أدلة قاطعة ، على صعيد الإهمال والتقصير من هذه الناحية ..فمصيبة أو نكبة فقدان طفلهم لن تعفيهم من طائلة العقوبة..
إذ يتحتم عليهم ، في كل الأحوال ، تحمّل مسؤولية ومغبة تقصيرهم وعدم اكتراثهم بمصير أطفالهم ..
لهذا فالمواطن الأوروبي ــ مثلا وليس حصرا ــ على بينة ودراية من هذا الأمر، لذا نجد الأهل يرافقون أطفالهم إلى المدرسة صباحا قبل ذهابهم إلى أعمالهم ووظائفهم ..
بينما بعد الظهر ينتظرونهم أمام مدارسهم ليعودوا بهم إلى البيت برفقتهم ورعايتهم التامة .
وهو الأمر نفسه يحدث عندما يأخذونهم إلى أماكن التسلية واللهو دون أن يتركونهم لحالهم وحيدين ولو لدقيقة واحدة ..
بالطبع ليس بالضرورة خوفا من طائلة القانون العقابية أنما حرصا على سلامة حياة أطفالهم في الدرجة الأولى و الأخيرة ..
بطبيعة الحال كل ما كتبناه ــأعلاه ــ لا ينفي مسؤولية جهات رسمية مختلفة وذات صلة و علاقة بالأمر ، عن تقصيرها وإهمالها بل و مسؤوليتها الوخيمة ، أن وُجدت ، إذ هي أيضا تتحمل المسؤولية والعواقب القانونية المترتبة على ذلك حالهم في ذلك كحال الأهل.
نقلا عن وكالة المعلومة