واجه العراقُ أزمةً اقتصاديةً خانقةً، كادت تؤدي لانهيارٍ شاملٍ وإيقاف صرف رواتب الموظفين، على أثر الانخفاض الكبير في أسعار النفط، نتيجة لتفشي فيروس كورونا مطلع عام 2020
ويعتمد العراق بنسبة 97% من موازنتهِ على النفط، الأمر الذي يراه مجموعةٌ من المختصين بأنَّه سيضر البلد مستقبلاً، في حال قلَّلت الدول الصناعية من اعتمادها على النفط، واعتمدت على مواردَ بديلةٍ
وفي الأيَّام الأخيرة شهدتْ أسعار النفط ارتفاعاً غير مسبوق منذُ عامين، حيثُ وصل سعر البرميل الواحد حوالي ثمانين دولاراً، حددت الحكومة العراقية سعره ثابتاً في موازنة 2021 عند خمسة وأربعين دولاراً، للبرميل الواحد
وعلى ضوء انخفاض سعر النفط خلال الفترة الماضية، لجئتْ الحكومة العراقية لحلول عديدة لتقليل الأزمة، ومنع انهيار البلد، ومن بين تلك الحلول، هو رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي لأعلى المستويات
ومع الارتفاع الحاصل في سعر النفط، وفي ظلِّ الفارق بين سعر السوق وما بين ما تمَّ وضعه في الموازنة، وُجَّهتْ دعواتٌ مختلفة للحكومة العراقية، من أجل الكشف عن الإيرادات المالية المتحققة، وكيف سينعكس هذا الارتفاع على وضع المواطن، من تقديم الخدمات وخفض سعر الدولار، وإيجاد فرص العمل
كوفند شيرواني الخبير المتخصص في الشؤون النفطية قال إنَّ، الزيادة العالية في سعر النفط بدأتْ في النصف الثاني من العام الحالي، حيث كان سعر النفط حوالي خمسة وستين دولاراً للبرميل الواحد، وهذه الزيادة وفرت حوالي عشر مليار دولار
لافتاً في حديثه إنَّ الزيادة الحالية التي اقتربت من ثمانين دولاراً للبرميل الواحد، ستوفر زيادة بحوالي خمس مليار دولار، وبالتالي سيصبح المجموع خمسة عشر ملياراً تضاف على الموازنة المالية للسنة الحالية
وأضاف أن العجز المالي في موازنة العام الحالي يبلغ تسعة عشر مليار، والزيادة الحالية على سعر النفط، ستؤدي لتقليل العجز بنسبة تسعين بالمئة وتمنع لجوء الحكومة للاقتراض الداخلي والخارجي
واعلنتْ وزارة النفط العراقية عن إحصائيات التصدير والإيرادات المتحققة للنفط في العراق خلال شهر أيلول ستبمر الماضي
وقال إعلام الوزارة في بيان إنَّ مجموع الصادرات والإيرادات المتحققة لشهر أيلول الماضي ، بحسب الاحصائية الأولية الصادرة عن شركة تسويق النفط العراقية “سومو” ، بلغت كمية الصادرات من النفط الخام (92) مليونا (422) الفا بإيرادات بلغتْ قُرابة ستة مليار دولار
وبحسب بيانات مختلفة للحكومة العراقية فأنَّ ديون العراق الداخلية والخارجية بلغت 121 مليار دولار، منها 23 مليار واجبةُ الدفعِ
وأوضح مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة العراقية بأنَّ، ديون العراق تنقسم إلى عدة أقسام منها واجبة الدفع في الوقت الحالي، ومنها ما تمَّ تأجيله لكن بإضافة فوائد، مؤكداً أن هناك ثلاثة وعشرين مليار هي واجبة الدفع
مشيراً في حديثه أنَّ هناك تعويضات يجب دفعها لدولة الكويت عن الغزو الذي تسبَّب به نظامُ صدام حسين، وتبلغ قيمتها حالياً حوالي ملياري دولار، فيما هناك إلتزامات تجاه البنوك الداخلية التي تمَّ الاقتراض منها في فترة أزمة كورونا وهبوط أسعار النفط، لدفع رواتب الموظفين
يؤكد جمال كوجر عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، أنَّ زيادة دولار واحد على سعر النفط، تعني إضافة مليار دولار كزيادة على الناتج السنوي المتحصل من بيع النفط
ويضيف في حديثه أنَّ الارتفاع الحاصل في سعر النفط، سيمكن الحكومة العراقية من رفع سد العجز المالي، وأيضاً تمكنها من دفع رواتب الموظفين كاملة دون مشاكل أو استقطاعات، كما يمكنها من دفع حقوق الشركات النفطية العاملة في العراق
مبيناً أنَّهُ يجب استغلال الزيادة الحاصلة في سعر النفط والأرباح المتحققة، لبناء مشاريع ستراتيجية وعدم استهلاك هذه الأموال بتعيينات وزيادة رواتب، لأنَّها تعني مشاكل اقتصادية كبرى في السنوات القريبة
وأشار إلى أنَّ جميع المؤشرات تدل على تقليل الاعتماد على النفط في السنوات المقبلة، لذلك من الواجب على الحكومة أنْ تستغل الأرباح المتحققة لبناء مشاريع عملاقة، تُقلل نسب البطالة وتزيد من الإيرادات المالية غير النفطية
ندى شاكر جودت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمانية العراقي ترى أنَّ، ارتفاع سعر الدولار كان بسبب الانخفاض الكبير بأسعار النفط، وكي تتمكن الحكومة من استغلال فارق العملة لتوزع رواتب الموظفين دون مشاكل
مبينةً أنَّ ارتفاع سعر الدولار أضَّر بالمواطن العراقي كثيراً، حيث أدَّى لركود الأسواق، وزيادةٍ عاليةٍ في سعر البضائع والمواد الغذائية، الأمر الذي شكَّل عبئاً على المواطن وزاد من نسب الفقر والبطالة.
واستكملت حديثها بالقول إنَّه مع ارتفاع سعر النفط، فأنَّ حاجة الحكومة لرفع سعر الدولار قد زادت وعليها العودة للسعر السابق أو تخفيض السعر الحالي، وأن يكون السعر الجديد لايضر بالمواطنين.
وفي نهاية عام 2020، قامتْ الحكومة العراقية برفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي من 1220 ألف دينار للدولار الواحد إلى 1450 ألف دينار للدولار الواحد، خطوةً.