التصويت مسؤولية كبيرة، للاسباب التاليةستران عبدالله
هذه الانتخابات بالنسبة لكردستان مصيرية، اعلم انكم ستقولون “لقد كان هذا عنوان كل الانتخابات وكل الحملات السياسية، ولكن في الحقيقة ان هذه الانتخابات مصيرية بحق وحقيقة. لتحالف كردستان و كردستان و العراق ايضا.
……….
مقعد واحد اقل ، يعني مقعد زيادة اخر لغريمك .
ـ 1 ـ
التصويت مسؤولية كبيرة لانك انت من تقرره. التصويت التزام، على العكس من الفكر والاعتقاد السائد. فأن المسؤولية لا تقع على عاتق المواطن في عهد الدكتاتوية والاضطهاد، بينما في زمن الديمقراطيات يتحمل المواطن المسؤولية .
لان المواطن يقرر التصويت من عدمه، مقاطعته التصويت صوت لغريمه، وهدر صوته في مصلحة غريمه وانداده .
وهذا ما برز جليا من اول انتخابات نظمت. ومنها تعلمنا اول درس ديمقراطي للانتخابات . للمرحوم ياسر عرفات مقولة شهيرة يسمي فيها ديمقراطية مرحلة النضال المسلح بالـديمقراطية المسلحة. بعد الانتفاضة جرت اول انتخابات بـكردستان في الـ 19/5/1992، نظمت في وقت كان معظم الناس مسلحين ومع ذلك شارك فيها شعبنا بحماس ولهفة كبيرة، وفي ذات التاريخ تعرفنا على التصويت والديمقراطية لاول مرة من جهة ومن جهة اخرى تعرفتا على اول عملية تزوير يجريه الديمقراطي الكردستاني وتحول بعدها الى ثقافة الحزب في كل الانتخابات ولم يتمكن من التخلي عنها رغم الكبر.
في اول اختبار لاهمية الصوت والمقاعد خرجنا بالشكل التالي….
لم ينتظر مسؤول موقر ( انضم لاحقا للبارتي ) كثيرا حتى يسمي نتيجة الانتخابات التي جاءت مناصفة بين الديمقراطي والاتحاد الوطني بالـ”فيفتي فيفتي” والذي اغلق حزبه المسمى ( حزب الشعب ) وعاد الى حضن خمسين البارتي ولم يكن ليتخلى قط عن اسطورة اغلبية البارتي واقلية اليكيتي في المفاوضات على اساس ان الاتحاد حصل على اقل من خمسين مقعدا . صحيح ان الـ 50 و الـ 49 كالاختان التوأمان ولكن واقعا ذلك يظهر فرق مقعدين، والبارتي بدوره ثبَّتَ هذا الامرَ كي يقول كذبا وبهتانا الاغلبية والسلطة لي ولكم المعارضة .
ـ 2 ـ
تمعنوا في الارقام الاخرى :
في الانتخابات التي نظمت بعد الانشقاقات وانشطار الكتل داخل الاتحاد الوطني الكردستاني :
اولا : في انتخابات عام 2014 :
مجموع ( 18 و 24 ) مقاعد الاتحاد زالتغيير يساوي 42 ، ومقاعد البارتي كانت 38. بعد ابرام اتفاقية دباشان بين الاتحاد الوطني والتغيير ابدى البارتي انزعاجا وامتعاضا ورفضا وكان يقول اجتمع معكم كلا على حدا، لان ذلك يجعله يحتفظ بالاكثرية مقابل اي واحد منهم، وكنا معا نحن والتغيير سنسبقه باربعة مقاعد.
ثانيا : حصد البارتي في انتخابات 2018 خمسة وعشرين مقعدا وهذا طبعا مع التزوير الذي اتبعه .
وكانت باقي مقاعد كردستان من دون الاخوة الاسلاميين كالتالي :
( 4 ) للجيل الجديد و ( 5 ) للتغيير و ( 20 ) لليكيتي وهذه المقاعد مجتمعة مع مقعد واحد للتحالف الديمقراطي كانت تساوي ( 30 ) مقعدا. ولو لم يكن مناطق نفوذ الاتحاد الوطني مشتتا لما اصبح البارتي الاول من دون منافس.
ثالثا : انتخابات 2018 لبرلمان كردستان :
الاتحاد الوطني حصد 21 مقعدا
التغيير حصد 12 مقعدا و 8 مقاعد لحراك الجيل الجديد المولود بدوره من رحم حركة التغيير.
والبارتي حصل على له 45 مقعدا ظل محل شك ولحد الان.
مجمل مقاعد الاتحاد والتغيير والجيل الجديد كانت تساوي 41 مقعدا. وهذا الرقم كان يقربنا من تعديل موازين القوة مع حزب البارتي
اليكم ما حدث بعد تلكم الانتخابات .
1 / انشطر الجيل الجديد في كردستان الى كتلتين اثنتين و تفرق جمعهم
2 / لم يعد هناك اثر للجيل الجديد في العاصمة بغداد، و كتلة التغيير في مجلس النواب العراقي اصبحت كتلة متمردة على برنامج و سياسات كاك نوشيروان مصطفى والحركة نفسها.
هذه الدروس والعبر الديمقراطية القيمة واضحة و مفهمومة. مفادها ان الحق الديمقراطي و حق الاختلاف لن يجدي نفعا لو استخدمناه منفردين وعلى علاته من غير تقييم موضوعي
لو استخدمنا هذا الحق بتجرد ومن دون تقييم لربما شعرنا لوهلة بنشوة النصر على اعتبار اننا استخدمنا حقنا الديمقراطي او حقنا في التعبير، ولكن ماذا ربحنا عمليا ؟ سنربح تفتيت اصواتنا وهدرها من قبل الاخرين الذين سيتلاشون لاحقا كالبخار و يذوبون كالثلوج، لن نجدهم كي نحاسبهم ونعاقبهم في جولةًاخرى للانتخابات.
– 4 –
متشرذمون و متفرقون و يذوبون
وعلى العكس من ذلك، فان باستطاعتنا محاسبة الكبار من الكتل والاحزاب مثل ما فعلناه نحن بما تصورناه جزافا بمعاقبة الاتحاد الوطني، عندما تسببنا مع الاسف بضعف الاتحاد، لكن واقع الحال اننا لم نحاسب الا انفسنا بما اقترفت ايدينا ولم نتمكن من تقوية هيمنة احد سوى حزب البارتي .
والحال كذلك مع التغيير، تولدت منها احزاب صغيرة وعاقبت الحركة، من دون ان تقدم هي شيئا او تصبح رقما مؤثرا، فمقاعدهم ظلت تراوح مكانها من دون جدوى .
والان يتهمون الاتحاد الوطني الكردستاني من منظورهم التجاري الرخيص ببيع منصب رئاسة الجمهورية .
ومع كل هذه التجارب المرة، فان دعاية الاحزاب الصغيرة و السياسيين الصغار هي نشر كذبة بيع حزب كبير مثل الاتحاد الوطني الكردستاني . ما بالكم فلم لا تتحدثون مثلا عن امكانية بيع و شراء مرشحين ضالين او احزاب صغيرة ؟
عقد الصفقات التجارية ليس ببعيد عنهم كونهم نزلوا الى السياسة من على ظهور التجارة، اما المرشحون الذين هم نتاج احزاب سياسية مناضلة قدمت شهداء ويسندهم تاريخ طويل ومئات الالوف من الجماهير، فكلا لن يبعيعوا ولن يباعوا او يشتروا.
اذا كان الامر كذلك ويفترضون امكانية انهيار الجبال الشاهقة، فلما لايتصورون ان دمية رجل الثلج و النمر الورقي كما كان يقول الرفيق ماو لا تذوب ؟ او لم لا تذوب الطائرة الورقية المربوطة بخيط رفيع كما يقول الاخوة في شورجة كركوك ؟
– 5 –
كيف هي الامثلة والعبر لكردستان والعراق في العموم؟
علينا ان نعي ونتعض من تجارب الشعوب و الدول لنعرف اين يتجه العراق باصوات المرشحين غير المسنودين من قبل احزاب ؟ هناك نموذج برلمان مصر ايام الرئيس مبارك، الذي كان يفتقر الى الروح والحيوية السياسية، وبرلمانات الكتل الصغيرة والاعضاء المستقلين، لبنان مثالا، الدولة الديمقراطية النادرة وسط جزيرة استبدادية ، فتعطل فاعلية برلمانها دفع الدولة والبلاد صوب الحرب الاهلية والاحتلال و شل الدولة وامنها فيما سوريا البعثية الدكتاتورية المجاورة لها ظلت تتمتع بالامن والاستقرار طوال عقود. فلماذا يجب ان تكون الدول الديمقراطية مقترنة بانعدام الامن وتفشي الفوضى ؟ فيما الحكومة الديكتاتورية والاستبداد ينعم بالامن والاستقرار ؟
لعلمكم ان العراق افلت هذه المرة (٢٠٢١) من الحرب الاهلية و التفكك بترقيع الانتخابات المبكرة، و لكن ليس ببعيد ان يتحول بعد الانتخابات الى بلد لايستطيع مجلس نوابه اتخاذ القرارات بسبب ظاهرة الكتل الصغيرة و تشتت برلمانيين لاسند لهم ولا داعم، كما كان الحال في ديمقراطية تركيا بين اعوام ( ١٩٧١ الى ١٩٨٠ ) عندما تحولت تنافس الاحزاب البرجوازية الى صراع مناطحة قرون الخرفان السياسية ، ما مهد الطريق لحدوث انقلابات عسكرية جرت البلاد والعباد الى التخلف والانحطاط السياسي .
ماهي مسؤولية كل فرد ؟
ان نصوت اعتباطا لشخص غير قوي و ذو شكيمة سياسية فهذا يعني اننا قللنا ورخصنا من قيمة الصوت وجعلناه بلا تأثير، بتصويتنا للذين لا يتحملون المسؤولية نقوي حزب البارتي مجددا . حينها لا يحق لنا ان نتسائل لماذا نـُظلم او لماذا لايوزعون الحصص وتتأخر الرواتب ؟ او ماسبب تواجد جيش تركيا في كوردستان ؟ ما الذي ادى الى حدوث الـ ٣١ من آب ام هل هناك امكانية لتكراره ؟
لايسعنا ان نطبق حرية التصويت بفاعلية وامانة بالتصويت لصغار القوى فيما ندعو بعد جولة الانتخابات الاتحاد الوطني وتحالف كردستان الى الوقوف في وجه احتكار البارتي وضمان منصب رئيس الجمهورية و الموازنة و الرواتب بحسب سياسة كردستانية عراقية فاعلة.
ليكن في علمكم ان المقترع مسؤول ايضا عن ممارسة حقه في الاقتراع . وعلل الديمقراطية عويصة ان لم تدرك متاهاتها جيدا، عليك ان تتعلم كيف تولف بين الحقوق و الواجبات بحسب جرعة متوازنة.
إن كنت تحب اللهو كما يقول الاستاذ الشاعر هيمن : ( هناك اماكن اخرى كثيرة لتلهو فيها ) فلا تتخذ من انتخابات مصيرية ملهى لرغباتك .
ولمجموعة الاسباب آنفة الذكر، علينا بحزم طاقاتنا وتجميع قوانا .
من قال ان تجربة الانتخابات السابقة مفيدة ومهمة للاحزاب و السلطة فقط ؟ ، انها مفيدة لنا كجمهرة الشعب كذلك ، مفيدةً لي انا وانت المواطن المقترع .
خلاصة الكلام، تذكر قبل وصولك الى صندوق الاقتراع ان التصويت مشقة ليوم واحد فقط فيما واجبات تحالف كردستان في كل لحظة و كل يوم بل وكل سنة .