عدنان أبو زيد
ظهرت على سطح الأحداث، بوادر خلافات على نتائج انتخابات العراق التي أجريت في 10 تشرين الأول، 2021، محدثة جدلا.
وليس هذا بجديد على الديمقراطيات، اذ حتى في المتأصلة منها، يصل الخلاف حول الأصوات، وصناديق الاقتراع الى نزاع سياسي لاذع، تتأجّل بموجبه الكثير من الخطوات الرسمية التي تلي الانتخابات، وتأخّر في بعض الحالات، الحكومات عن التشكيل.
لكن العبرة في تجاوز الأزمة حتى لا تتحول الى عقدة صعبة الحل، وان يبقى (الجدل الوطني) في حدود الحوار، حفاظا على وحدة الأمة.
في الولايات المتحدة الأميركية، وهي أكبر ديمقراطية في العالم، نتج عن السباق الرئاسي، العام 2000 أكبر معركة اقتراع، واندلع العنف أثناء التصويت حين تشابك مرشح الحزب الجمهوري جورج دبليو بوش مع المرشح الديمقراطي آل جور بشأن أوراق الاقتراع المتنازع عليها.
وفي لقطة أخرى من التاريخ الأميركي، كادت انتخابات حكام الولايات المزورة في نيويورك العام 1792 أن تنتهي بثورة.
وعلى الرغم من انخفاض وتيرة أعمال العنف الانتخابي خلال القرن الماضي، إلا أن الدقة في فرز بطاقات الاقتراع لا تزال قائمة.
ولا يزال الدستور الأميركي يُتّهم بأنه لم يقدم حلولًا واضحة للمخاطر العالية في الانتخابات شديدة التنافس حيث يمكن للأحزاب تجميع الموارد ضد بعضها البعض.
وأدت الخلافات الى تعليق نتيجة الانتخابات الرئاسية الاميركية في العام 2020 بسبب عدد الأصوات غير المحسوبة، ودفع ذلك الى اعلان دونالد ترامب، النصر قبل الأوان.
وكانت المنافسة بين الديمقراطي جون. كينيدي والجمهوري ريتشارد نيكسون، العام 1960 تتصاعد على وقع اتهامات متبادلة في التزوير، وضغط أنصار نيكسون من أجل إعادة فرز الأصوات. في النهاية، قبل نيكسون القرار على مضض، بدلاً من جر البلاد الى خلافات تؤثر في مسار الحرب الباردة بين بلاده والاتحاد السوفييتي.
وفي الانتخابات الألمانية 2021، وهي انتخابات تحدد خليفة المستشارة أنجيلا ميركل، برزت الادعاءات بتزوير الانتخابات ونظريات المؤامرة حول أمن التصويت عن طريق البريد.
وقال خبراء: إن أولئك الذين يدْلون بهذه المزاعم قد تأثروا برواية “الانتخابات المسروقة” الأميركية، العام 2020.
ميرو ديتريش، الباحث في المركز الألماني للرصد والتحليل والستراتيجية (CEMAS)، يقول: إن مزاعم “آلات تصويت مزورة” في ألمانيا انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من زيف ذلك، ما يدل على خطورة الشائعات.
وفي الانتخابات الفرنسية، تؤدي الفضائح السياسية والولاءات المتقلبة للناخبين إلى فتح باب المنافسة على مصراعيه، بينما اتهامات إساءة استخدام الأموال العامة، تلاحق المرشحين.
وتضرب عالمة السياسة كورين ملول من المعهد الكاثوليكي في باريس، المثل، في سياسيين مرشحين يعيدون تركيب أنفسهم من جديد، باعتبارهم مرشحين أخلاقيين، يريدون التخلص من الممارسات التي تورطوا بها في المحسوبية.
إنّ مثل هذه المنعطفات يجب الا تُضعِف الايمان بالديمقراطية، لأنها الطريق الأمثل لنيابة الشعب.