حلمتْ ميسون بتحقيق شهادة الجامعة، فتوجهت إلى مسارها بثبات وإصرار ، تحدَّت الصعاب وخاضت الامتحانات الخارجية، واجتازت بنجاح اختبارات الصف السادس الابتدائي، ولم تكتفِ بذلك، بل استمرت في مسيرتها نحو امتحانات الصف الثالث المتوسط ببراعة ونجحت فيها أيضاً. ثم جاء الدور على امتحانات الصف السادس الإعدادي، وبكل إصرار وثبات، تمكنت ميسون من تحقيق النجاح.
في مرأب الوالد، بدأت ميسون حسن خطواتها الأولى في عالم تصليح السيارات، لم تكن تعلم أن شغفها بعالم الإطارات وتفكيك العجلات ورائحة البنزين، سيجعلها أول عراقية تستطيع أن تحجز مكاناً لاسمها في عالم يهيمن عليه الرجال، بتفانيها ومهارتها الفائقة.
والد ميسون، كان صاحباً لمتجر صغير للمواد الاحتياطية، كان أيضاً محترفاً في تصليح الدبابات والمدرعات، ومختصّاً في إصلاح العجلات العسكرية، وفي هذه البيئة، انبعث اهتمام ميسون الصغيرة بتلك الأجزاء الحديدية وقطع الغيار، كانت تعايشها معها كالمغامرة المثيرة التي لا تنتهي، تلك التي غمرتها في عالم الصناعة والإصلاح بمختلف تفاصيله وأشكاله.
ميسون فيترجية قادرة على فك شفرة تلك السيارة اليابانية بمفردها تقول ،” كان والدي يقف بجانبي، يرشدني بحنكة وحذر، داعياً إياي للتقدم بحذر وبنفس الوقت بجرأة لأتعلم بأسرع وتيرة ممكنة. وهكذا، أصبحت ملمة بفنون التمدد تحت هيكل السيارة، فأناقش أسرارها وأصلحها ببراعة”.
وأضافت، “كنت خائفة حينما بدأت في إصلاح السيارة للمرة الأولى “، لكن لم يكن والدها يرغب في توجيهها في حال وقوعها في خطأ، بل أخبرها بجرأة وبساطة “أريد منك أن تتعلمي كل شيء، وأن لا تعتمدي على أحد في أي يوم”.
لم يصدق صاحب السيارة حقيقة أن الشخص الذي قام بإصلاح عطل سيارته كانت فتاة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها، كانت هذه اللحظة ليست فقط انتصاراً لي، بل كانت تحدياً جديداً لتحقيق المزيد وإثبات القدرة على تحقيق النجاح” تؤكد ميسون.
عبرت بشجن ،” رحل والدي مبكراً، لكنه ترك لنا الكثير من المهارات المتعددة، في مختلف مجالات الحياة وأكثرهن صعوبة، مثل الكهرباء، أنا ممتنة له للأبد، لأنه لم يعلمني صنعة واحدة، بل العديد”.
لم تكن المسيرة سهلة على الإطلاق، كانت تقوم بإصلاح السيارات وسط مشاغل الدراسة، وحتى في بعض الأحيان كانت تخبز الخبز وتبيعه للآخرين. لكن شغفها وحبها للسيارات الأميركية كانا الدافع الحقيقي وراء تحمُّلها، على الرغم من الشكوك والتحفظات التي واجهتها بسبب جنسها، إلا أنها أصرت على أنها قادرة على فعل كل شيء، وبلا شك، استطاعت أن تثبت ذلك بتحقيقها النجاحات المتتالية.