“ثرثرة فوق النيل” رواية نجيب محفوظ الشهيرة وهي تتناولُ حياةَ ثُـلةٍ من البُـرجوازيين الصغار تتخذُ من عَـوَّامَة على ضفاف نهر النيل مكانا للخوض في ثرثرتهم التي لايكفون عنها، فهم مجموعةٌ من الكُسالى و المتقاعسين ليس لهم شغلٌ سوى توجيهِ النقد والطعن. فيما كان شبابُ مِـصرَ يضحون بانفسهم في معركة العبور لتجاوز اليأس والـلاأمل وتدمير الصعاب، وترى الثرثارينَ لا يتخلون عن ثرثرتهم، و الثرثرة كما يذكر الشاعر الكردي المعروف لايُسمنُ ولايُـغني عن جوع.
يُصوِّر نجيب محفوظ في هذه الرواية المميزة مصيرَ طبقة طفيلية في المجتمع المصري، الذي وصف الشاعر “فائق بيكس” امثالهم في المجتمع الكوردي شعرا وليس رواية بقوله
“و هل كنتَ تظنُّ ان السعي من اجل نُـصرة الكرد سهلاً كأكلِ التمر ! ام انه كلام فج؟!”
لم يرَ محفوظ ولا بيكس الاب سقوطَ صنم هؤلاء الثرثارين في مصر كما في بلاد الكورد، لذا عـادَ بيكس الابن ونقصد الشاعر الكبير شيركو بيكس في ثمانينات القرن الماضي وفي عزِّ بطولات البيشمركة في ثورته الجديدة الى طرق الهاجس نفسه ولـينتقدَ هؤلاءِ الثرثارينَ في نصوص ادب المقاومة.
وا أسفاه لا نملك شاعراً اخر مثل احمدي خاني ولا كاتبا كـمحفوظ ولا شاعرا اخر كـ”بيكس” كي يتناولوا ويعالجوا لنا في ادبهم الثري ثرثاري عصرنا هذا .
و ثرثارو هذا الزمن لايكثرون من الكلام فقط بل انهم اصلافٌ وعديمو حياءٍ ايضا ولا يتورعون في فعل كل ماهو مشين.
هؤلاء ليسوا كأبطال رواية نجيب محفوظ امكنَ احتواءُ و حصرُ خيرهم وشرّهم في عوامة واحدة، هؤلاء تفشوا كـالـ”كورونا السياسية” وهم يملئون اوطاناً واوطان.
ولهذا تراهم يتهمونَ الناسَ ويُحملِّوهم المسؤوليةَ في حربٍ استباقيةٍ كي يتجنبوا النقدَ والمحاسبة.
وكما يقولُ المثلُ “ضربني وبكى وسبقنى واشتكى”
ستران عبدالله