لقد تمكن الكورد كقومية من تحقيق النجاح في الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق الى حد بعيد، وحصول الاتحاد الوطني على مقاعد اقل لا يعد خسارة لان وضعا خاصا وطارئا تسبب في ذلك ومعالجة هذا الوضع في المرحلة السياسية القادمة ليس بصعب لان الاتحاد الوطني له تجارب مع النهوض و الانبعاث من جديد.
ان كركوك شكلت وعلى مدار تاريخ تأسيس الدولة العراقية نقطة الخلاف بين الكورد و الاخرين، ولم يتمكن طرف او جهة سياسية من محو هوية كوردستانية المدينة، وجميع المعطيات تشير الى ان بامكان كركوك ان تظل على كورديتها وكوردستانيتها اذا توحد الكورد رغم تعقيد المشهد و الوضع اكثر .
تعتبر مسألة التعايش في هذه المدينة اهم من المسائل الاخرى، ما من جهة كردية لم ترفع شعار التعايش و طبقته على ارض الواقع، ولهذا ورغم ما لحق الكورد وهوية المدينة من مظالم كثيرة، فان لا احد تجرأ واتهم الكورد فيها بالعنصري والطارئ او الدخيل بل ان سياسة التعايش بقيت الشعار الرئيسي في المدينة وتبقى كذلك.
ان مرحلة مابعد الانتخابات ستكون صعبة على كركوك، القوى العربية والتركمانية لن يرضيها نجاح وانتصار الكورد، ولذلك لن يتوانوا في حياكة المؤامرات وخلق مشاكل اضافية في المدينة ما تتسبب بـتدهور الاستقرار السياسي و بالتالي تبرير عسكرة المدينة وفرض هيمنتهم اكثر على الكورد وكركوك في ضوء ذلك .
ومع ذلك كله، ليس على الكرد التخلي عن شعار التعايش وتطبيقاته كرد فعل على ماذكر سابقا بل لابد ان يزيدهم ذلك اصرارا عليه ومحاولة اقناع الاخرين بسياسة التعايش الحكيمة والعمل من اجلها بجدية و التزام.
في الحقيقة ان تعقيد وضع كركوك بداية مخيفة لتعقيد المشهد العراقي اكثر، وبوجود البعض من السنة المتطرفين الى جانب القوميين التركمان وتواجد الكثير من قوات الحشد الشعبي فان الوضع يقترب من الخطر وسينعكس اثار ذلك على الكورد و التعايش والازدهار و اعادة بناء البنى التحتية للمدينة، بالاضافة الى ان ذلك يعطي الفرصة لتنظيم داعش و الجماعات الارهابية الاخرى لاعادة فعالياتهم ما يتسبب ذلك بـصداع أليم للكورد وهوية المدينة، ناهيك عن ان محافظ كركوك بالوكالة يتبع سياسة هوجاء ويعرض مسألة التعايش الى الخطر المحدق.
ان تطبيع الاوضاع في كركوك هي السياسة والخريطة المثلى في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة بالاضافة الى اعادة القوات العسكرية الى اسوار المدينة و تشكيل ادارة محلية مدنية شرط مشاركة جميع المكونات فيها والا فان المشهد بكركوك في طريقه الى تعقيد اكثر وليس بمستبعد خروج الوضع عن السيطرة في المدنية .
نرمين عثمان