الكاتب: بشير خزعل
منذ اول عملية انتخابية بعد العام 2003 اعتادت الكتل السياسية على تشكيل حكومات توافقية من تحالفات مختلفة اومتقاطعة في كثير من الأحيان، وعلى مدى اكثر من 17 عاما تجنبت هذه الحكومات الائتلافية الصراعات الصفرية، التي من شأنها أن تعرض النظام السياسي للخطر حتى وان كانت ستعارض إرادة الكتل السياسية الكبيرة
من خلال تنفيذ بعض المشاريع او تشريع القوانين التي تتعارض معها فكريا او عمليا او لاسباب اخرى مختلفة، وقد ركزت اغلب الإدارات السابقة، سواء عن طيب خاطر أو بدون رغبة، على ملفات لا تؤثر في المصالح الأساسية للكتل السياسية والاحزاب التي تقود السلطة، ولذلك كانت إلاصلاحات التي تم اتباعها بعيدة كل البعد عن كونها جوهرية وأساسية، وبغض النظر عن شكل الحكومة القادمة ولاجل ألا تقع في الاخطاء نفسها السابقة، لا بد لها من اعتماد اصلاح أساسي يعتمد على وجود حكومة فعالة ومتماسكة، يدعمها البرلمان وليس كتلة محددة، فالقرارات الإصلاحية الصعبة تحتاج إلى دعم الشعب بدلا من الاحتجاج.
سيتعين على الحكومة العراقية الجديدة تهيئة مناخ أعمال ملائم يسهل خلق فرص عمل، تستوعب البطالة المتفشية التي كانت أحد الاسباب الرئيسة لخروج
التظاهرات.
وتقديم خدمات لطالما ارهقت الناس، خصوصا الكهرباء والسكن والصحة والتعليم وجميع ما يتعلق بالبنى التحتية الاخرى، اما اذا اتخذت الحكومة الجديدة من الحديث عن التراكمات ومسؤوليات الحكومات السابقة تبريرا عن تقاعسها، فلن يجدي ذلك نفعا من الآن وصاعدا وستفشل في سنتها الاولى، فالشعب يبحث عن حكومة انجازات لا حكومة تشكي وتظلم من الاوضاع السابقة، محدودية قدرة المؤسسات الحكومية على مواكبة الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية سيفشل اي حكومة وسيصنع حاجزا بينها وبين الشعب، ولذلك لا بد ان يكون التركيز على وضع برامج اصلاح حقيقي وعبر متخصصين او مستشارين من اصحاب الخبرة، وان كانوا من شركات اجنبية لها باع طويل في هذا المجال، فالاستقرار الاقتصادي أحد اهم ركائز الاستقرار الامني والسياسي في البلاد، وتكامل السياسة والامن والاقتصاد يؤدي الى الرفاهية التي يستحقها الشعب العراقي، الذي عانى طويلا من الحروب والانقسامات، اذا كان من يتصدى لهذه المسؤولية قادرا على انجاز ما لم ينجز في سنوات سابقة مضت، سيكون الشعب مساندا له، اما المضي في الترقيع والمماطلة والتقاعس، فسيؤدي الى استمرار الاحتجاج والتظاهر وسيفضي الى تلاشي الامن والاستقرار وضياع فرص البناء والاعمار والازدهار، لسنوات طويلة تهدر من اعمار العراقيين والاجيال.
المقال يعبر عن رأي الكاتب