المسرى ..
اعداد : وفاء غانم
في مطلع تشرين الثاني من كل عام يحتفل أتباع طائفة الصابئة المندائيين في العراق بالعيد الصغير “عيد الازدهار”.
ويحتفل المندائيون بهذا العيد باعتباره ذكرى عودة الملاك جبريل إلى السماء، بعدما كان قد نزل إلى الأرض للتبشير بالازدهار والنور.
جذور الطائفة
وتعود جذور الصابئة إلى ما قبل المسيحية بينما يعتقد باحثون أنهم مذهب منشق عن اليهودية وصل إلى بلاد الرافدين في القرن الثاني قبل الميلاد.
و يتكلمون بلغة تقليدية تعتبر مشتقة من اللغة الآرامية، وهم يعتبرون آدم نبيهم ويقدسون يوحنا المعمدان.
فيما يشتق اسم الصابئة من الفعل الآرامي “صبا” الذي يعني تعمد أو اصطبغ أو غطس في الماء، وهو ما يجري في طقوس التعميد الذي يدخل في الكثير من المناسبات لدى هذه الطائفة مثل الأعياد والزواج والوفاة.
ويترأس هذه الطائفة حاليا الشيخ ستار جبار الحلو، وعائلته تقيم في أستراليا حيث أكبر جالية للصابئة في العالم.
الديانة والكتاب المقدس
تعد الطائفة المندائية أو الصابئية من أقدم الأديان في العراق، حيث تمتد بجذورها لأكثر من ألفي عام داخل بلاد الرافدين، وتفسر المندائي أو “مندا” بالمعرفة، فيطلق عليهم اسم العارفين بدين الحق أو المتعمدين، وبسبب قدم تاريخهم وتعرضهم لنكبات عديدة على امتداد المراحل الزمنية لا يملك المندائيون تاريخا مدونا للحديث عن ماضيهم، حيث تم إتلاف وحرق مدوناتهم بمرور السنين بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له.
وتتضمن ديانة الصابئة مزيج من المعتقدات البابلية والمسيحية والفارسية، وتختلف عن الديانات الأخرى، بأنها ليست تبشيرية، ولا تؤمن بدخول أحد إليها، وتحرم الزواج من خارج الديانة.
ومن بين طقوسها الصلاة، والصوم، والصدقة، والتعميد وهو أحد أهم أركان هذه الديانة.
ويتبع المندائيون كتاب “كنزا ربا” أو الكنز الكبير، والذي يحوي صحف آدم الأولى وتعاليمه باللغة الآرامية الشرقية التي تعتبر لغة الصابئة، ويحوي الكتاب جزأين، الأول: خاص بالأمور الدنيوية من وصايا وحكم ومفاهيم، والجزء الثاني خاص بالنفس بعد وفاتها ورحلتها من الجسد الفاني إلى أصلها، وهو عالم النور.
المعتقدات والنظريات
وبحسب نظريات عديدة، فإن الخالق أمر بتصليب الأرض وتجهيزها للسكن من قبل ذرية آدم، وفي نفس اليوم تم خلق آدم ونفخ الروح فيه، ويستمر الاحتفال به لمدة 36 ساعة، وهي فترة خلق الأرض باعتقادهم، فلا يقوم أحد بلمس شجرة أو حيوان، أو حتى الاختلاط بالمحيط الخارجي، حيث يقوم الصابئة بتخزين الماء والطعام بما يكفي ليوم ونصف اليوم، للاعتكاف داخل المنزل وممارسة الطقوس والتعبد.
عدد الصابئة المدنائيين في العراق
وفي بداية الثمانينات كان عدد أبناء هذه الاقلية في العراق أكثر من مئة ألف، لكنها انحسرت بعد الحربين العراقية الإيران والعراقية الكويتية.
وقبل 2003 لم يكن قد بقي من المندائيين في العراق أكثر من 35 ألف نسمة موزعون في ست مدن كبرى هي بغداد وأربيل والديوانية والكوت والعمارة والبصرة.
الاحتفال بالعيد وسط تفشي فايروس كورونا
واحتفل اليوم أتباع طائفة الصابئة المندائيون في العراق بالعيد الصغير “عيد الازدهار”.
حيث أكد رئيس طائفة الصابئة المندائيين الشيخ ستار جبار الحلو أن الاحتفال بهذا العيد تم بشكل مبسط هذا العام لتزامنه مع تفشي فيروس كورونا، وتم داخل المعبد الخاص بهم وبعدد محدود للغاية من رجال الدين لا يتجاوز 10 أشخاص وهم أصحاب الطقوس الدينية المهمة، خوفا من انتشار الفيروس وتنفيذا لتعليمات وزارة الصحة، فاقتصروا على الدعوات والصلوات وتوزيع طعام الغفران عن روح المتوفين.
ويضيف الحلو أن “هذا العيد هو الثالث من أعيادنا الأربعة الأساسية طوال السنة المندائية، وهي البرونايا (عيد الخليقة) والدهفة ديمانة (يوم التعميد الذهبي) والدهفة ربه (العيد الكبير) والدهفة حنينا (عيد الازدهار)”.