كركوك مدينة قديمة، توجهت اليها الانظار في كل حقبها لاسيما في الحرب العالمية الاولى وبداية تأسيس الدولة العراقية واصبحت محط اهتمام القوى الداخلية و الاقليمية و الدولية، ويصح القول ان السبب الابرز لعدم تطبيق اتفاقية ١١ آذار هو كركوك .
كركوك اضحت حكاية في اطار حياة كردستان والعراق السياسية، ويعتبر الكورد هذه الحكاية حقيقية، لانها مدينة كوردستانية بدلائل تأريخية، ولكن الاخرين يعتبرونها حكاية مفتعلة اكتسبت لون الاموال و رائحة النفط.
وفي حياة كركوك الاجتماعية والثقافية يظهر التعايش و التفاهم اكثر من الاضطرابات والحروب، صحيح ان هناك متعصبين في كل مكونات واطياف كركوك الدينية، ولولا السياسات العنصرية و الفساد الاقتصادي ومصالح الدول العظمى والاقليمية لكان وضع كركوك افضل بكثير مما هو عليه الان.
الكورد والتركمان كانا جارين في مناطق المدينة، يشاركون البعض في الافراح والمآتم، وكان التعاون و والتكافل فيما بينهما في اوقات الشدة جزء جميلا من حياة المدينة.
الكورد اكثر قوميات كركوك تعرضا للظلم، القسم الاعظم من عرب المدينة وافدون، والكثير من التركمان ليسوا من سكان المدينة الاصلاء، وتم توظيفهم في مؤسسات الدولة ابان العهد العثماني، واقتضت مصالحهم على ان يسجلوا انفسهم كتركمان، وبالرغم من ان الكورد قدم لهم العون والمساعدة في ظروفهم الحالكة، ولكن ما نراه ان اغلب سياسييهم وقفوا بالضد من مشروع كوردستانية كركوك قبل وبعد عملية تحرير العراق، بالمقابل هناك الكثير من التركمان ممن هو اصدقاء الكورد يعلمون ان حكاية الكورد لكركوك صحيحة وحكاية القوميتين الاخريين مفتعلة.
ان العرب والتركمان ممن وفدوا الى كركوك واستقروا في المدينة واطرافها قبل تأسيس الدولة العراقية اصبحوا واقع حال ولابد من التعامل معهم، ولكن العرب الذين تم ايفادهم الى كركوك بخطط وبرامج بهدف احداث تغيير ديموغرافي يتسببون في خلق الكثير من المشاكل وباستمرار.
ان تعايش مكونات كركوك بحاجة الى احياء الحكايات القديمة، حكاية الصداقة بدل حكاية العداء، المحبة بدل الغيظ، السعادة بدل الشقاء، الاتفاق على اعمار كركوك وتجميلها بدل سفك الدماء والتفرقة، والتي يعلم الجميع ان المتضرر الوحيد منها اهل المدينة.
هناك فرص جيدة كي تعود قوميات كركوك ومكوناتها الدينية الى احياء تلك السنوات التي كانوا يحترمون فيها بعضهم اكثر وكانت حياتهم احلى وافضل، حرصا على مستقبلهم ومستقبل المدينة وليس كما الحال الان، فالمدينة تفوح منها رائحة الدم.
نرمين عثمان
ترجمة من الكوردية ايوب احمد