المسرى … تقرير: فؤاد عبد الله
تستمرفعاليات الجولة الأخيرة في محادثات التغير المناخي برعاية الأمم المتحدة والمعروف اختصارا بـ ” 26COP”، في دورتها السادسة والعشرين في اسكتلندا، ضمن سقف توقعات عالٍ في التعامل مع مشكلات التغير المناخي والإنبعاثات الكربونية على كوكب الأرض.
والعراق أحد البلدان المشاركة في المؤتمر، متمثلاً برئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح الذي أكد خلال كلمة له عبر مقطع فيديو وجهها للمشاركين أن” الظروف الصعبة التي عصفت بالعراق خلال 40 سنة الماضية جعلت البلد واحد من أكثر البلدان هشاشة امام التغيرات المُناخية، وأن إنعاشه” يعتمد على برامج استراتيجية تشمل تحديث إدارة مياه دجلة والفرات وتوليد الطاقة النظيفة والتشجير وتشجيع الاستثمار عبر صناديق المناخ الأخضر”.
الغازات الدفيئة تؤثر على العالم بأسره
الصحافي والكاتب المتخصص في شؤون البيئة خالد سليمان من كندا يقول لــ( المسرى)” بالتاكيد النسبة الكبيرة من الغازات الدفيئة في الجو لايؤثر فقط على منطقة معينة في العالم، بل على العكس تاثيره يصل الى كل دول العالم، ولكن تاثيراتها تختلف من منطقة إلى أخرى، على سبيل المثال، مناطق تسقط فيها الأمطار بغزارة وتواصل وتؤدي إلى حدوث فيضانات، وفي مناطق أخرى يحدث الجفاف وقلة الأمطار كالشرق الاوسط وشمال إفريقيا، التي تعتبر من المناطق الهشة والمتضررة، بما فيها العراق الذي يقع في قلب تلك المنطقة”.
إرتفاع مستوى مياه البحرقد يغرق مدينة البصرة
واضاف سليمان “أنه إذا استمرت هذه التغيرات المناخية وتصاعدت وتيرتها سنة بعد أخرى، فيمكن ان يواجه كوكب الأرض والبشر تهديدات مناخية خطرة على شكل آخر، وفيما يخص العراق فأبرز التهديدات التي قد يواجهه في المستقبل بسبب إرتفاع مستوى سطح البحر، هوغرق مدينة البصرة وإختفاؤوه بالكامل”.مبيناً ” أن ارتفاع درجات الحرارة على سطح كوكب الأرض سببه تلك الغازات الدفيئة، وبالتالي لا يؤثر فقط على قلة تساقط الامطار، بل يتجاوز ذلك إلى تبخر المياه العذبة الموجودة على الأرض، إضافة إلى جفاف المياه الجوفية بسبب قلة المتدفقة اليها من الامطار والثلوج المتساقطة”.
مركز عراقي لفحص الماء والهواء
ومن جهتها أعلنت وزارة البيئة العراقية تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تعمل على إنشاء مركز لفحص الهواء والماء والتربة عن بعد، فضلا عن وضع استراتيجية للحد من التلوث البيئي، لأن بيئة العراق حسب التقارير الدولية تشير إلى ارتفاع معدلات التلوث بسبب الإهمال بالبنى التحتية والحروب والتحديات الإرهابية.
الإنبعاثات الكربونية قد تؤدي الى غرق مدن
أما الخبيرالعراقي في شؤون البيئة، الدكتورعلي اللامي أحد المشاركين في مؤتمر غلاسكو للتغيرات المناخية تحدث لـ( المسرى) قائلاً إن “المؤتمر الدولي للتغيرات المناخية عقد بسبب إزدياد الإنبعاثات الكربونية في الجو، والتي أدت إلى ظاهرة الإحتباس الحراري وارتفاع درجات حرارة الأرض”، مؤكداً أنه ” إذا أستمر الوضع هكذا وبدون معالجة، فمن الممكن أن تغرق مدن كبرى في العالم، وتختفي جزر، لأنه بإرتفاع اربع درجات مئوية من الحرارة عن المعدل التاريخي لما قبل الثورة الصناعية، ليس بعيداً ان يؤدي إلى كوارث كبرى على الكرة الأرضية”.
العالم يسعى للحد من إرتفاع درجات الحرارة
وأشارأن ” الدول المشاركة في المؤتمر تسعى من خلال إتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، للحد من الارتفاع المتزايد لدرجات حرارة الأرض، وكذلك التقليل من الغازات الكربونية المنبعثة”، منوها أن “دولة كالعراق ليست مسؤولة بشكل مؤثرعلى هذا الإنبعاث،وإنما الدول الصناعية الكبرى هي من تتحمل المسؤولية الأخلاقية في زيادة تلك الإنبعاثات الكربونية في الجو”.
114 دولة تقدم إلتزاما دوليا
وأوضح اللامي أن ” 114 دولة قدمت وثائق وإلتزامات للتقليل من الإنبعاثات على المستوى الوطني، منها العراق، لأنه من الدول المتاثرة سلباً بتلك الزيادة من الإنبعاثات الملوثة للبيئة، متجلياً بإرتفاع درجات الحرارة وقلة هطول الأمطار وإنخفاض مناسيب وواردات المياه فيه، بسبب حبس وعدم إطلاق المياه من دول الجوار، كلها مجتمعة تؤدي إلى الجفاف في العراق، وتصحر أراضيه”.
العراق أمام التزامات مناخية وبيئية
وفي السياق ذاته قال الصحفي والمختص في شؤون البيئة أحمد صالح نعمة من محافظة ميسان لـ( المسرى) إن” تقديم العراق وثيقة وإلتزاما للمؤتمر الدولي الخاص بالتغيرات المناخية في غلاسكو، يضعه أمام جملة من الألتزامات المناخية والبيئية الواجب القيام بها، وفي المقابل سيتلقى دعماً دولياً للحد من حالات التصحروالإنبعاثات الغازية، منها إنشاء مشاريع بدعم مباشر من المنظمات الدولية أو التابعة للأمم المتحدة”، لافتا أن ” العراق من البلدان التي أزدات فيه نسبة الإنبعاثات الغازية، بسبب جولة التراخيص لحفر الآبارالنفطية في جنوب العراق وتحديدا في العمارة والبصرة”.
العراق بحاجة للكثير من التشريعات البيئية
واوضح أنه “رغم وجود قوانين، إلا أن العراق ينقصه الكثير من التشريعات البيئية لمعالجة الوضع البيئي في البلاد، ومعروف عن العراق طقسه المتطرف، حيث هناك شح في المياه في فصل الصيف، وأحيانا تحدث سيول وفيضانات في فترة ذوبان الثلوج في فصل الربيع”، مستدركا أنه من الضروري إتخاذ تدابير مدروسة للسيطرة على الخزين المائي العراقي الذي من الممكن ان يصل إلى 150 مليار متر مكعب ويكفي العراق لثلاث سنوات”.
مع اشتداد التغيرات المناخية وتحذير العلماء منها ومن خطورة نفاد الوقت للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مازالت درجات حرارة الأرض في تصاعد، وحسب تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2021 فإن التعهدات المناخية الوطنية الجديدة جنبًا إلى جنب مع تدابير التخفيف الأخرى تضع العالم على المسارالذي يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.