المسرى :
اعداد : كديانو عليكو
يعد مخيم الهول للاجئين من أكبر المخيمات جنوب محافظة الحسكة شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود السورية العراقية، والأخطر من بين المخيمات في العالم، لضمّه أسر عناصر تنظيم داعش .
يضمّ المخيم أشخاصا مشردين من الأراضي التي احتلّها تنظيم داعش ، وتسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
داعش يتكاثر
وصل عدد اللاجئين في المخيم في ابريل من العام 2019 الى 74000 لاجئ، بعد أن نما من 10000 في بداية العام، غالبيتهم من نساء وأطفال داعش المنحدرين من عدّة دول اجنبية وعربية أوّلها سوريا والعراق.
أُنشئ المخيم في الأصل لإيواء اللاجئين العراقيين في أوائل عام 1991 خلال حرب الخليج الثانية، وأُعيد فتحه لاحقا بعد تدفق المهاجرين العراقيين إلى سوريا عقب تحرير العراق عام 2003.
الهول يخرج الرحلة الثالثة والاربعين
استكمالاً لتنفيذ قرار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الصادر في 10 تشرين الأول 2020، سيّرت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الرحلة الثالثة والاربعين من رحلات الراغبين في الخروج من مخيم الهول، ضمت 46 أسرة من أهالي ريف مدينة دير الزور.
وضمت الرحلة 194 شخصاً بين نساء وأطفال، ضمن 46 أسرة من أهالي الريف الشرقي والشمالي والغربي لمدينة دير الزور.
وتمت عملية إخراج الأسر وتسيير الرحلة وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل قوى الأمن الداخلي وقوات حراسة المخيم، بعد التأكد من ثبوتياتهم الشخصية.
استمرار الاختطاف
في الرابع من آب الماضي اعلنت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي بشمال وشرق سوريا اختطاف طفلتين دون سن الخامسة من مخيم الهول، بعد ارتداء المختطفين ثياباً مشابهة للباسها العسكري، وأكدت أنها ستلقي القبض عليهم وتقدمهم للعدالة.
وقالت القيادة في بيان حصل (المسري) نسخة منه، “تقوم المجموعات الإرهابيَّة والخلايا النائمة في مخيم الهول بارتداء ثياب مشابهة للّباس العسكري لقواتنا وتعمل على تشليح ساكني المخيم وسرقة أموالهم والنصب عليهم بحجة أنهم تابعون لقواتنا في المخيم، كما تعمل هذه المجموعات على زعزعة الاستقرار ونشر الفتنة، بالإضافة إلى عمليات الخطف بحق أطفال المخيم، حيث كانت آخرها خطف طفلتين من المخيم وهما “رقية محمد محمد” البالغة من العمر (٤ أعوام)، والطفلة “سمر محمد محمد” البالغة من العمر (٣ أعوام)، وهما يتيمتان ليس لديهما أب ولا أم”.
وأكدت القيادة بحسب البيان على قيامها برصد وتحري تحركات هذه الخلايا الإرهابيَّة، وسيتم إلقاء القبض عليها في القريب العاجل ليتم تقديم عناصرها إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل جراء أفعالهم الشنيعة”.
برميل مترع بالوقود يبحث عمن يشعل الصاعق فيه
ويصف الصحفي والكاتب السعودي مشاري الذايدي في مقال سابق نشرته صحيفة الشرق الأوسط، مخيم الهول بالبرميل المترع وقوداً أسوداً لزجاً يبحث عن من يشعل الصاعق فيه.
وأضاف الذايدي، “نتذكر أن كثيراً من سكنة المخيم من جنسيات غربية، ألمانيا، بلجيكا، فرنسا وغيرها، وكذا جنسيات عربية، ترفض دولهم استعادتهم”.
ويقول، ان “المشكلة ليست في شأن المقاتلين الداعشيين الرجال، عددهم بحوالي عشرة آلاف مقاتل، هؤلاء من القتل للقتل، ولا حتى في النسوة المحترقات بنار الدعشنة، لكن في الأطفال، الذين يوشك بعضهم على بلوغ مبلغ الشباب، وكذا البنات، الذين ولدوا وهم لا يعرفون من الدنيا إلا دولة الخلافة وانتماء الخلافة”.
واستشهد الصحفي السعوي مشاري الذايدي في ختام مقالته بحديث للباحث خورشيد دلي يقول فيه: “لا أحد يضمن ألا تنفجر القنبلة الموقوتة في مخيم الهول في وجه الجميع”.
جنسيات 57 دولة في مخيم الهول
دول غربية عديدة ترفض الآن أن تستقبل مواطنيها المحتجزين في المخيَّم بحُجة ما يشكلونه من خطر على مجتمعاتهم الأصلية، في حين تقبل دول أخرى استقبالهم بشرط إعادة التأهيل، مثل الدنمارك والسويد. وقد قال خبراء حقوق الإنسان العاملون مع الأمم المتحدة إن لاجئي المخيَّم ينتمون إلى 57 دولة مختلفة.
30% من قاطني الهول يعتنقون افكار داعش
ميرا ميرونوفا، الباحثة بجامعة هارفارد ومركز دراسات الشرق الأوسط بواشنطن قالت في تصريحات تابعها (المسرى)، والتي أجرت عشرات المقابلات مع قاطني المخيَّم، إن 30% فقط منهم يعتنقون أفكار داعش، في حين يقول البقية إنهم استُخدموا من جانب التنظيم ولا يعتنقون أفكاره الآن.
داعش لا يزال حيا
في مخيم غالبية سكانه من النساء والأطفال، تعيش النساء اللواتي تخلين عن التنظيم في خوف دائم من هجمات المتشددات، إذ بدأت نساء داعش في الأشهر الأخيرة في مراقبة النساء الأخريات اللواتي يُظهرن تراجعا في الالتزام بتعليمات التنظيم الشرعية، حيث تُمنع النساء من ارتداء النظارات الشمسية أو التحدُّث مع الرجال في الأسواق أو خلع غطاء وجوههن.
تجنيد داخل المخيم
جنَّد التنظيم بعض أطفال المخيم، وهم يخضعون لنساء مخيم الهول المواليات له، ويعيش 28 ألف طفل في المكان دون تعليم أو رعاية صحية، ويخضعون لدعايات التنظيم. وكما يقول الجنرال بول كالفِرت، قائد المهمة الأميركية لمكافحة داعش في تصريحات تابعها (المسرى): “تنفذ زوجات داعش برامج تلقين يومية وينتقل الأطفال عبر خطوط سرية من الهول إلى الصحراء كي يخضعوا لتدريب إضافي ثم يتم استخدامهم كمقاتلين”.
شبكات تهريب داخل المخيم
بحسب تقرير للأمم المتحدة اطلع عليه (المسرى)، نمت شبكات التهريب التي تعتمد على إطلاق العديد من حملات جمع التبرعات من داخل المخيم عبر الهواتف المحمولة المهرَّبة بغية إخراج النساء والفتية، بيد أن هذه الجهود خلقت في الوقت نفسه مصدر تمويل جديدا للتنظيم، حين ينجح المتعاطفون في الهروب ويستجلبون تمويلا من أنصار داعش في الخارج. ففي وقت تبدأ فيه أسعار التهريب من 16 ألف دولار لكل امرأة أجنبية يتم تهريبها إلى تركيا مع طفلين أو ثلاثة أطفال، يحتفظ عناصر التنظيم بجزء من الأموال التي يضخها إليه المتعاطفون معه.
إعادة تأهيل
فى جهود خجولة أخرى، تقوم مؤسسات حقوقية بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية ببناء مراكز إعادة تأهيل لهؤلاء الأطفال الذين يشكلون خطرا كبيرا على غيرهم وعلى أنفسهم، فيما تتواصل جهود تهدف إلى خفض حدة التوتر داخل المخيم عبر إعادة السوريين والعراقيين “غير المتطرِّفين” من سكان المخيم إلى ديارهم.
مخاطر تأجيل حل ملف الهول
يتأكد مع مرور الوقت أن تأجيل حل ملف مخيم الهول إلى وقت لاحق قرار خطير يتحمل المجتمع الدولي الذي دحر داعش قبل نحو عامين مسؤوليته، إذ لا بد من اتخاذ خطوات دولية واعتماد برامج تهدف إلى نقل قاطنيه في النهاية إلى دولهم الأم لمقاضاتهم أو مراقبتهم أو دمجهم. ودون ذلك ستبقى المخيمات، لا سيما مخيم الهول، بؤرة تحفظ وجود داعش، لا سجنا يقتل أفكاره كما يعتقد البعض.