جمال المرأة” ضمن مشروعه، بعد كتابيه “دفاع عن المقالة الأدبية” و”المقالة الأدبية والاستنارة”. يضم الكتاب- كما ورد على الغلاف الأخير – باقة من مقالات سبق نشرها في صحفنا المحلية، مقالات تستعين ب (العقل النقدي) لمجابهة مشكلات اجتماعية يعاني منها مجتمعنا العراقي، مثل خفوت (روح المواطنة)، وتهميش العقل، والنظرة الذكورية إلى المرأة، والنأي عن الذوق واحترام الحياة، والنظرة الشكلية (المظهرية) إلى الدين والتعليم. وتسعى، في الوقت نفسه-إلى إضاءة السبل الكفيلة بإضعاف وقهر هذه الآفات الاجتماعية حتى تتفتح أزاهير الجمال والرقي والحضارة في أصقاع بلادنا، وتزخر أجواؤنا بأريج المحبة والتسامح والسعادة.&
وزعت مقالات الكتاب على ثلاثة أقسام: القسم الأول (مقالات في المرأة)، وهي (جمال المرأة) و(المرأة عنوان الحضارة وأساسها) و(من يمارس العنف ضد المرأة؟) و(المرأة في السليمانية). في هذه المقالات ينطلق المؤلف من رؤية ترى في وضع المرأة مقياسا لمعرفة مستوى الحضارة الذي بلغته الأمم. يقول المؤلف إن (الاستقرار الذي عرفته البشرية بفضل تعلم الزراعة، لعبت المرأة دورا كبيرا ووفرت أجواء الأمان. ومنذ ذلك الوقت صارت المرأة رمزا للسلم والأمان والخير والحياة، حتى شاعت عند بعض الأمم حكمة جرت مجرى الأمثال (ما تريده المرأة يريده الله). فأنا شخصيا أؤمن بهذه الحكمة فأشعر بالطمأنينة في كل مكان أرى فيه المرأة، أما عندما لاأجد المرأة فأتوقع الشر والأذى. من هنا أردد دائما هذه المقولة (إذا خلت أرض من المرأة صارت مقبرة موحشة)، والدليل على ذلك المجتمعات التي لا نرى للمرأة فيها حضورا في زماننا الحالي حيث تكون هذه المجتمعات كلها نزاعات وحروبا وعنفا، لا استقرار فيها ولا تنمية. وهنا نتذكر مقولة الفيلسوف الفرنسي الوجودي (ألبير كامو): (المرأة رائحة الجنة علي الارض). (الكتاب\26). وفي مقالة (المرأة في السليمانية) يرى المؤلف أن الاحترام الذي تحظى به المرأة في السليمانية، لامثيل له في المدن الأخرى، فهو يقول (عندما زرت السليمانية مع عائلتي في الخمسينيات من القرن الماضي، وأنا طفل، لفت نظري في نساء السليمانية شيء لم أكن أراه في نساء مدينتي كركوك، رأيت النساء يختلطن بالرجال في المنازل ويشاركنهم في أحاديث تدور على مختلف القضايا الحياتية. ثم تكررت زياراتي للسليمانية، وقد كبرت واكتمل وعيي، فتأكد عندي ما رأيته من قبل، إن النساء هنا يتميزن عن نساء المدن العراقية الأخرى، إنهن يحظين بشيء من الحرية في الاختلاط بالرجال، ويتحدثن معهم في شؤون السياسة، ولا يتكلفن تكلفا زائدا في تصرفاتهن أمام الرجال، ويعملن بنشاط وهمة، ويملكن الثقة بالنفس وشيئا من الشعور بالشخصية). (الكتاب\39). والدور الحضاري للمرأة يوجزه المؤلف في: 1\ المرأة والاستقرار والأمان. 2\ المرأة والتربية. 3\ المرأةو العظمة والتفوق. 4\ المرأة والفن.&
من هنا أتمنى أن تقرأ كل امرأة هذه المقالات ليشكل عندها سلاح وزاد ثقافي تدافع به عن نفسها وحقوقها أمام تهميش المجتمع لها ونظرته الذكورية تجاهها.&
والقسم الثاني من مقالات الكتاب (مقالات اجتماعية عامة) يتناول ظواهر و مشكلات اجتماعية تتعلق بالدين والتعليم والمواطنة و الوعي الاجتماعي والسعادة. . . الخ، مثل مقالة (احترام الحياة)حيث يدعو المؤلف إلى العناية بهذا المبدأ التربوي الذي اهتم به الفلاسفة مثل (براتراند رسل) الذي حثّ المربين على تعليم الصغار الاحترام، احترام الحياة واحترام الرأي واحترام العمل. وبشكل عام يتمثل (احترام الحياة) في:
1\احترام الانسان. 2\احترام البيئة. 3\احترام القيم الروحية و الأخلاقية والحضارية.&
وفي مقالة (جوهر الأديان الفضائل الأخلاقية) نقرأ (إن الأديان جميعها رسالات سماوية إلى بشر من أجل إصلاح النفوس والمجتمعات، وإشاعة قيم المحبة والحرية ودفع الظلم والفساد. وكل ما في الأديان من نصوص وفروض دينية، وسائل لتحقيق الفضائل الأخلاقية على الأرض، وليست غايات في ذاتها، إذ رأينا في الماضي، ونرى في الحاضر، تحول نصوص الأغراض الدينية إلى غايات في ذاتها، ونسيان وتجاوز الغاية الرئيسة للأديان وهي نشر الفضائل الأخلاقية). (الكتاب\77).&
وفي مقالة (مثلث التخلف الخلقي) يحذرنا المؤلف من التمسك بثلاث صفات سلوكية سلبية متفشية في مجتمعنا العراقي، وهي الأولى: كساد العقل المتمثل في الابتعاد عن القراءة والتفكير والتأمل، وهذا يؤدي إلى الثانية: الثرثرة حيث اذا نام العقل صار صاحبه عاشقا للكلام الفارغ والثرثرة، لأنه لا يعرف كيف (يقتل) وقته، والثالثة هي الميل إلى النزعة الاستهلاكية المفرطة، أي عشق الفرد للسلع الاستهلاكية، وإقتناؤه لها بشكل غير عقلاني، أي أكثر مما يحتاج إليه من السلع وفي كل الظروف.&
والمؤلف يدعو القارئ إلى صداقة (البساطة) التي يعتبرها مفتاح السعادة، ويستشهد بما قاله عنها أحمد أمين (في بساطة العيش راحة النفس، وحفظ الصحة، وحسن التفاهم، والتخفف من الأعباء المالية، وشعور بأن الحياة المادية ليست كل شيء في الحياة حتي يضيع كل الزمن في تعقيداتها وتركيباتها، فهناك حياة روحية سامية جميلة تستحق أن يوفر لها جزء من الزمان، ويخصص لها وقت من التفكير). (الكتاب\112).&
أما في مقالة (ما المشكلة في نظامنا التعليمي) فالمؤلف يشخص مشكلاته وسلبياته وأهمها (إن في نظامنا التعليمي مشكلة هي أن هذا النظام شكلي بعيد عن الحياة. لماذا؟ لأن غايته الأساسية هي الامتحان والشهادة. أما التربية والثقافة فهما غائبتان في هذا التعليم. وأقصد ب (التربية) هنا معناها الوارد في تعريف الفيلسوف الألماني (كانت)، وهو (التربية هي ترقية جميع أوجه الكمال عند الفرد)، والكمال نوعان: كمال نظري يتعلق بتعليم العلوم والمعارف، وكمال عملي يتمثل في تحويل العلوم و المعارف إلى ثقافة وأخلاق تبني شخصية الفرد. أما (الثقافة) فالمقصود بها هنا (الثقافة التعليمية) التي تعني تهذيب النفس وبناء شخصية الفرد بناء حضاريا). (الكتاب\157).&والقسم الثالث (مقالات في الادب) تتعلق ببعض الأدباء، وحوار مع المؤلف.