المسرى :
تقرير : وفاء غانم
تنامت في الاونة الاخيرة ظاهرة استقطاب الايدي العاملة من خارج البلاد في ظل انعدام تام للقوانين الضابطة لاستقدامهم وجهل مواقع عملهم، وسط ترحيب من بعض ارباب العمل لرخص أجورهم وعملهم لساعات طويلة ,في الوقت الذي يكون فيه العراقييون هم في امس الحاجة لها.
فالبطالة باتت افة تنهش في المحافظات العراقية واحدة تلوالاخرى .بحسب خبراء اقتصاديين
ويشتكي عمال عراقييون من قلة فرص العمل وسط انهيار الواقع الاقتصادي الذي يشهده البلاد بلاضافة الى تسريح الكوادر العراقية بسبب العمالة الاجنبية . بحسب ماأظهرته مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي .
الى ذلك أغلق محتجون غاضبون، الثلاثاء، مدخل “شركة نفط محافظة ذي قار” جنوبي العراق، بسبب البطالة وضعف فرص التشغيل. إذ تحرك العشرات من المتظاهرين من حملة الشهادات الجامعية المطالبين بفرص عمل، وأغلقوا المدخل الرئيس لشركة النفط، ومنعوا الموظفين من دخول المبنى.
وتبلغ نسبة البطالة في العراق ، 27%، فيما تبلغ نسبة الفقر 31.7%، وفق أحدث إحصاء لوزارة التخطيط العراقية.
ويرى مراقبون ان استقطاب الايدي العاملة الاجنبية تزاحم ابناء البلد وتشكل خطرا اجتماعيا واقتصاديا.
وبالرغم من ان العمال الأجانب يحظون بتعاطف إنساني لدى شريحة واسعة من العراقيين، إلا أن تزايد اعداد العراقيين في دائرة الفقر خاصة في السنوات الاخيرة ، تجعل الكثير من الشباب العاطلين من العمل يرفعون الصوت ضد سياسات الحكومة لنيل حقوقهم المسلوبة.
وتشير أخر إحصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى مليون و200 ألف عاطل عن العامل، الكثير منهم من حملة الشهادات الجامعية. فيما اصدرت الحكومة العراقية قراراً يقضي بترحيل العمال الأجانب العاملين في العراق إلى بلدانهم، وذلك بهدف التقليل من نسبة البطالة بين الشباب العراقي، وفقاً للجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية.
لقي القرار ترحيبا من قبل الاهالي والمعنيين , فيما رأها اخرون خطوة ترقيعية من قبل الحكومة كسابقاتها . بحسب مصادر اعلامية
مكاتب وسماسرة غير قانونيين
قال أحمد الربيعي الضابط في مديرية الاقامة التابعة لوزارة الداخلية العراقية في تصريح صحفي , ان استقدام العمال الأجانب وتهريبهم إلى محافظات عراقية، ظاهرة يتم ترتيب تفاصيلها بنحوٍ مخالفٍ لقانوني “العمل” و”الإقامة” العراقيين، فيما اعتبرها تجارة مربحة لأفراد أسسوا مكاتب لتوفير العمالة عبر واجهات لشركات سياحة أجنبية ومحلية غير مرخصة، تساعدها شبكة سماسرة موزعين في عموم البلاد ,وهي “تعمل متخفية في العادة خلف عناوين شركات سياحة وسفر، ونشاطها الرئيس هو بيع العمال الأجانب ممن يتم تهريبهم إلى شركات أخرى داخل البلاد”
كاشفا عن أغلاق مديريته ل 150 مكتب سياحة وسفر وصفها بـ”الوهمية وغير المرخصة”، خلال النصف الثاني من عام 2020، وأحيل أصحابها إلى القضاء بعد ثبوت تورطهم باستقدام العمالة الأجنبية خارج ضوابط القانون.
وعزا الربيعي تزايد ظاهرة العمالة الأجنبية غير المشروعة خلال السنوات الأخيرة إلى تنامي التهريب وتعدد طرقه سواء من محافظات اقليم كردستان او باقي مناطق البلاد. وأيضاً إلى دخول عدد كبير من العمال السوريين عبر حدود بلادهم مع العراق.
أكثر الدول التي يأتي منها عمال إلى العراق للبحث عن فرص عمل في القطاعين العام والخاص هي بنغلادش،سوريا , تركيا , إيران، الفليبين، باكستان. بحسب سمسارة وضباط شرطة.
ووفقاً لقانون ممارسة الأجانب للعمل في العراق رقم (18) لسنة 1987 المعدل بالقانون رقم (4) لسنة 1989 تضع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شروطاً لمنح إجازات العمل لمكاتب التشغيل تضمنت الأخذ بنظر الاعتبار مدى حاجة العراق إلى الأيدي العاملة الأجنبية.
احصائية لعدد العمالة الاجنبية
وتتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب الموجودين في العراق، إذ قالت وزارة العمل العراقية في يناير الماضي إن عددهم “4 آلاف عامل” فقط، “يعم أغلبهم في التدبير المنزلي” بحسب مدير العمل والتدريب المهني في الوزارة. فيما قال وزير العمل السابق باسم عبد الزمان في يوليو من عام 2019 إن عدد العمال الأجانب بلغ 750 ألفا. لكن بحسب آخر أرقام من جهة رسمية، قالت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي إن “هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق”. ووفقا للنائب عن اللجنة فاضل الفتلاوي فإن “معظمهم يعملون في الوزارات التي تدفع رواتب جيدة”.
وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية سجلت خلال عامي 2017 و2018 وجود أكثر من 100 ألف عامل أجنبي دخلوا ساحة العمل العراقية بشكل قانوني، مقابل 13 ألف عامل عراقي. إزاء ذلك، ارتفع عدد العاطلين من العمل في العراق، فوصلت نسبتهم، وفق الجهاز المركزي للإحصاء، خلال عام 2018 إلى 22.6 في المئة، فيما أعلن صندوق النقد الدولي أن نسبة العاطلين من العمل في العراق تزيد على 40 في المئة.
من جهته أعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي، عادل الركابي، في 24 نيسان 2021، عن عدم توفر إحصائية دقيقة لديهم حول عدد العمال الأجانب في العراق، لكن يوجد في العراق ما بين 500 و600 ألف عامل أجنبي دخل أغلبهم العراق بطرق غير قانونية.
لامؤهلات ولاحتى كفاءات
وأوضح باهز أن “القرار سيكون له أثر كبير” على السوق، لأن أغلب اليد العاملة الأجنبية في العراق غير قانونية، حتى أن شركات النفط العاملة في العراق تستقدم عمالة أجنبية لا تتمتع بأي مؤهلات أو كفاءات “وهذا على حساب اليد العاملة العراقية ذات الشهادات والخبرات، وبالنتيجة يرتفع عدد العاطلين عن العمل في العراق
وأوضح الوزير أن “نحو 18 ألف عامل بنغلاديشي يعملون في مصفى كربلاء النفطي، بينما يعمل ألفا عامل عراقي فقط في هذا المصفى، ويعمل 11 ألف عامل بنغلاديشي في مجمع بسمايا ببغداد
الالاف من الخرجين العراقيين بدون عمل
وتخرج أكثر من 250 ألف طالب من المرحلة المتوسطة، وقرابة الـ180 ألفاً من الجامعات، إلا أنه تمكن 200 ألف طالب فقط من الحصول على وظيفة منذ عام 2015، ولا يزال 50% من خريجي الجامعات والمعاهد دون عمل. وفقاً لإحصائيات وزارة التخطيط العراقية.
وبحسب الإحصائيات التي أصدرتها وزارة العمل الاجتماعية، يبلغ عدد العاطلين عن العمل في العراق نحو 1.6 مليون، بفئات مختلفة، بينهم أعداد كبيرة من حملة الشهادات العليا. ووفقاً لإحصائيات أممية، فإنّ أكثر من 45 ألف شخص يتخرجون سنوياً في الجامعات والمعاهد بالعراق، وفي سنة 2019 وحدها كان هناك نحو 50 ألف خريج، وتم تعيين نحو 2000 فقط من هذا العدد. وبحسب دراسة منشورة عام 2018 فإن 20 بالمئة من العراقيين يعانون من البطالة، وترتفع النسب في بعض المحافظات إلى 58 بالمئة.
ويقول المختصون إن هذه الأرقام “تضاعفت” بسبب أزمة كورونا والتدهور الاقتصادي الكبير في السوق العراقية.
مخالفين لشروط الاقامة يمتهنون التسول
والقت مديرية شؤون الإقامة في وقت سابق ، القبض على عدد من الأجانب المخالفين لشروط الاقامة في العاصمة بغداد.
وذكرت المديرية في بيان تلقى المسرى نسخة منه ، أن “ملاكات مديرية شؤون الاقامة بالتعاون مع استخبارات الوافدين، في (الباب الشرقي، والخلاني، وشارع الربيعي) تمكنت من القاء القبض على (٢٠) شخصا اجنبيا من مختلف الجنسيات، مخالفين لشروط القانون العراقي لأقامة الاجانب رقم ٧٦ لسنة ٢٠١٧، ويمتهنون التسول في شوارع العاصمة بغداد”.
واشارت المديرية الى أنها” طالبت المواطنين بعدم ايواء الاشخاص الاجانب المخالفين للقانون والابلاغ الفوري عن محل تواجدهم خدمة للصالح العام , مبينة ان جهود ملاكاتها مستمرة في ملاحقة الاجانب المخالفين. وفي السياق اعلنت مديرية شؤون الإقامة في 21 , أيلول 2021 القاء القبض على 39 شخصا اجنبيا مخالفين لشروط الإقامة .
وذكر بيان لوزارة الداخلية ,ان” مفارز مديرية شؤون الاقامة في محافظة البصرة القت القبض على ( ٣٩ ) شخصا اجنبيا من مختلف الجنسيات وذلك لمخالفتهم شروط قانون اقامة الاجانب العراقي رقم ٧٦ لسنة ٢٠١٧ .
واكدت المديرية أن,جهود ملاكاتها مستمرة في ملاحقة الاجانب المخالفين، مطالبة في الوقت نفسه المواطنين بعدم ايواء الاشخاص الاجانب المخالفين للقانون والابلاغ الفوري عن محل تواجدهم خدمة للصالح العام”.
اخراج العملة الصعبة
الى ذلك أكدت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية أن العمالة الأجنبية تتسبب بإخراج العملة الصعبة من البلاد.وفي السياق ذاته قال عضو اللجنة، النائب ستار العتابي، إن “أكثر العمالة الأجنبية المتواجدة في البلاد تدخل بصورة قانونية ،لكن الكثير من العمال يمتنعون عن الخروج عندما تنتهي مدة إقامتهم ،ما يجعل وجودهم غير شرعي”، لافتاً الى أنه “يصعب معرفة عدد الأموال التي تخرج من العراق عن طريق العمالة الوافدة لعدم وجود احصائية لدى وزارة العمل والجهات المعنية بعدد العمال الأجانب”.
وأضاف العتابي، أن “الأموال التي يتحصلون عليها جميعها تخرج بالعملة الصعبة ،ويعد ذلك ضربة للاقتصاد العراقي”، مبيناً أن “دخول تلك العمالة أثر تأثيراً سلبياً وسبب بزيادة أعداد العاطلين عن العمل”.
منع استقدام العمالة البنغلادشية
أعلن مدير دائرة العمل والتأهيل المهني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، أن الوزارة استحصلت موافقة الأمانة العام لمجلس الوزراء لمنع استقدام العمالة البنغلاديشية إلى العراق.
وصرح مدير دائرة العمل والتأهيل المهني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، رائد جبار باهز، أن القرار جاء بينما يوجد في العراق 400 ألف عامل أجنبي يعملون في بغداد والمحافظات الأخرى “بصورة غير قانونية.
اعداد كبيرة وتستر من قبل الاهالي
اكد عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النائب ستار العتابي في تصريح لوسائل الاعلام ,أن “الحكومة ووزارة الداخلية نفذت عدة حملات لتسفير من تجاوزت إقامتهم المدد القانونية ،لكن ما زالت الأعداد الموجودة كبيرة جداً، فضلاً عن وجود تستر وإخفاء للعمالة الأجنبية من بعض المنازل وأصحاب المعامل والمحطات والمطاعم من أعين وزارة الداخلية”.
وشدد على “وجوب إصدار توجيهات صارمة تحقق تواصلاً مباشراً بين وزارتي العمل والداخلية لإنهاء هذه الظاهرة ،لافتاً إلى أن “أعداد العمالة الأجنبية تقدر بمئات الآلاف”.
ولقي قرار ترحيل العمالة الأجنبية عن البلاد صدى إيجابيا لدى أعداد كبيرة من العراقيين العاطلين عن العمل. إذ يخشى هؤلاء من تأثير العمال الأجانب على السوق المحلية خصوصا وأنّ عددهم تزايد في السنوات الماضية. بحسب مراقبيين.
العمل تتبرأمن استفحال الظاهرة وتقر بالفوضة
رائد جبار باهض مدير دائرة العمل والتدريب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، يرى أن وزارة العمل غير مسؤولة عن استفحال ظاهرة العمالة الأجنبية
وعلى حد قوله فإن الوزارة لم تمنح سوى 20 ترخيصاً لمكاتب توريد العمالة في بغداد والمحافظات الأخرى خارج اقليم كردستان، لقاء مبلغ قدره خمسون مليون دينار عراقي كرسوم ترخيصية، تدفعه كل شركة مع تعهد أصحابها بالالتزام بشروط السلامة المهنية والأمنية في استقدام العمال.
وبين باهض بعدم امتلاك وزارته لإحصائية دقيقة عن أعداد العمال الأجانب في ظل تدفقهم عبر مكاتب غير مجازة تعمل خلافاً للقانون.
ويشير إلى أن تراخيص فتح مكاتب استقدام العمالة تمنح بحسب الكثافة السكانية لكل محافظة، وحاجة سوق العمل، لكن ما يحدث الآن أشبه ما يكون بفوضى، وفقاً لتعبيره
انتهاكات خطيرة بحق العمال الاجانب
هذا من جهة من جهة اخرى وثق المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر خلال عام 2020 ما عدده (157) حالة انتهاك جسدية ضد العمال الأجانب، بعضها يصنف كانتهاك خطير. بحسب المرصد
مسؤولون يسهلون عملية التهريب
يعاني العراق من مشكلة مزدوجة تتعلق بالعمل والبطالة. فهو يشهد استقداماً كبيراً للأيدي العاملة الأجنبية بالتزامن مع ارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة، وفق ما قاله رئيس اتحاد ونقابات عمال وموظفي الديوانية علاء المحنة في تصريح صحفي .
وشار المحنة إلى أن “هناك معاناة كبيرة يعيشها العمال العراقيون بسبب زيادة استقدام العمالة الأجنبية، سواءً كانت بشكل قانوني أو غير قانوني. وتتلخص هذه المعاناة بعشوائية استخدام تلك القوى العاملة من دون أي تصور لآثارها السلبية على السوق وحركة العمل، التي تشهد ركوداً ملحوظاً في قطاعات العمل الإنتاجية، خصوصاً الصناعية والتجارية، وما يرافقها من تصاعد في أعداد العاطلين من العمل”.
وحمّل المحنة الجهات المعنية في الحكومة المركزية مسؤولية تهميش العمالة الوطنية وعدم تنظيم استخدام العمالة الأجنبية في الشركات. “هناك مسؤولون عراقيون يتسترون على العمالة الأجنبية غير القانونية، بل يسهلون تهريبها إلى داخل العراق”. ويشير إلى أن اتحاد ونقابات العمال لا يملك القدرة والقوة اللازمتين للوقوف في وجه ظاهرة العمالة الأجنبية، لأن الحل يتطلب إرادة سياسية وتخطيطاً حكومياً. “خاطبنا الجهات الحكومية المحلية والمركزية وأوضحنا لهم خطورة هذه الظاهرة، لكن من دون جدوى”.
ولأرباب العمل رأي اخر
ويرى اصحاب العمل أن العمال الأجانب لا ينافسون العراقيين على وظائفهم، لأنهم يعملون في الغالب في مهن يرفض معظم العراقيين العمل فيها ، وهم يقبلون بأجور أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يقبل به كثير من العراقيين.