المسرى :
تقرير : وفاء غانم
في بلاد الخير تعددت الاسباب والموت واحد ، فالموت بات يلاحق العراقيين في كل مكان لسبب او لاخر , حتى في اسماء الطرق ، ففي كل محافظة عراقية شارع يسمى بطريق الموت.
طرق الموت يطلق على اغلب الطرق الخارجية في العراق (طرق الموت) ، كالجزء الرابط بين محافظتي ذي قار والسماوة،والمنطقة الرابطة بين محافظتي ديالى وكركوك.
فبسبب رداءة هذه الطرق وتحفرها وعدم وجود صيانة لها بلاضافة الى الأخاديد والمطبات الكبيرة التي يتفاجىء بها السائق الذي يكون عادة يقود السيارة بسرعات عالية, أزهقت عشرات الأرواح، فكل يوم تقريبا تفجع عائلة بمقتل شخص منها بسبب هذه الطرق التي لاتصلح للسير عليها, رغم تخصيص الحكومات العراقية المتعاقبة عشرات المليارات من الدولارات سنويًا كموازنة استثمارية ضمن الموازنة العامة للبلاد، إلا أنه ومنذ اكثرمن 17 عامًا لم يلحظ العراقيون أي تقدم ملموس في واقع البنى التحتية في البلاد وخاصة في الطرق .بحسب مصادر اعلامية، فيما يرمي مسؤولون محليون باللائمة على مديرية الطرق والجسور المركزية بعد قشطها الشارع دون تعبيد.
في السياق اكدت عضو لجنة الخدمات النيابية منار عبد المطلب في وقت سابق” أن 90%من الطرق متهالكة ,رغم إنفاق مبالغ مالية طائلة على مشاريع الصيانة والتأهيل إلا أن واقع الحال يشير إلى وضع كارثي تعيشه طرق برية إستراتيجية خاصة طريق بغداد- الموصل لافتة إلى أن تلك الطرق تمثل أكبر نزيف للدماء بسبب كثرة الحوادث المؤسفة سنويا”.
احصائية
سجلت مديرية المرور العامة 29,429 حادثاً مروريا خلال السنوات الثلاثة (2017-2018-2019). وفي عام 2020 اجرى الجهاز المركزي للأحصاء في العراق دراسة موسعة للحوادث المرورية في العراق عدا أقليم كردستان اظهرت بأن عدد حوادث المرور المسجلة 8186 حادث منها 2016 حادث مروري مميت ، وتشير نفس الدراسة أن هذه الحوادث أودت بحياة 2152 مواطن عراقي وتعرض 8383 مواطن الى إصابات مختلفة. وفي الاحصائية السنوية لعام 2020 أكدت مفوضية حقوق الإنسان في العراق تسجيل أكثر من (4666) حادث مروري، تسببت بمقتل (1522) شخصا وإصابة (10670) آخرين ، كما سجلت محافظة بغداد أعلى نسب الحوادث لعام 2020 بـ(871) حادثا، تلتها محافظة صلاح الدين بـ(790)، ثم النجف (648) حادثا.
حادث كل 34 ساعة .. رعب وموت
الى ذلك اعلن قائممقام الخالص في ديالى عدي الخدران في وقت سابق عن تسجيل 255 حادث سير جديد على طريق كركوك بغداد بمعدل حادث كل 34 ساعة غالبيتها تنتهي بسقوط ضحايا.
وقال الخدران في تصريح صحفي، إن “طريق بغداد كركوك مابعد قضاء الخالص 15 كم شمال بعقوبة يشهد وبشكل مستمر احصائيات صادمة بحجم الحوادث المرورية والتي اغلبها تتسبب بوفيات”.
وأضاف أن “الطريق شهد مؤخرا 255 حادث سير بمعدل حادث كل 34 ساعة”، لافتا الى ان “80% من تلك الحوادث تسجل فيها سقوط ضحايا وأحيانا تذهب فيها عوائل بكاملها وتحول الى طريق رعب وموت”. لافتا الى أن “اهمال الحكومة لطريق ستراتيجي يربط كردستان ببغداد مرورا بـ3 محافظات تسببت في احصائية مرعبة للضحايا تتجاوز ضحايا وسط العراق بأكمله نتيجة الاعمال الارهابية.
مشكلة قديمة تنتظر من يحلها
تعتبر التصادمات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق أحد الأسباب الرئيسية للوفيات في العراق على مدى عقود , حيث أزهقت نحو 75000 حياة في الفترة من عام 1979 إلى عام 2005 نتيجة للتصادمات على الطرق. وأشار الدكتور ماجد حمد أمين، وزير الصحة في العراق إلى أنه في عام 2005 وعلى الرغم من القيود المفروضة على التنقل نتيجة للوضع الأمني في العراق، لا يزال هناك 1789 وفاة من جراء التصادمات المرورية على الطرق.
وكشف التقرير السنوي لوزارة الصحة العراقية لعام 2009 عن أن عبء الإصابات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق تبلغ أربعة أضعاف تلك الناجمة عن الأحداث الإرهابية.
الطرق الخارجية واجهة البلد
اضافة الى اهمية الطرق الخارجية والطرق السريعة حيويا واقتصاديا الا انها تعتبر واحدة من أهم مظاهر البلد وواجهته الحضارية ، حيث أن الطرق هي أول ما يواجهه القادم الى البلد ، ومن خلال جودة وسلامة الطرق لأي بلد يمكن أن تحكم على مدى تطور ذلك البلد وتحسن مستوى الخدمات فيه. فجزء كبير من مسؤولية الدولة تجاه المواطن هو تقديم الخدمات وحماية أرواح المواطنين من خلال طرق جيدة وبمواصفات عالمية تؤمن إنسيابية عالية لحركة السيارات على هذه الطرق وتكون مزودة بأشارات وعلامات مرورية تحدد السرع والحمولات على هذه الطرق ,هذا مايفتقر اليه الية الطرق والشوارع في العراق .فلاهمال واضح في الطرق الخارجية بحيث أصبحت غير ملائمة للاستخدام والبعض أنعدم تماماً وأصبح عائقاً أمام حركة السيارات ، ولا يوجد أهتمام حكومي واضح بهذا القطاع الحيوي خصوصاً في الخطوط الرئيسة التي تربط المحافظات الشمالية والجنوبية بالعاصمة بغداد ، كل هذه الأسباب جعلت الطرق الرئيسة في العراق طرقاً للموت نتيجة هذا الأهمال وعدم الأهتمام بسلامة الطرق وسلامة المستخدمين لها.
طرق غير صالحة للاستعمال ومشاريع معطلة
قالت لجنة الخدمات والإعمار النيابية في تصريحات صحفية ، إن” أغلب الطرق التي تربط العاصمة بالمحافظات غير قابلة للاستعمال، فيما حددت الطرق الرئيسة التي تربط المحافظات المعروضة للاستثمار”ز
وقال عضو اللجنة النائب جاسم البخاتي في تصريح صحفي تابعته المسرى ، إن “أغلب الطرق التي تربط العاصمة بغداد بالمحافظات وكذلك الطرق بين المحافظات أصبحت غير قابلة للاستعمال”، لافتاً إلى أن “لجنته ذهبت باتجاه إنشاء طرق وجسور تكون بديلةً عن الطرق القديمة”.
واضاف، أن “الطرق القديمة ستتم صيانتها وإدامتها من دوائر البلديات في بغداد والمحافظات وكذلك دائرة الطرق والجسور العامة”.
وأشار الى “عرض الطرق للاستثمار والمتمثلة بطرق بغداد – كربلاء، بغداد – النجف، بغداد – واسط، وكذلك طريق ديالى وكركوك – بغداد”، مؤكداً أن “جميع هذه الطرق مازالت محلَّ نقاش في هيئة الاستثمار لغرض احالتها للاستثمار بالتنسيق مع وزارة الاسكان والاعمار”.
وأوضح، أن “المشروع سيكون بمواصفات عالمية، “.
ولفت إلى أن “هناك مشاريع معطلة كالمشروع الحلقي الذي يحيط ببغداد، الذي كان من المفترض له أن ينجز لكي يتم خلالها منع دخول الشاحنات الى العاصمة”، موضحاً أن “المشروع يتضمن إنشاء ساحات تبادل بواقع 6 ساحات بين الحدود الإدارية للمحافظة”.
وتابع، “كذلك إنشاء طرق حلقية بعرض 100 متر أو 60 متراً بمواصفات خاصة للأثقال والأوزان الثقيلة”.
خطط لتحسين واقع الطرق الخارجية
وضعت وزارة الإعمار والإسكان في وقت سابق خطة شاملة لمعالجة مشكلة الطرق خارج المحافظات تتضمَّن 3 محاور. وقال مدير عام الطرق والجسور حسين جبار كاظم لوسائل اعلام محلية : إنَّ “المحور الأول يتضمن رفد الشبكة بطرق ثانية للممرات، بينما يتضمن المحور الثاني تحسين الطريق السريع بغداد- البصرة، الذي تم افتتاح اجزاء منه، فضلا عن افتتاح طريق بغدادـ الحلة”.
وأضاف كاظم أنَّ “المحور الثالث يشمل انشاء تحويلات عند مرور الطرق بالاقضية ومراكز المدن، لاسيما أنها تشكل عقدا من الزحامات والاختناقات المرورية عند مرورها بالوحدات الادارية”.
من جهتها أكدت لجنة الخدمات النيابية، أنه سيتم قريباً إعلان عدد من الطرق كفرص استثمارية. وقال عضو لجنة الخدمات النيابية، برهان المعموري، في تصريحات صحفية، إن “لجنة الخدمات النيابية سبق لها أن عقدت اجتماعات مع وزارتي التخطيط والإسكان والإعمار ، والهيئة الوطنية للاستثمار لمناقشة آلية استثمار الطرق الرئيسة التي تربط محافظات العراق الجنوبية بالمحافظات الشمالية”.
وأضاف المعموري، أن “الاجتماعات كانت بهدف فسح المجال أمام استثمار الطرق الرئيسة”، مشيراً إلى أن “الاستثمار في الطرق يعد تجربة فريدة من نوعها في البلاد، وأن الأيام المقبلة ستشهد إعلان عدد من الطرق كفرص استثمارية”.
مؤكداً أن “الطرق الاعتيادية الرئيسة ستكون مستمرة في العمل ،ومفتوحة أمام سائقي المركبات بشكل مجاني، فيما ستعمل الطرق التي ستحال إلى الاستثمار بطريقة الجباية، وستكون مراقبة ومتابعة من الشركات المستثمرة، وستوضع محطات لقياس أوزان الأحمال للحفاظ عليها. وفق قوله
خطط ومشاريع حبر على ورق
ويرى مراقبون أن المشاريع التي مولتها الحكومة مجرد حبر على ورق ، وإما أن تُشيَّدَ كمشاريع تسويقية إعلامية لا طائل منها على مستوى البنى التحتية للعراقيين مثل مشاريع الأرصفة الجانبية للطرقات ومشاريع الجزرات الوسطية وتأثيث الطرقات في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ارتفاع معدلات الحوادث المرورية في الطرق الخارجية وحتى الداخلية في بغداد والمحافظات .
ابرز الطرق المميتة وسببها
وقال مدير المرور اللواء طارق إسماعيل في تصريح صحفي في14 نيسان 2021، إن “معظم الحوادث المرورية تقع على الطريق الخارجي الذي يربط بغداد بمحافظة بابل.”، مبيناً أن “السرعة الفائقة في قيادة السيارات واستخدام الموبايل اثناء القيادة بلاضافة وجود حفر كثيرة على هذا الطريق”، وراء الحوادث التي تقع في هذا الطريق”.
وأضاف أنه “على الرغم من تفقد الموقع ووضع العلامات المرورية على جانبي الطريق، إلَّا إن ذلك لم يوقف الحوادث”، معرباً عن أسفه لـ”الكوارث التي تحصل على الطريق.
وأكد اسماعيل أن “حوادث مماثلة تقع على طريق بغداد ــ كركوك بسبب الإهمال لافتاً الى أنه “رغم مناشدة مديرية المرور والمواطنين الجهات المعنية لإعمار الشارع لكن لا توجد استجابة حتى الآن”.
جبابات تأخذ ولاعائدات
يحدد قانون مديرية المرور العامة رقم 40 لعام 2015 نسبة 55% من الرسوم المفروضة على المركبات إلى المديرية، فيما تذهب نسبة 45% لأمانة بغداد وبلديات المحافظات.
وفي الساق ذاته قال المتحدث السابق لمديرية المرور العامة عماروليد ، أنه “منذ دخول القانون حيز التنفيذ عام 2018 لم تستلم مديرية المرور العامة حصتها من الأموال التي تجبيها من المواطنين والتي تذهب إلى وزارة المالية”، لافتا إلى أن المديرية “رفدت خزينة الدولة بأكثر من (10) مليار دينار في السنة الأولى من تطبيق القانون، لكنها لم تستلم أي مبلغ للقيام بأدامة الطرق أو تحديثها”
من جانبه أكد مدير المرور العامة اللواء طارق إسماعيل في تصريح صحفي مطالبة المديرية لوزارة المالية للمطالبة بحصتها من عوائد الرسوم المفروضة على المركبات لتوزيعها على المحافظات، لكن الوزارة لم تسدد ما بذمتها للمديرية.
واطلق العراق عقدا للعمل من أجل السلامة على الطرق 2011-2012 وتعهد بالحد من مستويات الإماتة الناجمة عن حوادث المرور على الطرق 2020.
يذكر أن بغداد وعدداً من المحافظات تشهد بشكل شبه يومي حوادث سير تتسبب بمصرع وإصابة العديد من الأشخاص زاحيانا عوائل بأكملها، وتعود أسباب أغلبها بحسب مختصين، الى عدم الالتزام بقواعد المرور، فضلاً عن رداءة الطرق.