أبو عبد الله
المعارك تدور لمطامع سياسية أو عنصرية….الخ…وهناك معارك علميةبين شخصيات ثقافية…لتصويب رأي أو كلمة….إلخ…والمجالس التي جمعت العلماء في ديوان الخلفاء لاتخلو مناقشات علمية تحولت أو جرّت أحيانا إلى شيء من العناد والمناوشات وقد يكون كتاب (مجالس العلماء) للزجاجي يحمل لنا صورة لكل عصر عقد له مجلسا.
وفي الخلاف البصري الكوفي وفي نقائض جرير والفرزدق…. تصوير لما كان يسود ويجول ويصول في تلك الأعصر التي ماتزال تعطي جنى ثمارها في كل عصر كأنُ الأول لم يترك للآخر شيئا…ونختزل…ونختصر المسألة …ونتناول البطاطا خارج مطبخ القلي والشوي إلى محك التصريف الذي يعد تمرينا رياضيا للاذهان… يعود فضل وضعه-التصريف العملي- للكوفيين وشيخهم (معاذ الهراء) بشهادة كتب الأوائل أو أوائل الأشياء…البطاطا:تؤكل عوض اللحم في هولندا …من فصيل الباذنجانيات…
وقد أدلى البعض بدلوه…فمن قائل: البطاطا:أعجمية دخيلة على اللغة العربية…..وقيل :لفظ جمعي بلا مفرد… قياسا على ما في العربيةْمثل:نساءْخيل،إبل،قوم…..ومن قائل:جمع مفرده:حبة بطاطا بوضع(حبة) قبلها لتمييز المفرد….أومفرد بلا جمع….وقائل: مفرد وجمع في آنٍ معا…وقائل:اسم جنس جمعي….والطريف ألّا يكلف واحد من هؤلاء من مراجعة محيط المحيط أو قطرالمحيط لبطرس البستاني …الذي ذكر مفرد البطاطا: بطاطاة…قال:أعجمي بلا ذكرللمصدر…ولم يستدرك عليه الرومي في التنبيهات والاستدراكات والملاحظات على محيط المحيط للبستاني ….. من دون أن نغفل شعوبا عربية من آسيا وأفريقيا تلفظ هذه اللفظة،وتسميها:بطاطا.مثل: العراق،سوريا،الاردن،الجزائر، تونس،المغرب….وفي معظم العراق استبدلوا الطاءبالتاء…فقالوا:بتيتة وللمفردة:بتيتاية.
وقد ألحق به البعض في مصر أو سواها سينا…فقال:بطاطس ربما تأثرا بالاتراك، سمّوها: patates وكذلك اليونان عندهمpat’ates يقال :جاءتهم عن الإسبان…وتحورت بعض الشيء في ألسنةالإنكليز،فقالوا:potato وجمعوها:potatoesوكأني بمن تناول(بطاطا) لغويا لا(أكلا)زعم بأصولها الإسبانية…كما قالوا عن دولةالبرتغال:إنها من البرتقال…ولا ضير فيما قالوا،ولا فيما قيل…فباب الاجتهاد مفتوح غير ممنوع …وللناس فيما يعشقون آراءومذاهب… نقول:…لا يمكن نكران وجود المعرب والدخيل في اللغةالعربيةعند العلماءالأوائل في تصانيف لا تعد ولا تحصى.
أرفض أن نصطلح على ما اصطلح عليه المحدثون في تسمية مادخل العربية بالدخيل من كلمات حديثة …أما القدامى فلا غبار على مااصطلحوا عليه من قولهم :هذه مفردةدخيلة…بل أقول:اللجوءاللغوي…مثل: البطاطا…والطماطة…والشاي في ظل المنهج التاريخي…فالشاي مثلا دخلت زراعته عندنا بعد فتح الهند على يد المسلمين…فجلبوا نباته وزرعوه في بلادنا…وعلماء العربية وضعوا قاعدةللكلمات غير العربية…بأن تجمع جمع مؤنث سالم فيقال :شايات فلا ضير في ذلك…وكذلك لا ضير في جمع بطاطا على بطاطات، وطماطة على طماطات… ثم ماذا؟قالوا:البطاطا:إسبانية…نقول:حكم المسلمون قرونا الاندلس- إسبانيا الحالية- لم يأتوا على ذكر (البطاطا)لا في شعر ولا في معجم…فهذا ابن سيدة- الاندلسي-صاحب المخصص… والمحكم والمحيط الأعظم.
لم يأتِ على ذكر البطاطا…في الوقت الذي ذكرالبطبطة-صوت البط- نقول :هناك نبات يسمّى البطباط يسمّى أيضا بعصا الراعي ثم هناك في الاكدية نباتات قريبة من لفظ البطاطا -مثل:بطتّ…بطنان…ولو قسنا( بطاطا )على (بساطة )فمن السهل الجمع على بِطاط…بُطاط…بُطُط…بطاطات… بطائط كمانقول:بُسُط…بِساط…بساطات…بسائط…ولو جمعنا بطاطا على بطاطم…وطماطة على طماطم…بهذه نميّز الجمع بالألفاظ التي لجأت إلى العربية-لجوءلغوي-فيمنح هذا اللاجئ اللغوي نفس حقوق ألفاظ العربية في التداول والاستعمال… من دون مغالاة في التصريف مثل ذلك الذي قال:(فَوْلَذَ)…سئل…ماهذا؟ قال:من الفولاذ…هذا الذي سطرته إلى إخوتي وأخواتي من بحث لايزال أعمل فيه…بعنوان: البطاطا والطماطة- لجوء لغوي في ظل المنهج التاريخ التاريخي.