حيدر خليل
سؤال يطرحه الكثير في وقتنا الراهن، خصوصا الشباب والمراهقين، لما وجدوا عند الغرب من تقدم حضاري هائل في شتى المجالات الفكرية والعلمية والعمرانية، وفي المقابل نحن غارقين في التاريخ ومواضيعه الخلافية، وهو ما دعا لهذا التساؤل المهم .
التاريخ هو أحد أهم العلوم الانسانية، وسميت بأم العلوم لأن دراسة أي علم من العلوم، لابد من دراسة تاريخ تلك العلوم، فهو مرور بالتاريخ، وتطوره عبر الزمن، والتاريخ كفيل بنقل تلك العلوم الينا .
هناك الكثير من الايات القرآنية التي تحثنا وتدعونا لقراءة التاريخ ودراسته والاستفادة منه، ( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ) .
هذه الاية تؤكد أهمية دراسة التاريخ لنأخذ الدروس والعبر ما يثبت به أقدامنا ونمهد بها لبناء المستقبل .اذن التاريخ ليس سردا للقصص والحكايات، عن طريق “الحكواتي”، وبعدها ينتهي كل شيء، بل التاريخ نقدٌ ودراسة وتحليل .
ان أهم ما يدعونا لدراسة التاريخ هو القلق والتفكير بالمستقبل، التاريخ في سيرورته واحكامه يستبعد المستقبل من اهتماماته لأن مباحثه منحصرة بالماضي، بينما المستقبل يرتبط بالماضي عن طريق الحاضر ارتباطا عضويا، عن طريق فلسفة التاريخ، ولا يمكن للتاريخ ان يصل الى مرتبة الوعي الفلسفي دون مراعاة وعي المستقبل، أو ما يسمى ب(الاستشراف)، لذا لا سبيل لاستشراف المستقبل الا عبر دراسة ما مضى من التاريخ .
للأسف نحن في الشرق لم نستطع لغاية اليوم مغادرة التاريخ، حتى غلبتنا الامم وتجاوزتنا كثيراً، بالرغم أن الشرق كان متقدما كثيراً في شتى مجالات العلوم والمعرفة .
أوروبا التي شهدت حروب أهلية طاحنة، وحروب عظمى والتي راح ضحيتها الملايين، الا إنها استطاعت أن تتجاوز كل ذلك، ونجحت في الاستفادة من تجاربها، وواصلت في بناء حضارتها، حتى صارت اليوم قبلة للعالم لا فقط لاوروبا .
اختم بجملة رائعة قالها ڤولتير لخص دراسة التاريخ ( أحب أن أعلم الخطوات التي سارها الانسان في طريقه من الهمجية الى المدنية) .