الكاتب..عباس الغالبي
كان انتشار الكليات والجامعات الاهلية في العراق بعد عام 2003 انتشاراً كمياً لانوعياً ، حيث يتحدث مشهد الكليات والجامعات الاهلية في بغداد والمحافظات العراقية الأخرى عن مشاريع ربحية من دون مراعاة لحاجات سوق العمل ، حيث تؤسس الجامعات والكليات هذه على وفق اختصاصات لاتنسجم مع حاجات سوق العمل ومتطلبات المرحلة الزمنية الراهنة ومتطلبات مخرجات التعليم الجامعي التي يفترض ان تكون موائمة لتلك الحاجات الملحة على غرار مايحدث في دول العالم الآخر ، لكن الواقع المعيش في هذا المشهد هو أن الهدف الاساسي الذي يبتغيه مايسمى بالمستثمر الذي يؤسس هذه الكلية أو تلك هو تحقيق الربحية العالية من دون ضوابط ومعايير علمية تتناسب وتنسجم مع الحاجات الاساسية لسوق العمل ، وحتى أن قانون التعليم العالي الاهلي العراقي رقم( 25 ) لسنة 2016 النافذ لم يراعي هذه الجدلية حيث نرى ان معظم الكليات الاهلية تتضمن اختصاصات الطب البشري وطب الاسنان والصيدلة والقانون ، واصبحت لدينا الان تخمة من هذه الاختصاصات وان الافواج التي تنتجها هذه الكليات الاهلية لايستوعبها سوق العمل الأمر الذي يتطلب تخطيطاً مسبقاً وايضاً تحديثاً مستمراً لمتطلبات سوق العمل وتشجيع القطاع الخاص لاستيعاب هذه المخرجات من دون عشوائية وفوضوية كالتي نشهدها الان في ظل الانتشار المهول للجامعات والكليات الاهلية من دون تخطيط مسبق لهذا الامر ومن دون مراعاة من قبل القوانين النافذة ولاحتى اجراءات وتعليمات معينة بالامكان تنظيمها واصدارها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن طريق المديرية العامة للتعليم الاهلي أو تعديل القانون رقم 25 لسنة 2016 وتضمينه بنداً يعطي صلاحية للوزارة بتحديث التعليمات واستحداث اختصاصات معينة والغاء أو تحديد اختصاصات معينة اخرى أو حتى تحديد قبول الطلبة في اختصاصات معينة وبالنتيجة العمل المستمر على تحديث التعليمات والضوابط على وفق مستجدات حاجات سوق العمل الاساسية والضرورية والتي تتناسب مع اهداف التنمية المستدامة، لكن أن يبقى الحال على ماعليه الآن في الجامعات الاهلية وحتى قبول طلبة في معدلات منخفضة عن التعليم الحكومي في تلك الاختصاصات المذكورة فهذا ستكون نتائجه وخيمة على مستوى التعليم العالي ومخرجاته والتي لاتجد فرصة عمل مستقبلية الامر الذي يؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة في العراق اكثر من النسبة الحالية والتي تعد مرتفعة بحسب القياسات العالمية ناهيك عن أن انتشار الجامعات والكليات الاهلية بشكل عام بحاجة الى اعادة نظر واصدار او تحديث القانون الحالي بما يضمن الجدوى العلمية والاقتصادية من انتشار الجامعات ، خاصة اذا ماعرفنا ان انتشار الجامعات في المجتمع حالة مشرقة لكنها تحتاج الى تنظيم وتحديد وتحديث علمي وهيكلي مستمر ومواكبة للتطورات العلمية في العالم وتشجيع البحث العلمي الرصين فيها سعيا لدخول الجامعات العراقية بشقيها الحكومي والاهلي التصنيفات العالمية أسوة بالجامعات العالمية الاخرى.
المصدر .. صحيفة الدستور