الكاتب..علي الخزاعي
تتصف السياسة الجنائيَّة بالتطوّر السريع والكبير وتواكب التطور والأحداث من خلال اتخاذ آليات لازمة لمواجهة الجرائم بعد وقوعها؛ حيث هروب المجرم من العقاب وهنا تكمن خطورته على المجتمع وأضراره مستقبلاً، ولملاحقة المتهمين المطلوبين إلى العراق لغرض استردادهم للمحاكمة لابد من عقد اتفاقيات منظمة بين العراق والدول التي يوجد فيها هؤلاء المطلوبون لغرض استردادهم لينالوا جزاءهم العادل عما ارتكبوه من فعل، ولكون ملاحقة المتهمين لا تمس الدولة التي هرب إليها المتهم؛ إذ يعد استرداد المجرمين إجراء قانونياً تقوم به الدولة المتضررة ضد الشخص الموجود بدولة أخرى من أجل تسليمه ولابد أن تكون هناك وسيلة من وسائل الردع الدولي لتلك الجرائم، كما أنَّ استرداد المجرمين هو عقدي بين الدولة الطالبة الاسترداد والمطلوب منها التسليم ومحل ذلك الشخص طبيعي ارتكب فعلاً مجرباً بحكم القانون النافذ للدولتين، إذ إنَّ جرائم الفساد المالي من الجرائم التي تؤدي إلى انخفاض الدخل القومي وكذلك الانخفاض في معدلات الادخار والاستثمار وارتفاع شديد في معدلات التضخم وتشويه صورة الاقتصاد الوطني وضعف بالعملة الوطنية، كما أنَّ الاتفاقية العربية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي أقرها العراق بقانون رقم ٦٢ لسنة ٢٠١٢م ونصت تلك الاتفاقية في المادة ١/٢٨ على التزام الدول الأطراف وفق نظامها القانوني بأن تقدم كل منها أكبر قدر من المساعدة القانونية المتبادلة في الملاحقات وإجراءات الاستدلال والتحقيقات والإجراءات القضائية، فعليه لابد أن يقدم العراق بالإضافة إلى استرداد المجرمين طلباً باسترداد الأموال المهربة والمودعة لدى تلك الدول وعند رفض تلك الدول نصت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وعمليات الاسترداد المباشر للممتلكات في المادة ٥٣ على عدة خطوات أهمها السماح للدول الأطراف بتلك الاتفاقية برفع دعوى مدنية لاسترداد الأموال، وجدير بالذكر أنَّ تلك الاتفاقية حفزت كثيراً من الدول على انتهاج الدعوى المدنية كإجراء قانوني لإعادة الأموال المهربة خارج العراق، وتعدّ وسيلة مهمة في إطار النظام الإجرائي لملاحقة مرتكبي جرائم الفساد؛ لذا على العراق التعاون الدولي والإقليمي لإعادة الأموال المهربة والانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية والتصديق عليها؛ لأنها تحقق مكافحة الفساد، وكذلك ضرورة وضع أنظمة صارمة لاسترداد الأموال والمنافع المتحصلة من جرائم الفساد، والتحري الدقيق من الجهات الرقابية وعلى رأسها هيئة النزاهة من خلال إجراءات أكثر دقة لأنَّ الفاسدين من خلال ذلك يلجؤون إلى اتباع أساليب ملتوية لارتكاب الجريمة، كذلك لابد من تطوير القوانين والتشريعات الوطنية المتعلقة باسترداد الأموال والمجرمين المتهمين بجرائم فساد والعمل على إزالة أوجه التعارض التي قد تعتري أي تشريع.
المصدر .. صحيفة الصباح