الكاتب.. حسين الأنصاري
يرى المعنيين بالشأن الاقتصادي ان اقتصاد العراق منذ الخمسينيات وحتى الان لم يستطع ان يتحول إلى اقتصاد تنموي يمتلك صفة الاستدامة التي تنقله من الاتجاه الريعي إلى الجانب الانتاجي ورغم مرور وقت طويل رافقته الكثير من التحولات السياسية والتقنية والاجتماعية إلا ان الاقتصاد ظل مرتبطا بالاعتماد على البترول كمورد أساسي للاقتصاد الوطني ، حيث اصبح عرضة لمتغيرات الأسواق الدولية التي تحدد مستوى الأسعار ومعدلات وسقوف الإنتاج وحجم الصادرات وهذا كله ينعكس على كم الإيرادات التي ترتبط بأسعار البترول فحين تميل إلى الانخفاض سرعان ما تنعكس على الواقع الاقتصادي العراقي والسبب واضح لان البترول ومنذ عقود بعيدة. ظل هو الشريان الوحيد للاقتصاد العراقي ولم تسع الحكومات على مر الزمن إلى تنوع مصادر الدخل الوطني فالزراعة التي كان من الممكن ان تشكل رافدا اقتصاديا مهما تراجع الاهتمام بها. بل اهملت وتحولت معظم الأراضي إلى صحاري جرداء اما البساتين المحيطة بالمدن فقد تم تجريفها وبيع اراضيها لتصبح وحدات سكنية والأسباب عديدة منها شحة المياه وعدم قدرة الأدرات المعنية يشؤون الثروة المائية ان تجد معالجات ناجعة لخزنه قبل ان يصل إلى مياه شط العرب ويذهب دون استثماره في فصل الصيف الطويل اضافة إلى شعور الفلاحين بعدم جدوى مردود الزراعة امام عدم حماية المنتج المحلي والاعتماد على الاستيراد من دول الجوار ، وكذلك حال الصناعة الوطنية التي قطعنا فيها شوطا جيدا وتم وضع أسس لصناعات تحويلية ومتوسطة منها ما تعلق بسد الكثير من المتطلبات الحياتية ومنها ما تركز على الصناعات العسكرية ولكن بعد سقوط النظام السابق في 2003 تم تدمير معظم المصانع والمعامل وأسهمت بعض الجهات في إسدال الستار على اغلب الصناعات المحلية وعدم السماح بإعادة وإصلاح ما تم تدميره او سرقته والتحول إلى الاعتماد على السلع المستوردة حتى في ابسط أنواعها والتي يمكن تصنيعها بكل سهولة مما جعل نفقات الاستيراد ترتفع إلى نسب كبيرة ، ان استمرار. الاعتماد على البترول سيجعل اقتصادنا يعاني عدم الاستقرار بسبب تقلبات الأسعار ، إضافة إلى انه يساهم في تكريس التبعية للشركات التي تتحكم في الإنتاج والتخلي عن الاستراتيجيات والخطط والسياسات الاقتصادية الهادفة التي تحويل اقتصادنا إلى روافد إنتاجية متنوعة مما يسهم في عملية التنمية الشاملة والمستدامة من خلال النهوض بقطاعات الزراعة والصناعة والتجارة وفتح افاق جديدة من شأنها الارتقاء بحجم الموارد وكيفية التصرف بها واستخدامها وفق رؤى علمية رصينة تستند إلى تلبية الحاجات الضرورية وتحقق المنفعة الشاملة لكل المواطنين ، بدلا من المعالجات الانية والسريعة التي تضر بالمصلحة العامة وتجعل مع كل تغير لاسعار البترول العالمية هناك انعكاس على واقع الاقتصاد الوطني وما يتمخض عنه من نتائج سرعان ما نجد آثارها في المجتمع بمختلف فئاته مما يخلق أزمات ويعرقل عملية التنمية ويصبح المواطن مهددا في تلبية متطلبات حياته ، فمتى نتخلص من هيمنة البترول وتفرده ونسعى إلى اقتصاد وطني متعدد القطاعات ومتنوع الروافد. ومتحرر من الشركات العملاقة والمضاربين في بورصات النفط العالمية ومن يتحكمون في رسم معالم حياتنا.
المصدر .. الدستور