تقرير استقصائي
محمد شيخ عثمان
يعتبر حق تقرير المصير مبدأ معترف به دوليا والعديد من الاتفاقيات الدولية ويُعتبر من المبادئ الأساسية في القانون الدولي ، ولكن تطبيقه يعتمد على العديد من العوامل السياسية والقانونية وغالبًا ما يُواجه صعوبات أو معارضة من الدول القائمة التي تعارض انفصال جزء من أراضيها وان هذا الحق لايستخدم بهدف الاستقلال فحسب بل للاندماج ايضا مع دولة أخرى اضافة الى اختيار شكل آخر من أشكال الحكم الذاتي.
المواثيق الدولية التي تكفل حق تقرير المصير:
لقد ورد في المادة 1 (الفقرة 2) من ميثاق الأمم المتحدة (1945)أن من أهداف الأمم المتحدة “إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب” و هذا يعني أن الأمم المتحدة تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها كجزء من حفظ السلم والأمن الدوليين.
وكذلك تنص المادة 1 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)” و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)” على أن “لكافة الشعوب الحق في تقرير مصيرها و بمقتضى هذا الحق لهاأن تقرر بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
قرارات تخص حق تقرير المصير
لشعب كردستان تاريخ حافل من اتخاذ قرارات تخص حق تقرير المصير،مثلا في بداية تاسيس الدولة العراقية عام 1921 تم تخيير كردستان بين الانضمام الى الدولة العراقية مقابل وعود واتفاقات موثقة او الانضمام الى الدولة التركية الحديثة وقد مارس الكرد حقهم في تقرير المصير عندما قرروا الالتحاق بالدولة العراقية ومع تنصل الحكومات العراقية المتعاقبة ازاء حقوق الشعب الكردي في العراق حدثت ثورات كردية متعددة جوبهت بحروب دموية وحشية لهذه الانظمة حتى توقيع اتفاقية اذار التي بموجبها مارس الشعب الكردي مرة اخرى حقه في تقرير المصير بالموافقة على الحكم الذاتي لكردستان داخل الدولة العراقية وقد تنصل النظام العراقي من الاتفاقية ومنح مناطق استراتيجية لدولة جارة مقابل التوقف عن دعمها للثورة الكردية التي اعلنت جزء من قيادتها انهاء الثورة التي سميت بالنكسة (اشبطال) ولم تتوقف المسيرة التحررية للثورة الكردية بل رفعت رايتها الاتحاد الوطني الكردستاني وزعزعت اركان الحكم في النظام العراقي الذي كان يدعو الى مفاوضات مع الاتحاد الوطني ويتراجع عن وعودها .
بعد حرب تحرير الكويت (عاصفة الصحراء) انتفضت جماهير شعب كردستان في الشمال والشيعة في الجنوب وبدعم وحماية المجتمع الدولي،حصل الكرد على اقليم شبه مستقل وقاموا باجراء اول انتخابات حرة وفي البرلمان ومارسوا حقهم في تقرير المصير عبر اختيار الفيدرالية لشكل النظام في الدولة العراقية في 4/10/1992.
وبعد سقوط النظام العراقي عام 2003 مارس الشعب الكردي حقه في تقرير المصير مرتين، الاول في التمسك بالنظام الفيدرالي لادارة الدولة العراقية وتثبيته في مؤتمرات المعارضة وقانون ادارة الدولة المؤقت والثاني عبر المشاركة الفعالة في الاستفتاء على الدستور العراقي الجديد والتصويت بنعم .
وكانت نتائج تصويت كردستان لصالح الدستور العراقي الجديد كالاتي :
أربيل: (830,570) صوتا ( 99.36)
السليمانية: (723,723) صوتا(98.96 )
دهوك:(389,198) صوتا (99.13)
مع تعرض الرئيس العراقي جلال طالباني للوعكة الصحية التي المت به اثناء ممارسة مهامه عام 2012،تعرضت العلاقة بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية الى شرخ ومشاكل عديدة وشخصنة المشاكل وصلت الى مراحلة الجمود السياسي ان لم نقل التكبر والتكابر على الاخر ،ولكن عندما سيطر داعش خلال يومين فقط على مدينة الموصل وصلاح الدين وجزء كبير من الانبار وكان ينوي التوجه نحو العاصمة بغداد ،سبقت قوات البيشمركة القوات الامنية العراقية وجميع القوى العالمية في التصدي لهذا التنظيم مما حال دون التوسع الاحتلالي له واضطر المالكي اللجوء الى المرجع الشيعي اية الله السيستاني لاصدار الفتوى الكفائي وتشكيل الحشد الشعبي ضمن خطط تشكيل جيش اخر سماه المالكي “الجيش الرديف”،وعيون العراق والعالم انذاك كان على البيشمركة في حماية العراق والعاصمة بغداد الى ان تدخل المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة في تشكيل التحالف الدولي لمكافحة الارهاب ووقوف العراق على قدميه واستعداده للدفاع .
في المقابل ورغم التنسيق الامني الجيد الا ان التنسيق السياسي كان هزيلا وبسبب الخلافات على حصة النفط المصدر واستحقاقات الاقليم من الميزانية الاتحادية اقدمت الحكومة العراقية على قطع ميزانية اقليم كردستان وكانت تقوم بتوسيع حملاتها العقابية مقابل تزايد التعنت الكردي وخاصة سياسة الشخصنة بين السيدان مسعود البرزاني ونوري المالكي.
وبعد تبوء الدكتور حيدر العبادي لمنصب رئيس مجلس الوزراء الاتحادي لم تتغير السياسة العقابية بحق الاقليم الذي كان يعيش في وضع سياسي متشتت ايضا ووضع اقتصادي مزر حيث ان السيد بارزاني وخارج السياقات القانونية كان قد قرر منع رئيس البرلمان والنواب والوزراء من حركة التغيير من دخول اربيل مما ادى الى شلل تام للبرلمان وشلل جزئي للحكومة مما ادى الى تازم وتشرذم الوضع السياسي في الاقليم .
انطلاقا من التفكير الاحادي وفض الشراكة في الحكم والقرار مع الاتحاد الوطني وبسبب لامبالاة بغداد بالوضع السياسي والاقتصادي للاقليم،حدد رئيس الاقليم في 7/6/2017 موعدا لاستفتاء الاستقلال في 25/9/2017 وقد انضم الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير لهذا الحراك وفق شروط عديدة وافق عليها البرزاني من بينها تطبيع البرلمان وتفعيل الحكومة باعادة التغيير الى مسيرة الحكم والعمل الجاد لانهاء معاناة المواطنين وكذلك الاجماع في اتخاذ القرارات المصيرية وعدم التفرد.
النظام الدولي والاستقلال
مسيرة الاستقلال في ظل النظام الدولي القائم مسالة صعبة لاتتم الا في الحالات الاتية :
1-ان يتفق الدول العظمى على هذا الاستقلال ويتم تقنينه بقرارات مجلس الامن .
2-ان يتم الاستقلال عبر موافقة الدولة التي يراد الانفصال عنها مثل حالة جنوب السودان حيث قام الرئيس السوداني بنفسه بانزال العلم السوداني ورفع علم جنوب السودان واعترف بنتائج الاستفتاء .
في حالة اقليم كردستان كان هناك غياب لكلتا الحالتين فالدول العظمى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية وكذلك الاتحاد الاوروبي وجوار العراق و الجامعة العربية الممثلة لجميع الدول العربية كانوا جميعا ضد اجراء الاستفتاء بشكل رسمي ،وكذلك الحكومة العراقية وجميع مؤسسات الدولة العراقية كانت ايضا رافضة لاجراء الاستفتاء ونتائجها.
المضي في الاستفتاء بغياب شروط الحالتين اعلاه يعني التعنت والمجازفة،وطبعا المجازفة في هذه الحالة تعني الاستعداد لحرب مصيري نحو الاستقلال او الفناء وهي تقتضي اجراء مقارنة بين امكانيات و قوة الجانبين والتاكد من النصر وهذه الاحتمالية ايضا لم تكن في صالح الاقليم .
بعكس اجراءات الحكومة البريطانية ولجنة الحكماء في كيفية التعاطي مع استفتاء استقلال اسكتلندا وعرضهم ضمانات وصلاحيات كثيرة وكبيرة للتراجع عن الاستفتاء او اقناع المواطنين بالتصويت بـ(لا) لم تقم الحكومة العراقية والاطراف العراقية بمحاولات ومبادرات وطنية جادة ومسؤولة لارساء علاقات وشراكات حقيقية بين الاقليم والمركز وضمان استحقاقات الاقليم المالية والاتفاق على مجمل المفاصل المتعلقة بالعلاقة تحت سقف الدستور وضمن البلد الواحد ،بل اكتفت بالرفض القاطع والتحذير والتهديد والوعيد وفي المقابل جاء المجتمع الدولي على الخط وطالبوا بتاجيل او الغاء الاستفتاء مقابل ضمانات بالعمل على حل الاشكالات بين الاقليم والمركز .
الرفض الامريكي
دخلت الولايات المتحدة على الخط الرافض للاستفتاء على مستوى البيت الابيض والخارجية ولكن بيانات الرفض صاحبتها تعهدات بالعمل الجاد لحل المشاكل بين الاقليم والمركز بشكل جذري ومن هذه المواقف الامريكية :
*اولا: البيت الابيض:
بيان من السكرتير الاعلامي حول الاستفتاء المزمع إجراؤه من قبل حكومة إقليم كردستان
لاتؤيد الولايات المتحدة نية حكومة إقليم كردستان في إجراء استفتاء في وقت لاحق من هذا الشهر.
أكدت الولايات المتحدة مرارا لقادة حكومة إقليم كردستان أن الاستفتاء يشتت التركيز على الجهود الرامية إلى إلحاق الهزيمة بداعش وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة.
يمثل إجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها خاصة استفزازا وزعزعة للاستقرار.
ولذلك فإننا ندعو حكومة إقليم كردستان إلى إلغاء الاستفتاء والدخول في حوار جاد ومستمر مع بغداد، حوار أشارت الولايات المتحدة مرارا إلى أنها مستعدة لتسهيله.
البيت الابيض
14/9/2017
*ثانيا: وزارة الخارجية الامريكية
في 11/9/2017 ، تحدث وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني هاتفيا قبل أسبوع بعد ان أعدت أربيل الخطوة الأساسية لعملية الاستفتاء، كما رحبت وزارة الخارجية بزيارة وفد كردي إلى بغداد لمناقشة القضية رغم اعلان بغداد موقفها الحاسم من الاستفتاء.
وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ان الولايات المتحدة تشعر بقلق من إجراء عملية الاستفتاء في الوقت الحالي لانها تزيد من زعزعة الاستقرار، مشيرة إلى ان تنظيم «الدولة الإسلامية» ما زال يمثل التهديد الخطير الكبير على العراق في الوقت الراهن، وأضافت «أعربنا عن قلقنا الشديد إزاء إجراء الاستفتاء، ما نود رؤيته هو عراق مستقر وموحد».
بيان لوزارة الخارجية الأمريكية
تعارض الولايات المتحدة بشدة استفتاء حكومة إقليم كردستان العراق على الاستقلال المزمع إجراؤه في ٢٥ أيلول.
كما أن جميع جيران العراق، وكل المجتمع الدولي تقريبا، يعارضون هذا الاستفتاء.
تحث الولايات المتحدة القادة الكرد العراقيين على قبول البديل والذي هو حوار جدي ومستمر مع الحكومة المركزية تقوم بتسهيله الولايات المتحدة والأمم المتحدة وشركاء آخرون بشأن جميع المسائل ذات الاهمية بما في ذلك مستقبل العلاقة بين بغداد واربيل.
وإذا أجري هذا الاستفتاء، فمن غير المرجح أن تجري مفاوضات مع بغداد، وسوف يتم انهاء العرض الدولي المذكور أعلاه لدعم المفاوضات.
إن ثمن إجراء الاستفتاء غالي بالنسبة لجميع العراقيين، بمن فيهم الكرد. وقد أثر الاستفتاء بالفعل تأثيرا سلبيا على تنسيق الجهود لهزيمة داعش وطرده من المناطق المتبقية تحت سيطرته في العراق.
إن قرار إجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها يزعزع الاستقرار بشكل خاص، مما يثير التوترات التي يسعى داعش والجماعات المتطرفة الأخرى إلى استغلالها. ويجب تسوية حالة المناطق المتنازع عليها وحدودها من خلال الحوار، وفقا للدستور العراقي، وليس عن طريق الفعل أو القوة من جانب واحد.
وأخيرا، قد يعرض الاستفتاء العلاقات التجارية الإقليمية لكردستان العراق وجميع انواع المساعدات الدولية للخطر، وهذا ما لا يرغب به أي من شركاء العراق.
وهذه ببساطة حقيقة هذا الوضع الخطير جدا. وعلى النقيض من ذلك، فإن الحوار الحقيقي البديل الذي نحث القادة الكرد على تبنيه، يعد بحل عدد كبير من المظالم المشروعة للكرد العراقيين، وإقامة مسار جديد وبناء علاقات بين بغداد وأربيل تعود بالفائدة على كل العراقيين.
يمكن للكرد أن يفخروا بالفعل بما أنتجته عملية الاستفتاء، بما في ذلك المزيد من الوحدة الكردية، وإحياء البرلمان الكردي للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين، وطرح قضايا هامة على الساحة الدولية، مع استعداد الشركاء والأصدقاء للبناء على روح التعاون المشهودة بين قوات الأمن العراقية والبيشمركة الكردية في الحملة لمحاربة داعش كي تساعد في حل القضايا العالقة.
ومما يؤسف له أن الاستفتاء الذي سيجري الأسبوع المقبل سيعرض للخطر كل هذا الزخم وأكثر من ذلك.
والاستفتاء بحد ذاته الآن غير ضروري بالنظر إلى المسار البديل الذي أعدته واعترفت به الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وزارة الخارجية الامريكية
11/9/2017
*رسالة تيلرسن
المساعي الامريكيية لم تتوقف عند اصدار البيانات بل ان وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسن كتب رسالة الى رئيس الاقليم مسعود بارزاني تتضمن دعوة لالغاء الاستقتاء و دعم الولايات المتحدة لاجراء مفاوضات بين حكومتي اربيل وبغداد تمتد لمدة عام بهدف معالجة جميع الملفات العالقة وهذه نص الرسالة :
الرئيس بارزاني..
أكتب هذه الرسالة باسم الولايات المتحدة الأمريكية للتعبير عن تقديري اللامحدود لكم ولشعب كردستان العراق، لقد أسسنا علاقات تاريخية خلال العقود الماضية.
نحن نريد توطيد هذه العلاقات خلال العقود المقبلة وملتزمون بذلك. خلال الأعوام الثلاثة الماضية على وجه الخصوص فإن عملنا المشترك وقراراتكم الشجاعة للتعاون الكامل مع القوات الأمنية العراقية، غيّر مسار الحرب ضد داعش.
نحن نقدر تضحيات البيشمركة في حربنا المشتركة ضد الإرهاب، ولن ننسى تلك التضحيات أبداً.
في هذا الوقت، نحن أمام مسألة الاستفتاء على مستقبل إقليم كردستان، المقرر إجراؤها في 25 أيلول، لقد عبرنا عن مخاوفنا والتي تتضمن عدة أمور، ومنها الحرب المستمرة ضد داعش، بما فيها معركة الحويجة المرتقبة، وعدم استقرار الظروف الإقليمية، والحاجة للتأكيد على إرساء الاستقرار في المناطق المحررة للاطمئنان بأن داعش لن يستطيع العودة إليها أبداً، وعلى هذا الأساس نحن ندعوكم باحترام لقبول البديل الذي نرى أنه يساعدكم بشكل أفضل لتحقيق أهدافكم وحماية الاستقرار والأمن في مرحلة الحرب ضد داعش.
هذا المقترح البديل يؤسس إطاراً جديداً وسريعاً للتفاوض مع الحكومة المركزية العراقية برئاسة حيدر العبادي، وهذا الإطار السريع للحوار يحمل معه أجندة مفتوحة ويجب أن لا تمتد لأكثر من عام لكن يجوز تجديدها، والهدف الرئيس لهذا المقترح هو تسوية جميع الملفات العالقة بين بغداد وأربيل وسيحدد طبيعة العلاقات المستقبلية بين الجانبين. ونحن سنحاول معالجة احتياجاتكم المالية والأمنية الراهنة.
الرئيس بارزاني، في الحقيقة، نحن نتفهم مخاوفكم خلال الأعوام العشرة الماضية، كما نستوعب الخطأ التاريخي الذي تعرض له الكرد في العراق عام 1921، ونحن نقبل بالحاجة لإيجاد طريق إلى الأمام على أساس الموافقة الظاهرة، بحيث يمكن تلبية احتياجات ومطالب كافة الأجناس والأديان والمكونات الإثنية على هذه الأرض التاريخية، ومن أجل كل هذه الأسباب، فإن السياسة الأمريكية خلال إدارة الرئيس ترمب تتضمن القيام بكل ما بوسعنا لمساعدتكم والحكومة المركزية لحل كل هذه القضايا المهمة وتطمينكم بأن قوتنا وثقلنا يقفان وراء هذا الإطار الجديد للتحاور.
أكثر من ذلك، نحن مستعدون لتقديم التسهيلات لكي يقوم مجلس الأمن الدولي بتقديم المزيد من الدعم للعملية، كما إننا مستعدون لتقديم التسهيلات الكاملة من قبل منظمة الأمم المتحدة وشركائنا الأساسيين مثل بريطانيا وفرنسا، هذه فرصة نادرة بأننا ندعوكم باحترام لقبول البديل عن الاستفتاء المقرر، ونعتقد أن هذا الاستفتاء سيكون له نتائج خطيرة بل أن النتائج قد ترجعكم إلى الوراء.
بالأخذ بنظر الاعتبار تاريخ الشعب الكردي، نتفهم بأنكم تنظرون إلى الحوار المقترح على أنه فرصة أخرى، كما إننا نعتقد أن هذه الفرصة تستحق الموافقة، خاصة بعد الانتصارات التاريخية ضد داعش، والشراكة منقطعة النظير بين القوات الأمنية العراقية والبيشمركة الكردية بالدعم القوي من التحالف الدولي، بالتأكيد إذا لم تتوصل المفاوضات في نهاية المطاف إلى نتيجة مقبولة أو فشلت بسبب انعدام الثقة الكاملة من قبل بغداد، فإننا سنقر بضرورة إجراء الاستفتاء.
ونظير التزامنا بدعم هذا الإطار الجدي للحوار – كبديل لإجراء الاستفتاء المقرر- فإننا نطلب التزامكم بالنقاط التالية:
أولا: التفاوض مع بغداد في الأساس يبقى من أجل التوصل إلى تفاهم وإيجاد اتفاق مشترك على العلاقات المستقبلية بين إقليم كردستان والحكومة العراقية، سواء أكان ذلك يعني فيدرالية حقيقية معمول بها أو نوعاً من الكونفيدرالية أو الاستقلال، ويجب أن تكون هذه الاتفاقية عن طريق المباحثات السلمية.
ثانيا: يبقى إقليم كردستان والبيشمركة الكردية شركاء رئيسيين ضمن التحالف الدولي لدحر داعش، وسيستمر الدعم المناسب للتحالف، في الوقت الذي يتواصل فيه العمل المشترك التاريخي مع القوات الأمنية العراقية، وسيكون للولايات المتحدة خطة لتسريع جهودنا الداعمة “لآلية الأمن المشترك”، وعلينا العمل معا للوثوق باستقرار هذه المناطق الحساسة، خاصة تلك التي بقيت غير آمنة بعد داعش، مثل شنكال.
ثالثا: تقرير حدود إقليم كردستان عن طريق الحوار مع بغداد، وفقا للآلية الواردة في المادة 140، والولايات المتحدة تقوم مع الأمم المتحدة وبالتعاون مع الحكومة العراقية بدعم عملية سريعة لتسوية هذه المسائل، وذلك في إطار الوقت المذكور آنفاً.
رابعا: نتوقع أنك ستواصل الجهود للتعاون مع الحكومة العراقية الحالية برئاسة حيدر العبادي، ومن قبيل ذلك المشاركة في الانتخابات الوطنية عام 2018 وأداء دور إيجابي في بغداد فيما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات، وحكمك ورئاستك في مرحلة ما بعد داعش سيكونان ذوا أهمية بالغة للمنطقة بالكامل.
وبالتزامن مع هذا الإطار للتحاور، سنقوم نحن بتقديم الدعم والتسهيلات لحل هذه القضايا خلال فترة عام:
– تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالسلطة والإيرادات بالشكل المعني.
– تنفيذ المادة 140.
– معالجة المسائل الأخرى مثل البيشمركة والطيران الجوي المدني والممثليات الدبلوماسية والملفات الأخرى.
نؤمن بأن هذه الرسالة وقرارك الشجاع بقبول هذا المقترح سيصبح فرصة تاريخية بين أمريكا وإقليم كردستان والحكومة العراقية، وهذا في مرحلة ما بعد تضحياتنا المشتركة وانتصاراتنا ضد داعش، باسم أمريكا، والرئيس دونالد ترمب، وجميع طاقم الأمن القومي فإنه لمن الفخر أننا نعمل معك.
طبيعة التعامل الأمريكي:
تعتبر طبيعة التعامل الأمريكي مع إقليم كردستان عندما يدعو البيت الأبيض ووزارة الخارجية إلى تأجيل أو إلغاء استفتاء الاستقلال معقدة وتعكس عدة اعتبارات منها السعي لتجنب تصعيد التوترات في العراق، حيث أن الاستفتاء قد يؤدي إلى نزاعات مسلحة أو تفكك الدولة. لذلك، غالباً ما كانوا يشددون على أهمية الحوار والتعاون وتاكيدهم على أهمية وحدة العراق وسلامته الإقليمية، وتعزيز هذا المبدأ في تعاملها مع إقليم كردستان.
وعندما تعرض الولايات المتحدة ضمانات لحل المشاكل بين الإقليم والحكومة المركزية، مثل الدعم السياسي والاقتصادي، فهذا يعكس رغبتها في تحقيق تسويات طويلة الأمد ودعمها لحقوق الكرد في تقرير مصيرهم، ولكن ضمن إطار يحافظ على استقرار المنطقة.
ولايمكن تجاهل حقيقة فقدان الدعم الدولي اذ ان رفض الدعوات الامريكية يُعتبر تحدياً للسياسة الأمريكية ويؤدي إلى تقليل الدعم الأمريكي والإقليمي للإقليم، مما يضعف موقفه على الساحة الدولية، اضافة الى تصاعد الانقسام الداخلي في الاقليم و تداعيات اقتصادية.
بالمجمل، يُظهر الموقف الأمريكي توازناً بين دعم حقوق الكرد والحفاظ على وحدة العراق، ورفض دعوات تأجيل الاستفتاء قد يُدخل الإقليم في دوامة من الصراعات والتوترات السياسية.
مجلس الامن
دعوات مجلس الأمن لعدم إجراء أمر معين في دولة ما يمكن أن تكون ملزمة قانونيًا خاصة إذا صدرت بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أما إذا كانت تحت الفصل السادس، فهي غير ملزمة، لكنها لها تأثيرا دبلوماسيا كبيرا وهذه القرارات تعكس إجماع أو توافق القوى الكبرى على القضية المطروحة وعدم الامتثال لدعواته قد يؤدي إلى عزلة دولية، أو إدانة سياسية وتجاهل، أو حتى فرض عقوبات في المستقبل.
وفي 23/9/2017 اصدر مجلس الامن بيانا حول تحذيريا حول الاستفتاء وجاء فيه :
يعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء الأثر المحتمل المزعزع للاستقرار لخطط حكومة إقليم كردستان الرامية إلى إجراء استفتاءٍ أحاديّ الجانب في الأسبوع المقبل.
وأشار أعضاء المجلس إلى أنه من المقرر إجراء الاستفتاء المزمع إجراؤه في الوقت الذي تجري فيه عمليات مكافحة داعش، والتي تقوم فيها القوات الكردية بدور حاسم، وهذا من شأنه أن يشتت الانتباه إلى جهود ضمان العودة الآمنة والطوعية لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ ونازح.
وأعرب أعضاء المجلس عن احترامهم المستمر لسيادة العراق وسلامة أراضيه ووحدته، وحثوا على حل جميع القضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وفقاً لأحكام الدستور العراقي من خلال الحوار المنظم والحلول التوفيقية بدعمٍ من المجتمع الدولي.
وأعرب أعضاء المجلس عن دعمهم الكامل لجهود الأمم المتحدة لتسهيل الحوار بين أصحاب الشأن العراقيين.
مجلس الأمن الدولي
23/9/2017
الامم المتحدة
لمشروع القوانين والمبادرات التي قدمتها الأمم المتحدة بشأن حل المشاكل وتطبيع العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة العراقية أهمية كبيرة على عدة مستويات كالسعي إلى تعزيز وحدة العراق ومنع تصاعد النزاعات الداخلية بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان ،وكذلك تسهم في تعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة وتسهيل الوصول إلى تفاهمات مشتركة حول الملفات الحساسة مثل الموارد النفطية، الحدود، والسلطة السياسية.و رفض هذه المبادرات قد يضعف فرص التفاهم والتعايش السلمي بين المكونات المختلفة ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الانقسام الداخلي ويهدد استقرار البلد.
وفق الامم المتحدة يتمتع العراق بموقع استراتيجي في المنطقة، وله دور في استقرار الشرق الأوسط و تطبيع العلاقات بين بغداد وأربيل يساهم في تقليل التوترات الإقليمية وتجنب تدخلات خارجية وان لرفض وتجاهل هذه المبادرات تداعيات عديدة من تفاقم الأزمات، خاصة في مناطق التماس بين القوات الأمنية في الإقليم والقوات الحكومية العراقية وكذلك التاثير السلبي على اقتصاد الاقليم وتقليل الاستثمارات الأجنبية والمحلية، واخير او توقف مشاريع البنية التحتية.
في هذا السياق تعتبر مشاركة الأمم المتحدة عاملاً مهماً لدعم الاستقرار ومنع التصعيد.
مشروع قرار اممي
*اضافة الى دعوات الامين العام للامم المتحدة انذاك لالغاء او تاجيل الاستفتاء ، قدمت الأمم المتحدة بشكل رسمي مقترحا لرئيس الاقليم مسعود بارزاني في 17/9/2017 يقضي بالعدول عن الاستفتاء المرتقب في 25 سبتمبر، في مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل في مدة أقصاها ثلاث سنوات.
وبحسب الوثيقة التي قدمها المبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيش لبارزاني، فإن المقترح يقضي بشروع الحكومة العراقية وحكومة الإقليم على الفور بـ”مفاوضات منظمة، حثيثة، ومكثفة، من دون شروط مسبقة وبجدول أعمال مفتوح على سبل حل كل المشاكل، تتناول المبادئ والترتيبات التي ستحدد العلاقات المستقبلية والتعاون بين بغداد وأربيل”.
ويتعين على الجانبين اختتام مفاوضاتهما خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، ويمكنهما الطلب “من الأمم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي، تقديم مساعيها الحميدة سواء في عملية التفاوض أو في وضع النتائج والخلاصات حيز التنفيذ”.
وكشف الرئيس العراقي السابق الدكتور فؤاد معصوم في كتابه (السنوات الاربع في قضر السلام) قائلا في اجتماع دوكان سالت السيد نيجيرفان بارزاني عن حقيقة هذه الورقة فقال انهم تلقوها من المبعوث الاممي .
فيما ياتي نص مشروع القرار الاممي كبديل عن الاستفتاء :
بالنظر الى ما حدث بعد 2003 ومستذكرا تاريخا من الجرائم والاضطهاد ولاسيما من قبل نظام صدام حسين ضد الشعب العراقي بما فيه الشعب الكردي تقرر بناء مستقبل مشترك في العراق وفق مبادئ الديمقراطية والفيدرالية والمواطنة والمساواة في تحقيق العدل والحقوق للجميع.
اولا:
**اشارة الى التعاون غير المسبوق والمستمر بين بغداد واربيل في محاربة ما يسمى داعش وتقديرا للشهداء والابطال والحاجة الى دعمهم ودعم عوائلهم وتقديرا للدعم الكبير للنازحين من قبل الكثير من العراقيين بما فيه الشعب الكردي وحكومة اقليم كردستان والحاجة الى تأمين عودتهم بشكل طوعي وآمن الى ديارهم .
**الاقرار انه وفق الدستور التي تم تبنيه في عملية اتسمت بالطوعية والديمقراطية من قبل الشعب العراقي كافة بما فيه كردستان العراق فان العراق دولة موحدة وديمقراطية وفيدرالية وان احترام الدستور والعملية الديمقراطية امر اساسي.
**الاقرار ان تجارب السنوات الماضية بالرغم مما تقدم ان الفيدرالية لاتسير بشكل يحظى برضا الشعب العراقي بما فيه الشعب الكردي وان هناك الكثير من المشاكل والقضايا العالقة لاتزال لم تحل بما فيها قضايا حساسة مثل تنفيذ المادة 140 من الدستور والخاصة بالمناطق المتنازع عليها بما فيها وضع محافظة كركوك وهذا كله ادى الى فقدان الثقة بين الاطراف ومثل هذا الوضع لايمكن ان يستمر وغير مستديم.
**الاقرار بانه وفي هذه المرحلة وفي الوقت الذي يقوم فيه الشعب العراقي بما فيه اقليم دردستان بالتعاون في محاربة مايسمى داعش، تبقى محاربة داعش هي الاولوية وعليه يجب ان تتم معالجة القصور الذي حدث ومراجعة الاسس والمبادئ والترتيبات في البيت العراقي ومن اجل معالجة تطلعات وطموحات كافة العراقيين بما فيه الشعب الكردي.
**ملاحظة ما ورد في قرار اقليم كردستان في الامر رقم (106) الموافق 8/ يونيو/2017 لاجراء استفتاء في 25 سبتمبر 2017 “في كافة مناطق اقليم كردستان والمناطق الكردستانية (المتنازع عليها) خارج ادارة اقليم كردستان” من اجل تنفيذ حق تقرير المصير عبر الاجابة عن السؤال (هل تريد ان يصبح اقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج نطاق ادارة اقليم كردستان دولة مستقلة؟).
**ملاحظة العديد من التصريحات من قبل الحكومة العراقية بان الاعلان احادي الجانب لاجراء الاستفتاء غير دستوري وغير قانوني ويفقتد الى القانونية ويمثل خلق سياسة امر واقع مرفوض وفي نفس الوقت تؤكد احترامها لتطلعات الشعب الكردي وابناء الشعب العراقي كافة والتأكيد على ان المشاكل الحالية يجب ان تحل بالحوار والاتفاق.
**ملاحظة موقف المجتمع الدولي والذي كرر دعمه للديمقراطية في العراق ووحدته وسلامة اراضيه واشار هذا الموقف الى قلق المجتمع الدولي من اجراء استفتاء للاستقلال بشكل احادي الجانب وانه يقوض على نحو خطير سيادة العراق وسلامة اراضيه ويزيد من خطورة عدم الاستقرار في العراق والمنطقة وتبقى محاربة داعش الاولوية وعبر المجتمع الدولي عن دعمه لحل القضايا العالقة بما فيها مسألة الاستفتاء عبر الحوار والمفاوضات.
ثانيا :
**وافقت الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان وقررتا عملا بروح التعاون والشراكة بينهما والاحترام المشترك لتطلعات الشعب العراقي بما فيه الشعب الكردي ووفقا للدستور ما يأتي :
**الدخول في (شهر سبتمبر) في مفاوضات شراكة منظمة ومستديمة ومكثفة تعتمد على تحقيق النتائج وبدون شروط مسبقة وبجدول اعمال مفتوح لحل كافة المشاكل والقضايا العالقة وفقا لمبادئ وترتيبات تحدد العلاقة المستقبلية بين بغداد واربيل والتعاون بينهما.
**تستكمل هذه المفاوضات خلال (2-3) اعوام من تاريخ بدئها.
**الطلب من الامم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي تقديم مساعيها الحميدة لعملية التفاوض وتنفيذ ما تتفق عليه الاطرف من نتائج.
ثالثا :
**وفقا لهذا الاتفاق تقوم حكومة اقليم كردستان بعدم اجراء الاستفتاء في 25 سبتمبر 2017 وفق ما اعلن في قرارها الرقم (106) الموافق 8 يونيو 2017، ويمكن لها ان تعود لهذه المسألة انتظارا لنتائج المفاوضات.
رابعا :
**يعتبر هذا الاتفاق بمثابة فرصة لكل من مجلس النواب العراقي وبرلمان اقليم كردستان لتبني التشريع اللازم الذي ينظم اجراء اي استفتاء في المستقبل.
خامسا :
*يرحب المجتمع الدولي ممثلا بالامم المتحدة ويدعم هذا الاتفاق وان الدعم والضمانات الدولية ستساعد في تسهيل حل القضايا العالقة وتنفيذ المبادئ والترتيبات التي ستحدد مستقبل العلاقة والتعاون بين بغداد واربيل.
*ويتم اطلاع مجلس الامن الدولي على تنفيذ هذا الاتفاق عبر تقديم تقرير دوري من قبل الامين العام للامم المتحدة الى مجلس الامن.
موقف رافض للاتحاد الأوروبي
وفي 20/9/2017 دعا الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، السلطات في كردستان العراق لعدم إجراء استفتاء حول استقلال المنطقة، واعتبره بأنه “غير مثمر”. وقالت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيرين، “يذكّر الاتحاد الأوروبي بدعمه الدائم لوحدة وسيادة العراق ووحدة أراضيه، والإجراءات من طرف واحد، مثل الاستفتاء المقترح، تعتبر غير مثمرة ويجب تجنبها”. وأكدت على أن الاتحاد الأوروبي يعترف بوجود مسائل غير محلولة بين السلطات الكردية وبغداد، ويعتبر أنه يجب حلها “عن طريق الحوار السلمي والبناء الذي يمكن أن يقود إلى حل متوافق عليه ومرتكز على تنفيذ بنود الدستور العراقي”.
وأضافت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، “الاتحاد الأوروبي يرحب بمبادرة الأمم المتحدة لتشجيع الحوار ويعرض دعمه لهذه العملية في حال طلب ذلك”.
موقف رافض لجامعة الدول العربية
وفي 13/9/2017 أصدر المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية قرارا يرفض فيه إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق.
وقال أحمد جمال، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، في تصريح صحفي: “استجابة لطلب وزير الخارجية العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري في اجتماع المجلس الوزاري للجامعة العربية، أصدر المجلس الوزاري قرارا عربيا، وبالإجماع، لرفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، لعدم قانونيته، وتعارضه مع الدستور العراقي الذي يجب احترامه والتمسك به، ودعم وحدة العراق لما تمثله من عامل رئيسي لأمن واستقرار المنطقة، وأن تهديد هذه الوحدة يمثل خطرا على أمن المنطقة وقدرة دولها وشعوبها على مواجهة الإرهاب”.
وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ، عن اصدار مجلس الجامعة قراراً بشأن استفتاء إقليم كردستان العراق، مبينا أن القرار يتمسك بوحدة العراق.
ونقلت صحيفة عن أبو الغيط قوله، إن ‘هناك قرارًا صدر من مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بشأن الاستفتاء في كردستان’، مشيرًا إلى أن ‘هذا القرار يتمسك بوحدة التراب العراقي، ويطالب بأن تكون أي خطوات وفقًا للدستور العراقي’.
موقف رافض لمنظمة التعاون الإسلامي
في 20/9/2017 دعت منظمة التعاون الإسلامي، رئاسة إقليم كردستان العراق، إلى إلغاء الاستفتاء المرتقب لتحديد مصير الإقليم، مشددة على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق واستقراره وسلامة أراضيه.
وعبرت الأمانة العامة للمنظمة، في بيان عبر موقعها الرسمي على الأنترنت السبت، عن قلقها العميق إزاء مشروع الاستفتاء المزمع عقده في إقليم كردستان العراق في الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر.
وحثت الأمانة، فيما أسمته نداءً عاجلاً، رئاسة إقليم كردستان العراق، على إلغاء الاستفتاء “لتعارضه مع الدستور العراقي ولتأثيره السلبي على الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب”، مشددة على ضرورة التمسك بالدستور واحترامه، وبذل كل الجهود للحفاظ على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه.
موقف رافض لتركيا وايران
اضافة الى العديد من المواقف التركية الرافضة ، قال رئيس الجمهورية التركية وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان مرة اخرى في 16/9/2017 ، إن قرار الإدارة الكردية شمالي العراق لإجراء الاستفتاء للانفصال عن بغداد “يتجاوز حدود انسداد الأفق وقلة الخبرة السياسية، ولا يمكن القبول بمفهوم سياسي”.وقال أردوغان ان مساعي بارزاني لضم محافظة كركوك للاستفتاء، وهي منطقة متنازع عليها بين الإقليم وبغداد، وأفاد أن بارزاني سيرى بشكل واضح مدى حساسية أنقرة تجاه الاستفتاء، عقب اجتماع مجلس الأمن القومي المزمع عقده في 22 من شهر سبتمبر/أيلول ، واجتماع مجلس الوزراء. ولفت أردوغان إلى أن تركيا، ترى ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية.
وحذر أردوغان، مسعود بارزاني من المضي في استفتاء على استقلال الإقليم عن العراق، وأضاف أن تصريحات بارزاني، حول الاستفتاء “خاطئة للغاية، لأنه يعلم حساسيتنا تجاه وحدة التراب العراقي”. وقال ، ان “لتركيا حدودا مع العراق طولها 350 كم وفي جانبي العراق الآخرين إيران وسوريا، والوضع في سوريا معلوم. نحن نرى ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، وموقف إيران مشابه للموقف التركي، حول ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، إن حاولتم إعلان دولة مستقلة على أهوائكم رغم علمكم المسبق بكل تلك المواقف، فلن يكون جواب الجميع بـ “نعم” بهذه السهولة، فهنا يوجد التركمان وبالجانب الآخر في الموصل هناك العرب، فلا يمكنكم تجاهلهم، ولن يوافق أحد على خطوة تهدد وحدة الأراضي العراقية. وترفض الحكومة العراقية الاستفتاء، وليس من الممكن أن يوافق البرلمان العراقي على هذا الاستفتاء.”
اما ايران ،ففي 17/9/2017 هدد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأميرال علي شمخاني، ، بإلغاء الاتفاقات الأمنية والعسكرية مع كردستان وإغلاق كافة المنافذ الحدودية مع الإقليم في حال مضيه بالاستفتاء ،وقال إن “الاتفاقيات الأمنية والعسكرية ستلغى في حال أقدم إقليم كردستان على الانفصال عن العراق”، لافتا إلى أن “إيران ستعمل ضمن إطار تأمين حدودها المشتركة، على إعادة نظرها في طريقة التعامل مع تواجد وتحركات العناصر الإرهابية في إقليم كردستان العراق المعادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وستقدم على خطوات مغايرة تماما عن الخطوات المتخذة سابقا”.
وأضاف شمخاني أن “الفرصة ما تزال سانحة أمام مسؤولي كردستان العراق للاستجابة للمبادرات الخيّرة التي تهدف تأمين مصلحة الشعب الكردي ودولة العراق والحؤول دون إنشاء تيارات تهدد الأمن في المنطقة”، مؤكدا أن “إجراء الاستفتاء بمثابة إغلاق كافة المنافذ الحدودية مع إيران”.
وفيما يتعلق بموقف ايران تجاه اجراء الاستفتاء في أقليم كردستان العراق صرح شمخاني بان تنظيم استفتاء الاستقلال سيفضي الى وقوع تهديدات جديدة ضد أقليم كردستان واضاف : في الوقت الذي يقترب العراق من المرحلة النهائية لتطهير كامل ترابه من لوث الارهابيين التكفيريين بفضل جهود وتضحيات الشعب العراقي بمن فيهم العرب والكرد والتركمان فان هذه الاجراءات والتي تفتقد للمصداقية القانونية ايضا، ستطال تداعياتها السلبية أمن المنطقة والعراق خاصة أقليم كردستان العراق.
واشار شمخاني الى الدور المصيري والهام للكرد في الحكومة العراقية وضرورة استثمار هذه الطاقة في مسيرة تعزيز الأليات الأمنية والاقتصادية والسياسية في اقليم كردستان العراق وقال ان معارضة الدول المجاورة للعراق لاستفتاء استقلال الاقليم، سيخلق ظروفا معقدة وشاقة لكردستان العراق بعد الاستفتاء.
واعتبر شمخاني، ان شرعية المعابر والمناطق الحدودية بين الجمهورية الاسلامية الايرانية و اقليم كردستان العراق مستمدة فقط بوجود الأقليم ضمن العراق الموحد منوها الى ان الاتفاقيات الحدودية مع الأقليم سوف تكون نافذة في اطار حكومة العراق المركزية فقط وان انفصال الأقليم عن الدولة العراقية بمثابة غلق جميع المعابر والمخافر الحدودية المشتركة.
واشار الى وجود الاتفاقيات العسكرية والأمنية بين ايران وأقليم كردستان العراق، وقال ان انفصال الأقليم عن الاراضي العراقية بمعنى انهاء جميع الاتفاقيات ومن ثم ستعمل ايران وفي اطار حماية الحدود المشتركة، على مراجعة جميع سياساتها لمواجهة تواجد ونشاطات الجماعات المناوئة للثورة في مناطق كردستان العراق, وستسلك سلوكا مختلفا تماما عن السابق.
وشدد أمين المجلس الاعلى للأمن القومي على استمرار الحوار لتسوية القضايا القائمة واعادة النظر في اتخاذ القرارات المتسرعة وقال ان الفرصة مازالت سانحة امام المسؤولين في كردستان العراق لاستجابة الدعوات لما لها من خير للكرد وبهدف حماية مصالح المجتمع الكردي والعراق و منع تشكيل الاتجاهات المضادة للأمن في المنطقة.
رفض المبادرات الدولية والبدائل
على الرغم من ان الاتحاد الوطني الكردستاني كان يريد التجاوب مع الدعوات الدولية وضرورة ان يؤخذ البديل المقترح للدول العظمى بشأن استفتاء اقليم كردستان على محمل الجد وكذلك دعوة حركة التغيير والجماعة الإسلامية الكردستانية إلى الاستجابة للمبادرات الدولية لتأجيل الاستفتاء الا ان رئيس الاقليم وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني رفض جميع هذه الدعوات والمبادرات الدولية بتأجيل أو إلغاء استفتاء الاستقلال قائلا “ان المطالبات والدعوات لتأجيل استفتاء الاستقلال قد انتهى”.
وأكد بارزاني، في كلمته أمام حشود جماهيرية في ملعب فرنسو حريري في أربيل 23/9/2017 “لقد انتهى وقت المطالبة بتأجيل الاستفتاء” داعيا الى حوار مع بغداد بعد الاستفتاء وليس قبله بقوله إن “الحوار مع بغداد يمكن أن يبدأ بعد الاستفتاء، لا قبله، متهما الحكومات العراقية المتوالية منذ سقوط النظام السابق بتحويل الدولة العراقية إلى دولة مذهبية بدلاً من دولة مدنية” حسب قوله.
ورداً على بيان مجلس الأمن الدولي قال بارزاني “إننا مستعدون وبجدية للتعاون مع جارنا العراقي والتحالف الدولي في الحرب على داعش، وسنكون أكثر صرامة” وقال انه لن يفاوض بغداد مجددا بشأن الشراكة.
وعن التبعات السلبية والمخاطر التي ستنجم عن الاستفتاء ورفض المبادرات الدولية قال بارزاني:”انا ساتحمل جميع العواقب والمسؤولية واذا لم يفلح مسعانا نحو الاستقلال فقولوا عني ماتشاؤون ” .
وهكذا واستنادا الى تاكيدات رئيس القليم بتحمل العواقب والتبعات شارك الكردستانيون في عملية الاستفتاء في 25/9/2017 و اعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في اقليم كردستان الاربعاء 27/9/2017، عن نتائج الاستفتاء وقالت: ان 92.73% من الناخبين صوتوا بـ (نعم)، في عملية الاستفتاء، وان 7.27% صوتوا بـ (لا)، في الاستفتاء على استقلال الاقليم.
واوضحت ان عدد الذين كان لهم حق التصويت في اقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج ادارة الاقليم والكردستانيين خارج العراق كان 4 ملايين و581 الفا و255 ناخبا.وعدد المشاركين كان 3 ملايين و305 آلاف و925 مشاركا، اي 72.16%.
واشارت المفوضية الى ان النتائج كانت على الشكل الآتي:
– الاصوات الصحيحة:3.085.935
– المصوتون بـ نعم :2.861.471، ( 92.73% ).
– المصوتون بـ لا : 224.464 ( 7.27%).
– الاصوات الباطلة :40.11.
– الاصوات البيضاء: 6368.
– الاصوات المبعدة: 170611.
خسائر وتراجع وهروب وعدم تحمل العواقب
ومع انتهاء الاستفتاء نفذت الدولة العراقية تهديداتها تجاه الاقليم وفق صلاحيات مطلقة اعطاها لها مجلس النواب بما فيها الحل العسكري رغم ان الدستور العراقي يمنع استخدام الجيش لفض النزاعات الداخلية وكذلك تراجع مسؤولي الحزب الديمقراطي الذين هرعوا الى الشاشات لطلب الحوار والتاكيد على ان الاستفتاء كانت لمعرفة راي الكردستانيين وليس الانفصال الا ان دولة الظل العراقية قامت بشن الهجوم للسيطرة على كركوك والمناطق المتنازع عليها بقرار قال رئيس الوزراء العراقي انذاك حيدر العبادي انه خارج ارادته وصلاحياته وحصل ماحصل في 16 اكتوبر 2017 وقد استشهد العديد من افراد بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني فيما هرع قوات الحزب الديمقراطي بالهروب منسحبا من كامل مناطق كركوك وسهل نينوى مكتفيا بتوجيه الاتهامات والتخوين للاخرين،اما رئيس الاقليم فاكتفى بالتنحي عن منصبه الذي قد اكتمل مدته لمدة اكثر من عام دون تحمل تبعات رفض المبادارت الدولية والبدائل التي لوتم قبولها لكان الوضع في الاقليم والعراق افضل بكثير من الان والتاريخ سيحكم على هذه المسالة وسيقول لنا من هم الحريصون ورجالات الدولة والسياسة الحقيقيين .
25/09/2024