حكاية صورة..
مع المام جلال .. رحلة اطفاء الدين ولو في الصين!.
ونحن نعيش ذكرى رحيل الأخ والصديق الرئيس جلال طالباني استذكر احدى المحطات التي عشتها معه خلال سنين عملنا الجهادي والسياسي معاً.
بيني وبين مام جلال الطالباني حكاية نضال وطني طويل في دمشق وبيروت منذ اواسط الثمانينات وقد توطدت تلك العلاقة النضالية بعد ٢٠٠٣ وفي العام ٢٠٠٦ تشكلت اول حكومة منتخبة واثناء عملي وزيرا للمالية اتصل بي والح على ضرورة ان يراني في اليوم التالي.
بعد ان استقبلني حدثني وقد اتخذنا مكانا قصيا في قصر السلام عن زيارته القادمة الى الصين وطلب ان اكون جزءا من الوفد الوزاري الذي سيحل ضيفا على القيادة الصينية فقلت له .. ان ذهابي الى الصين والتحاقي بالوفد العراقي مشروط بعهد ان تجمعني مع الرئيس الصيني (هوجن تاو) لان وزارة المالية العراقية وصلت مستوى العجز التام باقناع بكين اطفاء ديونها البالغة 8 مليار500 مليون دولار.
ماكان يؤلمني ان نسبة الفائدة التي كانت تسددها الحكومة العراقية للصين عالية جدا بلغت 5 الى 6% واساس الدين ان النظام العراقي السابق كان تعاقد على فترات لشراء اسلحة متنوعة من الصين ايام الحرب العراقية الايرانية.
رد علي الرئيس جلال الطالباني بالموافقة وقال لي .. وهو كذلك الجدير بالذكر ان زيارة الرئيس الطالباني تمت بدعوة من الرئيس (هوجن تاو) وفي الاثناء زرنا احدى المدن الصينية التي امضى الرئيس الطالباني فترة فيها ايام لجوئه السياسي في بكين ومن المعروف ان الطالباني عاش ماوي الهوى ايام شبابه.
وهكذا تم الاتفاق مع الرئيس الطالباني على تنفيذ الشرط الذي اتفقنا عليه وكان “شرطي” بمرافقة الوفد العراقي الى الصين.
في بكين عقدت القمة العراقية الصينية بحضور وفدي البلدين وعلى هامش القمة ذكرت الرئيس بوعده الشخصي لي فأومأ براسه موافقا وقال لي ساتحدث مع الرئيس الصيني.
حين انتهى لقاء القيادتين الصينية والعراقية التي شهدت توقيع مذكرات التفاهم المشتركة في المجالات الامنية والاقتصادية والخدمية انفرد الرئيسان بحديث ثنائي.
روادني احساس ان الرئيس سينسى عهده الذي قطعه لي في الحديث مع الرئيس الصيني لذلك اتجهت الى خلوة الرئيسين لكي اذكر الطالباني بعهده وقد حاول الحرس الرئاسي منعي من الوصول الى الرئيس فلم امتنع وحين اقتربت منه ابتسم الرئيس جلال الطالباني وقدمني الى الرئيس الصيني وقال له هذا هو وزير المالية ويريد ان يتحدث معك في طلبه اوجزت للرئيس هوجن تاو بشكل مكثف خلاصة ديونهم المستحقة على العراق فرد علي قائلا :
وما هو المطلوب؟ ..
قلت له :
اريد توجيها من سيادتكم لوزير ماليتكم للبدء بمباحثات اطفاء الدين فاذا انتهينا من هذا الملف بما يحقق رغبة الجانب العراقي فان ذلك يمثل نهاية رحلة اطفاء الديون الصينية على العراق بعد موافقة غالبية الدول الدائنة على اطفاء ديونها المستحقة على العراق وفق قواعد نادي باريس.
ماحدث ان الرئيس وجه وزير ماليته الذي اتفق معي على الاجتماع في اليوم التالي في مقر ضيافة الوفد العراقي .. بعد ثلاثة ايام من المباحثات العميقة والشاقة “وكنت مريضا خلالها” وافقت الحكومة الصينية على اطفاء ديونها بعد ان عرضت نتائج مباحثاتي مع وزير المالية على الرئيس الصيني هوجن تاو.
عشيتها اطلق الرئيس الطالباني عبارته الشهيرة التي دخلت قاموس الثقافة السياسية العراقية “ان الزبيدي اكبر “مجدي” للشعب العراقي.
باقر جبر الزبيدي
زعيم تحالف مستقبل العراق
٣ تشرين الاول ٢٠٢٤