الكاتب..علي حسين
كان دريد لحام مدرسا للكيمياء عندما قرر أن يستبدل المعادلات الكيميائية بقبقاب خشبي، ليدخلنا معه الى عالم الكوميديا الغرائبية، حيث وجه انظارنا واسماعنا الى المصائب التي تحيط بنا من خلال دراما ضاحكة وحادة وسياسية في نفس الوقت.
كنت قبل مدة اشاهد مقطعا قديماً يظهر فيه غوار الطوشي وهو يجلس الى احد زبائن الحمام، حيث يخبره ان اسرة احد سكنة الحارة ستقيم دعوى ضد المختار، والسبب ان جناب المختار كان يتحدث مع سكان الحارة عن متانة الوضع واستقراره وعن الرفاهية التي يعيشون فيها، لكن المواطن المسكين ما ان سمع هذه الكلمات حتى مات من الضحك.وجنابي غص بالضحك ايضا وهو يقرأ ما نشره الناطق ياسم وزارة البيئة حول أسباب التلوث في أجواء بغداد واصدر لنا سيادته مشكورا عددا من التوصيات منها ان نقلل من تواجدنا في الهواء الطلق فهو مضر للصحة ، وان نلزم بيوتنا ، وان نغلق النوافذ تيمنا بالمثل الشهير ” الباب التجيك منخ الريح سده واستريح”.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد ضجت باخبار التلوث البيئي في بغداد ، وهو تلوث لا يختلف كثيرا عن التلوث السياسي الذي تعيشه العاصمة بظله .، في الوقت الذي يسأل المواطن نفسه : اين مجلس محافظة بغداد مما يجري؟ .. لعل الجواب سهل عزيزي القارئ الكريم ، فنحن نعرف جيدا ان الاحزاب التي استولت على مجلس محافظة بغداد، حولت بعض مناطق العاصمة إلى إقطاعيات خاصة بها. ولهذا اتنمى ان لا تسألوا لماذا تصر معظم الأحزاب للسيطرة على العاصمة بغداد، وكيف أن البعض لا يزال منزعجاً لأن كتب التاريخ تقول إن أبا جعفر المنصور بنى مدينة بغداد.
في مرات كثيرة يعاتبني بعض القرّاء لأنني أكتب بإعجاب عن مدن مثل دبي وسنغافورة وطوكيو، والآن اسمحوا لي أن أكتب عن مدن قريبة منا تحولت إلى مدن تضاهي مدن أوروبا، ونقرأ في الأخبار أن العراق يتقدم بدرجة واحدة على جيبوتي في مؤشر جهوزية نظامه البيئي . اما الدولة التي تصدرت في المدن الاكثر اهتماما بجودة الحياة في بلادنا العربية فهي ابو ظبي والرياض ومسقط .. وربما يقول البعض وهو محق؛ ما لنا والبيئة ونحن نعيش مع عقول تستطيع أن تشتري وتبيع المناصب في وضح النهار.
دائماً ما أشير إلى المرحوم جان جاك روسو.. لان صاحب العقد الاجتماعي يرشدنا إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل مسولين يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالازدهار والتنمية والعدالة لا مكان لها في ظل خطابات طائفية ومتحيزة يعتقد اصحابها انهم وحدهم يملكون القوة والحزم، يخيفون الناس، لقد أدركت الشعوب أن الحل في دولة مؤسسات يديرها مسؤول لا يطالب الناس بغلق النوافذ .
المصدر .. صحيفة المدى