د. محمد وليد صالح ـ كاتب عراقي
بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أجمعت الدول الأعضاء الـ(193) على ان تأخذ كل دولة على عاتقها حماية سكانها من الإبادة الجماعية، ووضع يوم دولي لإحياء ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية في التاسع والعشرين من شهر أيلول سبتمبر عام 2015، بهدف زيادة الوعي باتفاقية منع الإبادة الجماعية ومكافحة هذه الجريمة ومنع التحريض عليها عام 1948، ولاسيما بعد العام الأول لطوفان الأقصى في غزة وحرب لبنان مع الكيان، واستمرار الموت والدمار الذي شهدناه حتى الآن لن يحقق ولا يحقق السلامة أو الأمن، وربما يؤدي ذلك إلى انتصارات تكتيكية قصيرة الأجل لكن مقابلها المكاسب الأطول أجلاً، وبحسب وصف المسؤولة الأممية فالعنف لا يعني سوى المزيد من العنف.
وعلى الرغم من كثرتها إلا إنَّ التأريخ الإنساني لم يُشر إلا إلى مجازر الإبادة الجماعية في القرن العشرين التي ارتكبتها الدول على المستويين الداخلي والخارجي، بوصفها تدمير متعمد لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو أصلهم.
إذ لابد من توظيف مناهج العلوم الإنسانية والاجتماعية في بلورة فلسفة الإعتراف التي تعد معالجة لآثار الإبادة الجماعية سواء أكانت السياسية أم المجتمعية أم النفسية لنبذ جميع أشكال التطرّف وفقاً لستراتيجية مواطنة عالمية وتعايش، فضلاً عن انبعاث حالة التفاؤل والشعور بالطمأنينة وقناعة بجدوى الحوار والتواصل والتفاهم بين الشعوب المختلفة بصرف النظر عن العرق واللغة والدين، من أجل ترسيخ بناء السلام وتحويل الصراع على وفق أسس ثقافة الحوار المشترك.
ولما كان العالم يزداد ترابطاً لمواجهة هذه التحديات إنما تتسم بطابع عالمي وليست مجرد قضايا محلية، ولابد من ترويجها على نحو فعّال بواسطة جهود دبلوماسية ناجعة للحد من خطابات التشكيك التي تضعف مصداقية التغطية الإعلامية، ويشمل على صورة ومصطلح الأخبار الزائفة مناسب للتعبير عن إحداث اللبس بين الحقيقة والكذب في التغطيات والمعالجات الخبرية للأحداث الحربية، وبين الرواية الواقعية والروايات الخيالية التي تعرض كما لو حصلت بالفعل، مما يدفع إلى وضع آليات للمراقبة في اطار أهداف خطة التنمية المستدامة لضمان سلامة الصحافيين في الميادين العسكرية وتقليل التخويف والخطابات العدائية والرقابة الذاتية لتحقيق مبدأ المسؤولية الاجتماعية.
ولدعم الجهود الرامية لمساعدة البلدان في الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة الهدوء، ومنع مخاطر إنزلاق أي منطقة في العودة إلى حالة عدم الاستقرار بتطوير القدرات الدبلوماسية الوطنية والدولية لتحقيق المصالح المشتركة للشعوب والبلدان، ليس منع نشوب الحرب فقط هو السلام وإنما عملية مستمرة سواء أكانت على المستوى الذاتي أم العائلي أم المجتمع المحلي أم المستوى الإقليمي والعالمي.