الكاتب..سرى غضبان غيدان
في 25 نوفمبر من كل عام، يحتفل العالم بيوم مناهضة العنف ضد المرأة، وهو يوم يسلّط الضوء على أشكال العنف التي تتعرض لها النساء في شتى أنحاء العالم. ولكن هذا اليوم يحمل في طياته ذكرى أليمة ومؤثرة، تعود إلى عام 1960، عندما اغتيلت الأخوات الثلاث (ميرابال)، اللواتي أصبحن لاحقاً رمزا للنضال ضد الاستبداد والظلم.
تعود القصة إلى جمهورية الدومينيكان، حيث كانت الأخوات (ميرابال)، المناهضات لدكتاتورية الرئيس تروخيلو، يسعين للإطاحة بحكمه القاسي. كانت مينيرفي، إحدى الأخوات، قد تعرضت للتحرش من قبل تروخيلو في إحدى المناسبات العامة، وهو ما أشعل فتيل الاحتجاجات ضد نظامه القمعي. بدأت الحركة السياسية ضد تروخيلو على يد الأخوات الثلاث، لكن العنف كان أسرع، حيث تم اغتيالهن في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1960 في جريمة كُتب لها أن تظل محفورة في ذاكرة العالم.
وفي عام 1990 قامت منظمة تعرف باسم (شبكة العمل النسائي الدولية) بمطالبات لتخليد هذه الذكرى، والتوعية بالعنف ضد المرأة. وبالفعل، أقرت منظمة الامم المتحدة في عام 1999 يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، على أن تستمر الحملة 16 يوما (تنتهي في العاشر من ديسمبر).
في هذه الأيام، تنطلق المنظمات المحلية والدولية بحملات توعوية وندوات تخصصية، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، كما يتم رفع اللون البرتقالي على بعض البنايات والمعالم كرمز لهذه المناسبة.في العراق، يستمر التعاون ما بين السلطات المحلية والمنظمات المعنية، لتعزيز اطلاق التشريعات الكافلة لحقوق المرأة، وضمان تطبيق القوانين التي تحمي حقوقهن، وتقديم الدعم المعنوي والاجتماعي للنساء المعنفات. كما تسعى الأجهزة الامنية العراقية إلى دعم المرأة وإعطائها حقوقها، بما يكفل لها الحياة الكريمة، وبما يتواءم مع تعاليم مجتمعنا وديننا الذي أكد حقوقهن، فالدعم يبدأ بتمكين السلطة القضائية من تنفيذ قانون “مكافحة العنف الأسري”، ورصد ظواهر العنف، والتوعية بحقوق المرأة. فيما تعمل وزارة الداخلية، وهي جزء أساس في المنظومة الأمنية، إلى ضمان تنفيذ القوانين والحد من العنف الذي تتعرض لها النساء في العراق، ومن أجل تمكين الوزارة، تم استحداث وحدة “حماية الأسرة والطفل” عام 2011، بموجب أمر ديواني صدر في العام 2009، يستمد شرعيته القانونية من الدستور العراقي، الذي كفل حقوق المرأة والطفل في أربع مواد (14 و15 و29 والمادة 30).
الوحدة التي تم استحداثها في وزارة الداخلية، حرصت على ادارتها من قبل متخصصين من ذوي الخبرة والكفاءة العالية في مجالات القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع. استحدثت معها الخط الساخن (139) لتلقي الشكاوى والبلاغات عن حالات العنف الأسري، وعلى مدار 24 ساعة.
ومع تعدد حالات العنف التي تتعرض لها النساء، من العنف الاقتصادي كالحرمان من الميراث، أو العنف الجسدي أو الاجتماعي مثل الحرمان من التعليم، وليس آخرها العنف الالكتروني، كحالات الابتزاز وغيرها، في المقابل، تواجه الحكومة العديد من التحديات للقضاء على هذه الحالات، منها الضغط الثقافي والديني المتمثل بالأعراف البالية والعادات القديمة المتوارثة في المجتمع، إضافة إلى قلة الوعي والخوف من الإبلاغ، والانتقام.. ورغم ذلك تتمتع المرأة العراقية اليوم بدرجة عالية من الثقافة والابداع، والكثير منهن تركن بصمة في أنحاء العالم، وما زلن. اما على المستوى، فإن المرأة تحظى اليوم بدعم كبير، وتمثل ركيزة أساسية في المؤسسة التشريعية، وفي صنع القرار السياسي، وباقي مؤسسات الدولة.
المصدر .. الصباح