تزامناً مع حلول الذكرى الـ(٣٤)، للانتفاضة في كردستان العراق، صدر اليوم المصادف (٨/٣/٢٠٢٥)، كراس (في أدبيات حركة الكردايتي: مظلة الحركة التحررية لشعب كردستان)، وهو من تأليف الكاتب القدير الإعلامي البارز الأستاذ (ستران عبدالله)، الذي سعدت بترجمته من الكردية (السورانية)، ويتناول الكراس موضوع التشتت والشقاق بين صفوف الحركة الكردية، وضرورة وجود مظلة كردستانية تضم أطرافها تحت ظلها، أنه بالفعل (كراس صغير بحجمه، وغني بمضمونه الفكري)، وفيما يلي المقدمة التي كتبناها للترجمة العربية بعنوان (مظلة تقينا من سلوك الحجل):
(مظلة تقينا من سلوك الحجل)
علي شمدين
لقد سررت بترجمة هذا الكراس المعنون بـ(مظلة الحركة التحررية لشعب كردستان)، الصغير بحجمه، والغني بمضمونه الفكري الذي أراد مؤلفه الكاتب والصحفي الكردي المتألق، الأستاذ ستران عبد الله، أن يكشف من خلاله عن جرح عميق في جسد الأمة الكردية، هذا الجرح الذي ظل ينزف كل هذه القرون الطويلة من تاريخ الشعب الكردي من دون أن يهتدي إلى دواء لهذا الداء الذي ابتلي به، داء التشتت والإنقسام الذي أفرزته صراعات (الأخوة الأعداء).
لا شك بأن هذا الداء ليس لعنة نزلت على الكرد من السماء كما يعتقده البعض، وإنما هو مكر الدول العظمى ودهاءها في استخدام الكرد أدوات ناجعة في إدارة صراعاتها مع الأنظمة المقتسمة لوطنهم (كردستان)، وذلك من أجل تحقيق مصالحها الجشعة، ولا شك بأن الكرد من جهتهم كانوا بسبب التخلف والجهل والحرمان أداة طيعة بيد هذه الدول مع الأسف الشديد، وأعداء قساة ضد بعضهم البعض، ولهذا لم يهتدوا حتى يومنا هذا إلى مظلة قومية تجمعهم تحت ظلها، فبقي الجرح ينزف باستمرار، لا بل إزداد تقرحاً وقيحاً يوماً بعد يوم..
أجل، أنه الداء الذي نبهنا إليه أحمدي خاني في ديوانه (مم وزين)، منذ عام (1695)، ووضع أصبعه بشكل مبكر على جرحنا الأزلي العميق، مؤكداً بأن داء الكرد إنما يكمن في التناحر والعناد، وشخص دوائهم في الوحدة والاتفاق.. ولكن لم يصغ أحفاده من بعده لصرخته المخلصة هذه، وإنما ظلوا حاملين بعناد فيروس التشتت والشقاق، وشكلوا بتخلفهم تربة خصبة لازدهار تلك الثقافة التدميرية التي أنتجت صراعاً من نوع صراع (هابيل وقابيل)، وكانوا أقرب إلى سلوك الحجل في الإيقاع ببعضهم في مصيدة الخصم، رافضين غسل الدم في معظم صراعاتهم إلاّ بالدم.
فيتناول الكاتب ستران عبد الله، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني ومسؤول مكتب الإعلام المركزي، في كراسه هذه الظاهرة الخطيرة التي تركت الكرد مشتتين من دون كيان مستقل، آخذاً من إقليم كردستان العراق نموذجاً لموضوعه، حيث أقر الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في (١٥/١٠/٢٠٠٥)، بحكومة الإقليم وبرلمان كردستان ومؤسساتهما، وكذلك المشاركة في المؤسسات العراقية الفيدرالية من كركوك حتى بغداد، الأمر الذي خلف تحديات جديدة في مواجهة السياسة الكردستانية، فيقول الكاتب: (ولأول مرة تم الجمع بين تأريخية المسألة الكردية، وواقعها الجغرافي، وأنا أسميه شخصياً بالمصالحة بين التأريخ والجغرافيا).
فمن يمثل الكرد في ظل غياب مظلة الحركة وعدم وجود المرجع الديمقراطي الذي: (تسبب بالارتباك وضياع الفرص وضياع نصيب ممثلي الكرد في المؤسسات المختلفة، لأنه لم يكن هناك من ينظم هذا التمثيل ويرتب العلاقة بينها، فيتحول نصيبهم التمثيلي والديمقراطي إلى نقمة..).
وهنا يناشد الكاتب أبناء الشعب الكردي بالعودة إلى أصول أدبيات الحركة التحررية لشعب كردستان، ويطالبهم بالعمل من أجل: (تشييد مظلة ومرجعية معنوية لتنظيم علاقات هذه المؤسسات مع بعضها البعض، وبينها وبين الآخرين، بدلاً من التعرض للصراعات والمواجهات الصدامية التي لا طائل من ورائها).
السليمانية ٦/٣/٢٠٢٥