الكاتب.. وليد الشمري
مع التطور السريع للتكنولوجيا، أصبحت أشباه الموصلات العنصر الحيوي الذي يُشغل الاقتصاد العالمي، مما جعلها “النفط الجديد” للعصر الرقمي. هذه الرقائق الصغيرة تدخل في تصنيع كل شيء تقريبًا، من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر إلى السيارات والطائرات، وحتى المعدات الطبية. وفي هذا السياق، تتحرك القوى العالمية الكبرى للسيطرة على صناعة أشباه الموصلات، مما يُشعل صراعًا دوليًا محمومًا.
تُعدّ الولايات المتحدة والصين القوتين الرئيسيتين في هذا الصراع. تسعى الولايات المتحدة، من خلال الشركات الرائدة مثل إنتل وكوالكوم، إلى الحفاظ على تفوقها في هذا القطاع الاستراتيجي. من ناحية أخرى، تبذل الصين جهودا كبيرة لتطوير صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها والحد من اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية، وذلك من خلال دعم شركات مثل هواوي و SMIC. هذا الصراع أدى إلى فرض قيود على الصادرات وتصاعد التوترات التجارية بين الدول، مما قد يؤثر على سلاسل التوريد العالمية.
أما بالنسبة للعراق، فيواجه تحديات كبيرة للاستفادة من هذه الثورة التكنولوجية. تعاني البلاد من ضعف البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك شبكات الإنترنت، ونقص الأجهزة والبرامج الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، يفتقر العراق إلى الكوادر البشرية المؤهلة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما يجعل من الصعب تطوير قطاع أشباه الموصلات.
البيروقراطية والروتين الإداري تُعتبر عائقًا آخر أمام التحول الرقمي في العراق. تُعيق الإجراءات الإدارية البطيئة والغير فعّالة تطبيق الحكومة الإلكترونية بشكل فعّال، مما يؤثر على قدرة البلاد على مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، يُعدّ الأمن السيبراني من التحديات الرئيسية، حيث تتزايد الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحساسة في البلاد.
غياب الإطار القانوني الشامل الذي يُنظم عمل الحكومة الإلكترونية ويُحمي البيانات يُعدّ تحديًا كبيرًا. تحتاج العراق إلى وضع قوانين وسياسات تضمن حماية البيانات الشخصية وتعزز الثقة في استخدام الخدمات الإلكترونية. كما يجب العمل على تعزيز ثقة المواطنين في الحكومة الإلكترونية من خلال تحسين الأمان والخصوصية.
في ظل هذا الصراع العالمي على أشباه الموصلات، يمكن أن يؤثر الوضع على الحكومة الإلكترونية في العراق بزيادة تكاليف المعدات والتكنولوجيا، ونقص الإمدادات من أشباه الموصلات، وتعرض الحكومة الإلكترونية للهجمات السيبرانية. لكن بالرغم من هذه التحديات، يظل هناك أمل في تحقيق التحول الرقمي من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز القدرات التكنولوجية.
بالاستفادة من الفرص المتاحة، يمكن للعراق أن يُحقق تحولًا رقميًا كبيرًا ويُصبح جزءًا من الاقتصاد الرقمي العالمي. لكن لتحقيق ذلك، يجب على الحكومة والشركات والمواطنين العمل معًا لمواجهة التحديات وتذليل العقبات.
المصدر: العالم الجديد