المسرى ..
تقرير .. هناء رياض
يقول الشاعر والمخرج الالماني برتولت بريشت : ، ” ان الفن ليس مرآة للحقيقة بل هو مطرقة لأعادة تشكيل الحقيقة”.
وهذا ما سعى ويسعى اليه الكثير من صناع السينما والدراما في العالم بشكل عام وفي وطننا العربي بشكل خاص , فمع كثرة الاشكاليات السياسية والاجتماعية التي يعاني منها الفرد العربي , فأن الفن أخذ على عاتقه التحدث بلسان حال المواطن ومحاولة اثارة القضايا التي تمس حياته كالفساد المالي والاداري وتسلط ذوي النفوذ او اشكاليات اجتماعية عدة كأزمة السكن والعطالة عن العمل والمخدرات والعنف والبلطجة وكثير من الظواهر والسلوكيات التي اثرت على المجتمعات العربية بشكل أو بآخر ..
وفي الموسم الرمضاني الحالي استطاع مسلسل فاتن امل حربي للكاتب المصري ابراهيم عيسى ان يخلق جدلاً واسعا على منصات التواصل الاجتماعي لما اثاره من تساؤلات حول القانون والنصوص الشرعية والمتوارث والعادات والمسكوت عنه..
الكاتب والاعلامي المصري ابراهيم عيسى وفي أول تجاربه لكتابة الدراما ( فقد سبق له ان قدم افلامه الثلاثة “مولانا” (2017) و”الضيف” (2019) و”صاحب المقام” (2020) ) ، يعود لأثارة المسكوت عنه داخل المحاكم المصرية وبالتحديد حول قوانين الاحوال الشخصية والمتعلقة بحقوق المرأة المطلقة
واستطاع مسلسل «فاتن أمل حربي» أن يتصدر «التريند» على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ بداية عرضه خلال شهر رمضان الجاري، من خلال قصة فاتن أمل حربي التي تحصل على الطلاق بعد معاناة مستمرة مع طليقها، وتظن أن معاناتها انتهت بعد الطلاق، ولكنها تجد نفسها في مواجهة قانون قد يحرمها حقوقها وابنتيها، خصوصاً مع استخدام طليقها حيلاً مختلفة لتجريدها من حقوقها وإذلالها. كما يتعرض العمل لمشكلات مختلفة تواجهها المرأة في حياتها، مثل منع الفنادق استضافة المرأة دون سن الـ40، إذا لم يكن معها محرم (والدها أو شقيقها أو ابن كبير).
ولكن الهجوم الذي يواجهه المسلسل لم يرتبط فقط بما يطرحه من قضايا، فانصب جانب كبير منه بشكل مباشر على مؤلف العمل، الكاتب إبراهيم عيسى، والذي يمثل العمل أول تجربة له في مجال الكتابة الدرامية، واعتبر المشاركون في هذا الهجوم أن عيسى يواصل ما وصفوه بالعداء للدين وللفقه وآراء العلماء، من خلال الأفكار التي يطرحها المسلسل، وهي الأفكار التي اعتاد أن يطرحها في برامجه التلفزيونية.
من الجانب الفني، يواجه المسلسل انتقادات ترتبط ببناء الشخصيات، تحديداً شخصية البطلة التي تجسدها الفنانة نيللي كريم، فظهرت في العديد من المشاهد تتحدث بأسلوب حديث المؤلف نفسه في برامجه، بما يشير إلى أنه لم يترك المجال لهذه الشخصيات أن تنضج فنياً، وتمتلك صوتها الخاص للتعبير عن مشاعرها وأفكارها بعيداً عن شخصية المؤلف، فبدت كأنها تعيش في عباءته.
هجوم آخر شهدته مواقع التواصل الاجتماعي على «فاتن أمل حربي» من الآباء الذين عبروا عن استيائهم من انحياز المسلسل للمرأة، مؤكدين أن هناك كثيراً من الآباء الذين يعانون من أجل مشاهدة أبنائهم، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم «رابطة الآباء المتضررين من قانون الأحوال الشخصية» أحمد عز، في «بوست» له على صفحته موقع «فيس بوك»، قال فيه: «طول ما الإعلام ماشي في اتجاه واحد، يبقى إحنا غلط.. نيللي كريم بتستخدم السوشيال ميديا عشان تعلي مشاهدات المسلسل بتاعها، هي وزملاؤها، بغض النظر عما يتركه هذا العمل في المجتمع من فساد».
في المقابل، حصد المسلسل تأييد شريحة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً النساء، لما يتسم به من جرأة وواقعية في طرح القضايا التي تواجه المرأة، مشيدين بحرص السيناريو على تقديم شخصية البطلة وهي تحاول أن تتمسك بالأمل والابتسامة، رغم ما تعانيه من أزمات.
(فاتن أمل حربي) بطولة نيللي كريم، شريف سلامة، هالة صدقي، محمد ثروت، محمد الشرنوبي، خالد سرحان، فادية عبدالغني، تأليف إبراهيم عيسى، وإخراج محمد العدل.
وعن تأديتها للبطولة في المسلسل تقول الفنانة نيللي كريم : انا سعيدة جداً لاختياري في تجسيد بطولة اول عمل درامي للكاتب المميز ابراهيم عيسى , واتمنى ان يغير المسلسل بعض القوانين خصوصاً ان الحكومة المصرية تعمل ومنذ تسلم السيسي مقاليد الحكم على دعم المرأة واعادة مكانتها التي تستحقها ..
اما بطل العمل الفنان شريف سلامة ففي حوار له مع العربية نت أكد بأنه قد نجح بأداء دوره بشكل جيد والبرهان كثرة الشتائم التي تطارده بسبب شخصية سيف التي يؤديها , ويضيف هي شخصية صادمة للجميع ولي أنا أيضا، لكنه مهم جداً، لأنه موجود في المجتمع، يظهر من خلاله فهم البعض بطريقة خاطئة لكثير من أمور الحياة والعلاقات الزوجية. فالعمل يلقي الضوء على هذه النوعية من الرجال الذين نجدهم في مجتمعاتنا، إلى جانب أننا سنرى وجهات نظر غريبة ومختلفة لبعض الأمور من خلال الشخصية. ويؤكد ضاحكاً ، انها المرة الأولى التي أفهم فيها معنى أنه طالما “اتشتمت” فهو دليل على النجاح. لذا أعتبر أن ردود الأفعال حول شخصية “سيف” أسعدتني، والإجماع على كراهية شخصية درامية يؤكد اقتناع الناس بأنني تحولت إلى “سيف” بالفعل أمام الكاميرات، والحقيقة أنني لم أتوقع هذا النجاح الكبير، وستزداد كراهيتهم لهذه الشخصية العنيفة القاسية مع الأيام.
اما الكاتب ومؤلف العمل ابراهيم عيسى ففي حديث صحفي قال : إن إسم المسلسل عبارة عن جملة ثلاثية بدأها بكلمة “فاتن” تيمناً بسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وكأنها بنت هذا الزمن، وكلمة “أمل” يعود لشاعرنا العظيم أمل دنقل، بينما الكلمة الثالثة “حربي” تعود لنفس إسم الشاعر الكبير أمل دنقل حيث إسمه يحمل لقب “محارب”، وبالتالي كلمة “حربي” في إسم المسلسل تعود له أيضا.
وأوضح أن المعنى الأشمل هو أن فاتن فتاة تبحث وتحارب من أجل الأمل، لافتًا إلى أن فكرة مسلسل “فاتن أمل حربي” تحمس لها المنتج جمال العدل لصناعة عمل عن قضايا المرأة والأحوال الشخصية، خاصة أن ثقافة المجتمع تفرز موقفا ضد المرأة، كما أن مصر بها 1.5 مليون قضية محكمة أسرة سنوي وعقود الطلاق في 2020 كانت 222 ألف قضية. وأضاف أن القاضي ينظر في اليوم الواحد حوالي 600 أو 700 قضية أحوال شخصية، مشيرًا إلى أن قوانين الزواج والطلاق والأحوال الشخصية موجودة منذ 100 سنة وترتب عليه ظلم كبير وهائل للمرأة المصرية وهذا شيء مفجع للغاية.