محمد شيخ عثمان
تضيء الصحافة الكردية، يوم الجمعة 22/4/2022 الشمعة الـ(124) لميلاد أول صحيفة كردية، إذ استطاع الأمير مقداد مدحت بدرخان إصدار جريدة «كردستان» من العاصمة المصرية القاهرة في 22 نيسان عام 1898.
ومثلت الخطوة الأولى والتاريخية في وضع حجر الأساس للصحافة الكردية بمثابة منعطف تاريخي هام في تاريخ الشعب الكردي المعاصر، إذ تمكن القائمون على تحرير هذه الجريدة من إصـدار 31 عددا على امتداد 4 سنوات وباللغتين الكردية والتركية.وتمت طباعة أعدادها الخمسة الأولى في القاهرة في كل من مطبعتي الهلال وكردستان، وبعد ذلك أصبحت الجريدة تصدر من جنيف بسويسرا ثم عاد إصدارها مرة أخرى من القاهرة، ثم بريطانيا، ثم سويسرا مرة أخرى وهي الأخيرة، حيث صدر من هناك عددها الأخير (العدد 31) لتتوقف بعد هذا العدد نهائيا في العام 1902. وتتالت بعد جريدة «كردستان» الصحف الكردية بالظهور وإن كانت بنسب وبفترات زمنية متفاوتة، إذ ظهرت الكثير من الصحف والمجلات في عموم أرجاء كردستان العراق في مختلف المجالات.
للصحافة الكردية تاريخ حافل من المآثر والمفاخر منذ بدايات انطلاقتها في 22 نيسان عام 1898 الى يومنا هذا، فبعيدا عن الانتقائيات والاحتكام الى نماذج لم تمثل الا نفسها وكيفية ادارتها، اتسمت الستراتيجية الاساسية للصحافة الكردية بشكل عام بالمهنية والسير على خطى المصداقية التي تقتضيها اسس ومبادئ العمل الاعلامي والتي تستوجب الاهتمام بالحقيقية كما هي وليس كما نريد والدفاع عن الانسان بروحية الانسانية وليس النظرة القومية والاثنية والمذهبية.
الصحافة الكردية كانت ولاتزال مرآة لتطلعات الشعوب المضطهدة و الشعب الكردي وأهدافه النبيلة في العيش الزهيد بحرية وإباء، فالكرد هم أصحاب قضية مشروعة وفق الحقائق التاريخية والوثائق الدولية ويناضلون من أجل تقرير مصيرهم ولم ينبروا يوما للاعتداء على حقوق شعوب اخرى ولم يقفوا بالضد من حقوق الاخرين ولم يحملوا يوما راية الانانية وحب الذات حتى ولو على حساب الاخرين، بل كان دوما يؤكدأن الحصول على حقوقه المشروعة يكتمل فقط بنيل الشعوب الأخرى حريتهم وحقوقهم وان اي تهديد او اعتداء على حريتهم ينعكس سلبا على حرية وحقوق الكرد.
انعكاس تلك الستراتيجية في الصحافة الكردية جعلتها في خانة الصحافة المسؤولة والهادفة والمهنية والمدافعة عن الحقيقة والمصداقية ومنبرا للضمائر التي تنادي بالتمسك بالقيم النبيلة والانسانية والابتعاد عن الجهل وثقافة الكراهية ونشر سموم التوحش.
تلك السمات الاساسية في الصحافة الكردية حافز اساسي كي نستذكر بإجلال وإباء يوم الصحافة الكردية في كل عام ونحيي فيه شهداء القلم والفكر النير والروح النضالية وجميع من ساهموا ويساهمون في اغناء وتطوير المسيرة الصحافية في كردستان وفق المبادئ والمهنية الصحفية وكذلك كي نسترعي انتباه الاسرة الصحفية و القراء الاكارم من الاثار الجانبية السلبية التي يفرزها او يفرضها تقدم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وخاصة من حيث سهولة وضع المتلقي والصحفي معا ابداء رايهما بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من المنتديات والمواقع على الانترنت حيث بدون حصر هذه المهمة في قوالب مهنيتها ومصداقيتها بقوانين راقية وديمقراطية سيؤدي الى خلق فوضى اعلامية يصعب فيها انتقاء الحقيقة من الباطل وبالتالي سينعكس سلبا على القيم النبيلة والحقائق والكلمة الصادقة وصولا الى هوية وانتماء الفرد والمجتمع ففيما سهل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مهام الصحافة والاعلام وكذلك الاسرة الاعلامية الا انه اثقل كاهلهم من تبعات استخداماته السلبية خارج سياقات الصحافة المهنية وكيقية الحفاظ على ثقة واهتمام المتلقي من مواطن بسيط وصولا الى النخبة وصناع القرار.
المجد والخلود للصحافة الكردية في ذكراها السنوية الـ(124) وتحية لجميع منابر العمل الصحفي الحر في المنطقة والعالم.
*رئيس تحرير «المرصد