المسرى ..
وفاء غانم ..
بهدف اعطاء الدول المتقدمة الاستمرارية في تطورها، تسعى مؤسساتها جاهدة الى انشاء جيل جديد متسلح بالمعرفة والابتكار من خلال اعطاء الاولوية لشؤون التربية والتعليم، والمنظومة الدراسية عموما.
التعليم وحده لايجدي نفعاً
وكثيرا ما يؤكد علماء ومتخصصون في مجال التربية والتعليم على أن التعليم لا يجدي نفعا إن لم يكن مقرونا بتفكير ذاتي، ولايمكن الوصول الى الاهداف المنشودة من هذا التعليم إلا بحمل الطالب على المشاهدة والمقارنة والتجربة، وهو ما أطلق عليه علماء التربية “التعليم بالتكشيف” الذي يعـد من أنجع الطرق في التدريس.
فالتعليم عن طريق التجارب، والمشاهدات، المعتمد على المحاكاة الذهنية للطلاب هو أساس مبادئ التعليم الحديث، والتعليم عن طريق التجارب والمشاهدات لا يتم إلا من خلال النشاطات المدرسية التي تدعم المادة العلمية التي يحصل عليها الطالب في الصفوف الدراسية.
وفي العراق تختلف حياة المدراس عن دول العالم الاخرى وما يرافقها من فعاليات اجتماعية وعلمية، فأغلب الطلاب فيه يفتقدون الى النشاطات المدرسية التي تساند عملية التعليم وتخلق الشغف للتعلم عندهم ، وتعزز فيهم مبادئ العمل الجماعي التضامني، ليجدوا انفسهم أمام ضغط رهيب، وبالتالي ابتعادهم عن أهم ما يحمله التعليم من أسس.
في مرحلة التلاشي
يقول اساتذة في علم النفس والبحاثة في شؤون الطفل، إن الأنشطة المدرسية بدأت تتلاشى شيئا فشيئا لعدة أسباب أهمها تغير المجتمع العراقي نحو اتجاهات مادية أكثر من شيء آخر، حيث بات الأولياء لا هم لهم سوى تحسين مستوى معيشتهم فقط، ولو على حساب الأبناء، مبينين أن هناك أولياء أكثر حرصاً على أبنائهم من ناحية الدراسة، لكن تبقى الأنشطة اللامنهجية غائبة لدى كثير من العائلات في ظل عدم اهتمام الجهات الوصية والمدرسة.
كان للنشاطات المدرسية ، مكانة رفيعة تعوض الدروس المقدمة لما لها من دور في تنمية معانٍ مهمة لدى التلاميذ كالزعامة والقيادة والانتماء والتعاون والنظام والحب، وغيرها. والسؤال المطروح ، “أين هي جمعيات الطلاب والمسابقات الثقافية والفنية والرياضية، ومخيمات البيئة ونوادي العلوم وغيرها من النشاطات التي تضع التلاميذ على السكة الصحيحة بعيداً من مخاطر الشارع”.
صقل المواهب.. لتفجير الطاقات
النشاطات اللامنهجية تسمح بكشف الميول الفكرية والمهنية للتلاميذ في سن مبكرة، ما يمنح الفرصة للمشرفين عليها بصقل المواهب وإعطائها دفعة قوية لتفجير الطاقات.
ويرى تربويون أن غياب هذه النشاطات خلق فجوة كبيرة بين الطفل والمدرسة، ما أدى إلى ابتعاد كثير من الأطفال عن ساحة التعليم، وهذا ما سيؤثر مستقبلاً على مستواهم العلمي وبناء شخصياتهم في المراحل المقبلة.
ومن ابرز النشاطات المدرسية التي باتت أكثر المدارس تفتقدها، المسرح المدرسي والمختبرات وغيرها .
المسرح المدرسي ..”ابو الفنون”
ويعرف المسرح المدرسي بحسب المتخصصين بأنه نوع من انواع النشاط المدرسي والذي يتخصص بالمسرح، اذ يقدم عروضا تمثيلية فردية أو عن طريق تشكيل فرقة مسرحية أو أكثر من طلبة المدرسة ويقدم عرضا مسرحيا مبنيا على القيم والمفاهيم التربوية والاخلاقية والتعليمية والتعرف عليها وذلك بنشر الوعي الفكري والاجتماعي وبناء جيل جديد بسلوك منظم وبمضامين تربوية واخلاقية.
ومن ابرز العناصر التي يتبناها المسرح المدرسي هو (اللعب) وما لهذا العنصر من اهمية كبيرة في احتواء التلاميذ أو الطلاب وانجذابهم نحو المسرح .
وقد اكدت الكثير من الدراسات والعديد من النظريات على اهمية اللعب في حياة الاطفال إذ تؤكد إن اللعب يشكل حاجة لكل الناس في كل زمان ومكان.
يعد المسرح من أقدم الفنون التي ظل الإنسان مواكبا على ممارستها، فضلاً على أنه مؤشر بليغ على تقدم وازدهاروتطور الامم ، وقد أجمع العديد من المفكرين والأدباء على انه ابو الفنون لقدرته في التأثير على المتلقي.