الانسداد السياسي ليس بحدث غريب ولا مفاجئ فمن يقرأ الواقع السياسي في البلاد يلاحط ان الانسداد السياسي له جذوره التي تكاد ان تكون عميقة، الانسداد السياسي وهو عنوان سياسي يحتاج الى منطلق لابد ان يكون سياسيا، فالسياسة كما تفهم عند العقلاء هي ليست التعامل لمعالجة المشكلات القائمة فحسب انما هي يفترض ان تكون التعامل لمواجهة المشكلات القادمة ايضا، فعندما تكون هناك قضية محددة يفترض على الساسة التعامل مع القضية لوضع حل لا يؤدي الى مشكلات اكبر من المشكلة القائمة.
عامر فياض: يجب تمكين المعارضة عند تشكيل حكومة أغلبية
ما بعد استقال حكومة عادل عبدالمهدي رُسم للواقع العراقي 3 مشاهد اولها احتمالية وقوع انقلاب عسكري وتم ترديد ذلك في تلك الفترة واتصور حتى الأمريكيين لم يكن لديهم مانع ان كان الانقلاب تحت تصرفهم.
اما المشهد الثاني فهو الفوضى وان يبقى الحال على ما هو عليه حتى لو وصل الأمر الى الحرب الأهلية، اما المشد الثالث فهو مشهد الانتخابات المبكرة، مشيرا الى ان تم اختيار مشهد الانتخابات المبكرة.

وأضاف ان الانتخابات لابد لها من مخرجات وظهرت المخرجات والمشكلة الجديدة في هذه المخرجات انه بعد كل انتخابات سابقة كان هناك 3 وظائف يمارسها مجلس النواب المنتخب وهي اختيار رئيس مجلس النواب واختيار رئيس الجمهورية واختيار المكلف بتشكيل الحكومة، مشيرا ان ما حصل بعد الانتخابات انه يبدو ان توافقا حصل لاختيار رئيس مجلس النواب وتم الاختيار، لافتا الى ان في السابق كان حل الوظيفة الاولى وهي انتخاب رئيس مجلس الوزراء يؤدي الى حل الثانية وهي اختيار رئيس الجمهورية، مشددا على انه في السابق حين كانت تحل العقدة الاولى وهي انتخاب رئيس مجلس النواب كانت تحل عقدة انتخاب رئيس الجمهورية والمكلف بتشكيل الحكومة، امام الجديد هذه المرة انه عندما حلت العقدة الاولى وبقيت العقدة الثانية غير محلولة وهذا سينسحب على العقدة الثالثة وهنا قمنا نسميه بالانسداد السياسي.
وتابع الدكتور عامر فياض بأنه ان تم تجاوز عقدة انتخاب رئيس الجمهورية فإن عقدت انتخاب رئيس الوزراء محلولة، مشددا على ان العقدة الثانية مركبة وتقف على توافق البيت الكوردي بطرفيه الرئيسيين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، معربا عن اعتقاده بأنه ان حدث التوافق بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي فلن تكون هناك عقدة ثالثة لتشكيل الحكومة سواء كانت توافقية او حكومة أغلبية.
عامر فياض: نفتقد لرجالات الدولة ويجب تغليب الاستحقاقات الوطنيةعامر فياض: ساسة العراق لا يحلون المشكلات بل يرحلونها
وفيما يتعلق بالأقرب للواقع بالنسبة لشكل الحكومة اوضح الدكتور عامر فياض انه يرى في حال كانت الحكومة حكومة أغلبية وطنية فلابد ان تكون هناك معارضة خاصة وان الدستور يؤكد ان النظام برلماني وفيه تكون الحكومة أغلبية والمعارضة تقابلها، لافتا الى انه واقع الحال في العراق ان علوية التوافق اعلى من العلوية الدستورية حتى وان كانت السياقات الدستورية صحيحة، مشددا على ان الدستور لا يشترط ان تكون الحكومة توافقية وما ينسجم مع حكومة الأغلبية هو ان تكون هناك معارضة.

واضاف الدكتور عامر فياض أنه لابد ان يكون هناك تمكين لمن يكون في المعارضة والا يكون مقيدا في محاسبة الحكومة من خلال مجلس النواب، لافتا الى ان النواب المستقلين لايشكلون كتلة ضمن مجلس النواب رغم ان لديهم ناخبون اكثر من مليونين وهو رقم اكبر ممن صوتوا للتيار الصدري، مشددا على ان تمكين المعارضة ليس وعدا بل فعلا، لافتا الى ان اللجان النيابية تفتح باب محاسبة الحكومة وحين تكون رئاسة هذه اللجان من كتلة الاغلبية والحكومة حكومة أغلبية فمن يحاسب من؟ فلا يجوز ان تكون الكتلة التي شكلت الحكومة قاضيا وخصما في الوقت ذاته، موضحا ان الكتلة التي تريد حكومة أغلبية عليها فتح باب اللجان للمعارضة لتكون قادرة على محاسبة الحكومة.
وفيما يتعلق بالنواب المستقلين وطرح المبادرات السياسية تشكيل الحكومة لهم قال الدكتور عامر فياض ان هناك من يعتبر ما تضمنته المبادرات توريطا للمستقلين، متسائلا هل للمستقلين رقم موحد ومنظم؟، مضيفا ان الجواب كلا، فلو كانوا منظمين لكانت اصوات المليوني ناخب منحتهم اكثر من 70 مقعدا في مجلس النواب وليس 40 مقعدا وهذا يفسر غياب التوافق والتنظيم فيما بين المستقلين، مشددا على ان هناك شكوك كثيرة على قدرة المستقلين على ادارة الدفة في المرحلة الراهنة.
ويرى الدكتور عامر فياض بأن المواطن لم يعد يهتم بمن يشكل الحكومة فهو يريد برنامجا حكوميا بنقطة واحدة واقعية بعيدا عن البرامج التي بها أحلام وردية، مشددا على ان الواقعية تقول ان برنامج الحكومة المقبلة في نقطة واحدة وهي ايقاف التدهور في كل شئ.
واضاف ان هناك عوق بالاولوليات ففي اي نظام سياسي في العالم حينما حينما يتعلق الأمر بالاستقلال السياسي فهذا يسمي استحقاق وطنيا ولا خلاف عليه مهما كانت الاطراف مختلفة ولا يجوز التلاعب بلقمة المواطن فلا يجوز ان يعمل طرف سياسي على تسقيط طرف آخر حين يقدم مشروعا في خدمة الجميع، مؤكدا اننا لم نرتقي الى المستوى المطلوب فيما يتعلق بالمعارضة والمساندة.
وشدد الدكتور عامر فياض على ان هناك وفرة في السياسيين في العراق لكننا لا نمتلك رجالات دولة، مبينا ان رجل الدولة يفكر بطريقة فيها اولويات ويفرق بين الاستحقاق الوطني والاستحقاق الجهوري، فعندما تتعارض الاستحقاق الجهوية مع الاستحقاقات الوطنية يفترض ان تكون الغلبة للاستحقاقات الوطنية.
وعن دور قانون الانتخابات في تعزيز مراكز القوى السياسية وتأثيره على العملية السياسية اوضح الدكتورعامر فياض ان الانظمة الانتخابية تكون ما بين نظام القوائم والنظام الفردي، لافتا الى ان نظام القوائم يكون ناجحا في مجتمعات تكون الحياة الحزبية فيها ناضجة اما النظام الفردي يكون في حياة حزبية ناضجة وغير ناضجة، لافتا الى ان من الممكن ان يلعب صاحب المال والقوة في نظام الدوائر المتعددة وهذا ما حصل لدينا، مبينا انه يرى ان النظام الفردي لا يخدم والانسب هو اجراء انتخابات بالنظام المزدوج فالعراق مبعثر ويراد له نظام انتخابي يلملمه لا يبعثره.
ويرى الدكتور عامر فياض ان الساسة في العراق لا يحلون المشكلات بل يرحلونها، مشددا على ان الغاية من تطبيق نظام انتخابي مزودج هو لملمة البعثرة الموجودة في العراق.
