محمد البغدادي
الانتخابات التشريعية المقررة إجرائها أواخر العام الحالي مهددة بالتعطيل ، نظراً لغياب الغطاء القانوني ( المحكمة الاتحادية ) بعد إعلان النتائج.
ويرى مراقبون للشأن السياسي والاقتصادي والقانوني في العراق أن استقالة أعضاء المحكمة الاتحادية في الوقت الحساس الذي تمر به البلاد والمنطقة أمر في غاية الخطورة، كونها تعقد المشهد السياسي والاقتصادي من جهة ، صلاحيات حصرية.

الخبير القانوني فيصل الجبوري أشار للمسرى إلى ان “المحكمة الاتحادية تمتلك صلاحيات لا تمتلكها أي محكمة أخرى في البلد، وذلك بموجب المادتين 93 و94، ومن إحدى صلاحياتها هو الإشراف على الانتخابات سواء أكانت انتخابات نيابية أم انتخابات مجالس المحافظات أم أي انتخابات اخرى تجرى في العراق”، مبينا انه “بدون المحكمة الاتحادية وبدون مصادقتها على نتائج الانتخابات لا يمكن الاعتراف بنتائجها او إجرائها، إذن هم تعطيل للعملية الديمقراطية، أضف إلى ذلك أن من مهام المحكمة الاتحادية النظر في دستورية القوانين الصادرة من السلطة التشريعية وايضا الدعاوى الموجهة ضد رئاسة الجمهورية، حيث هي سلطة محصورة بالمحكمة الاتحادية فقط”. حسب تعبيره
ضغط غير مبرر
ومن جانبه أوضح المحلل السياسي جميل المياحي للمسرى أن “تقديم قضاة المحكمة الاتحادية لاستقالاتهم سببها قضية ( خور عبد الله ) كما أُعلن عنه في حينه، كونهم لا يريدون المساس بحق العراق في هذا الملف، مقابل الضغط الحكومي عليهم الذي يتنافى مع مسألة فصل السلطات، سيما وان المحكمة هي سلطة محمية بقوة الدستور، لذلك لا يحق لأي كان مهما كان منصبه في الدولة أن يتدخل في عمل السلطة القضائية”،مؤكدا أن “عمليات الضغط التي تمارس على المحكمة هي عمليات غير مبررة وخصوصا في هذا الوقت الحساس الذي تمر به المنطقة، وأيضا نحن مقبلون على انتخابات تشريعية، لذلك ليس من المنطق أن يتم الضغط على المحكمة ليقدموا استقالاتهم”.
فراغ قانوني
وبين أنه”لو استقال القضاة، من سيراقب التشريعات والقوانين ؟ ومن سيحل الإشكاليات الحاصلة مع إقليم كردستان ؟ والميزانية التي يجب إقرارها وغيرها، وكلها بحاجة الى توقيع ومتابعة قضاة المحكمة”.
خلافات متراكمة
وقدم تسعة قضاة من أعضاء المحكمة الاتحادية العليا في العراق استقالاتهم، احتجاجا على آلية إدارة المحكمة نتيجة خلافات متراكمة بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية تتعلق بقضايا متفرقة وعلى رأسها قضية النزاع على خور عبد الله.
بدوره ، حذر الباحث في الشأن السياسي الدكتور حسن درباش العامري من التدخلات السياسية في عمل المحكمة الاتحادية، مشددا على ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات في البلاد.

وقال العامري خلال استضافته في برنامج شؤون عراقية،”أعتقد بأن النظام الديمقراطي في العراق يعاني في الوقت الراهن وبشكل كبير، ويتجه باتجاهات بعيدة عن المعنى الحقيقي للديمقراطية”، مشيرا إلى أن الدستور ، أكد “أن المحكمة الاتحادية معنية بالمصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية ولا تعتبر الانتخابات حقيقية بدون مصادقتها.”
وأعرب العامري عن اعتقاده بوجود تدخلات من جهات سياسية بعمل المحكمة الاتحادية من أجل مصالح سياسية خاصة بعيدة عن المصلحة الوطنية العامة، مشددا على أن الالتزام بالدستور مهم جدا فهو القانون الاول للبلاد، مؤكدا أن بقاء الدول وتطورها يكمن في الالتزام بدساتيرها وقوانينها.

وكشفت ( وثيقة ) منسوبة لرئاسة الجمهورية الأحد 22/6/2025 عن رد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، على دعوة رئيس المحكمة الاتحادية العليا عقد اجتماع يضم أطرافاً سياسية من أجل مناقشة إشكالات قانونية.
وأكد رئيس الجمهورية”أن هذه الدعوة تتعارض مع مبدأ استقلالية المؤسسة القضائية الوارد في المادة 87 من الدستور”.

وأوضح رئيس الجمهورية،” أن هذه الدعوة تفتح المجال واسعا للتدخل بالشأن القضائي، مقترحا أن تتوجه الدعوة لانعقاد مجلس القضاء الأعلى لمناقشة تلك الخلافات بما يضمن استقلال مؤسسة القضاء.”
وجدد مستشار رئيس الوزراء للشؤون الدستورية حسن الياسري ،الدعوة لتعديل الدستور مستقبلاً وإلغاء النص الدستوري المتعلق بوجوب مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات.
وأوضح الياسري في تصريح صحفي ،أنه” لا فائدة من هذه المصادقة لسببين أولهما شكلية لا تنصرف إلى المضمون والآخر المفوضية تتمتع بالاستقلالية التامة وتستعين بلجان قضائية في عملها.

وأشار الى ،أنه “لا تأثير مباشراً لاستقالة أعضاء المحكمة الاتحادية العليا كلهم أو بعضهم في إجراء الانتخابات النيابية المقبلة.
وبين أن الانتخابات النيابية المقبلة يمكن إجراؤها من الناحية الدستورية المجردة في وقتها المحدد ولا طعن في شرعيتها.
وأردف بالقول “لا تأثير لهذه الاستقالة مباشراً أو غير مباشر في بقاء الحكومة وشرعيتها أو في استمرار عمل مجلس النواب وشرعيته”.

والمح الى أنه بالإمكان الخروج من هذا المأزق وحل المشكلة عبر ثلاثة آليات الأولى تتمثل برجوع المستقيلين عن استقالتهم والثانية تتمثل باستقالة الأعضاء الآخرين لغرض تنفيذ المادة الأولى من قانون تعديل قانون المحكمة الاتحادية والثالثة قيام مجلس النواب بتعديل القانون بغية إعادة تأليف المحكمة من جديد.

وبحسب جدول أعمال المحكمة الاتحادية، كان مقررا أن تعقد جلسة خاصة لإصدار امر ولائي يتعلق بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر أيار الماضي، لحين البت في الدعوى المقدمة الى المحكمة من قبل عدد من موظفي إقليم كردستان. منذ ذلك الحين.




